أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
طقس لطيف نهاراً وبارد ليلاً مع احتمالية لأمطار متفرقة في المناطق الغربية آثار سلبية محتملة على سوق العمل بعد وقف إعفاءات السوريين فريق مكافحة الإرهاب المائي يحصد لقب “المحارب المائي” في ختام منافسات الكتيبة الخاصة/71 عشيرة أبو سنيمة تنشر صور أبنائها الذين قتلوا أبو شباب - بيان (خضرجي) يقتل أجيره في الأزرق .. جريمة مروعة وقعت صباح اليوم - تفاصيل تعديل المرحلة الثانية من خطة ترمب .. هل ينقذ وقف النار بغزة؟ البكار : 6 آلاف عاملة هربت من منازل الأردنيين الأردن .. القضاة: 284 ألف زائر لمهرجان الزيتون الوطني حتى الخميس يديعوت: مقتل ياسر أبو شباب بضرب مبرح من عناصر داخل عصابته الاستراتيجيات الأردني يصدر تقريراً عن فرص الاستثمار في الاقتصادات الآسيوية زعيم الطائفة الدرزية في (إسرائيل) ينتقد حماية ترمب للشرع النشامى يترقبون قرعة كأس العالم 2026 في أول مشاركة تاريخية للمونديال قصف إسرائيلي على ريفي درعا والقنيطرة في سورية نقيب المقاولين: طرح الثقة بمجلس النقابة "غير قانوني" في اجتماع السبت هيئة النزاهة: استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد الرئيس اللبناني: هدف المحادثات مع إسرائيل تجنب شبح حرب ثانية أسعار الغاز الطبيعي تصل إلى أعلى مستوياتها في ثلاث سنوات من السجن إلى الملعب .. لاعب برازيلي يخوض النهائي بسوار المراقبة ميدالية برونزية لمنتخب التايكواندو في بطولة العالم تحت 21 عاما الأرصاد العالمية: 2024 العام الأكثر حرارة في الوطن العربي
الصفحة الرئيسية آراء و أقلام عندما أصبحت " المِكْنَسَةُ " اداة...

عندما أصبحت " المِكْنَسَةُ " اداة للنضال والمقاومة

16-07-2025 09:59 AM

مهدي مبارك عبد الله - تعتبر الأداة المستخدمة في النضال والمقاومة وخاصة في سياق المقاومة الفلسطينية متعددة الأوجه وتشمل مجموعة واسعة من الأساليب والوسائل وهذه الأدوات لا تقتصر على الأسلحة التقليدية بل تتجاوزها لتشمل أدوات ثقافية واجتماعية وإعلامية وحتى رمزية مثل توظيف العلم والشعار والزي وغيرها

قواعد العمل الامني الإسرائيلي ترتكز على ثلاثة أجهزة أساسية هي الشاباك المتخصص بالاستخبارات الداخلية وأمان بالاستخبارات العسكرية والموساد بالاستخبارات الخارجية ويتبع لها عدة اقسام ووحدات فرعية مختلفة اهمها وحدة التجسس الشهيرة 8200 وفي ذات السياق لا يخفى على احد ان كيان الاحتلال يمتلك قدرات وأجهزة استخبارية قوية لكنها ليست عملاقة أو لا تقهر كما تحاول تصوير وترويج نفسها في كل المنطقة والعالم بالقول ( أنهم مهما فعلوا فلن يتمكنوا من التفوق علينا ) ببساطة شديدة يعلم الجميع أنه لولا الدعم الأمريكي والغربي والدولي المستمر لإسرائيل لما تمكنت أجهزة استخباراتها من تحقيق العديد من النجاحات المتميزة خصوصًا الأخيرة منها في كل من غزة ولبنان وايران

خلال حرب الأدمغة المشتعلة بين جيش الاحتلال والمقاومة ظهرت عدة اساليب استخباراتية لافتة حيث كشفت مؤخرا صحيفة “ يسرائيل هيوم” النقاب عن خطة مدروسة وغير تقليدية وضعتها حركة المقاومة الإسلامية حماس لاختراق إحدى أخطر وأهم وحدات التجسس الإلكتروني الإسرائيلية وهي الوحدة 8200 وفي وقت اعتاد فيه الرأي العام بالحديث عن المواجهات العسكرية المباشرة بين المقاومة الفلسطينية وقوات الجيش الإسرائيلي فإن ما كشف في غزة هذه المرة يؤكد أن المقاومة تمتلك رؤية أمنية منظمة ومعقدة تستخدم فيها تكتيكات استخباراتية جريئة تعتمد على الهندسة الاجتماعية والتسلل عبر ما يبدو أنه عمل روتيني لا يثير الشبهات او الخوف عبر المشاركة في مناقصة للحصول على عطاء للقيام بأعمال النظافة في مكاتب اسرائيلية حكومية

بحسب ما ورد في الصحيفة العبرية ان قوات الجيش الإسرائيلي العاملة في قطاع غزة خلال احدى عملياتها العسكرية عثرت على وثائق تؤكد أن حركة حماس كانت تتابع بشكل دقيق اعلانات مناقصات العقود الصادرة عن وزارة الدفاع الإسرائيلية عبر شبكة النت حيث استهدفت مناقصة لخدمات التنظيف تخص إحدى قواعد الوحدة 8200 وهو ما يشير إلى القدرة الاستخباراتية العالية لدى المقاومة وإلى الفشل الأمني المزدوج داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية

ما عثرت عليه القوات الإسرائيلية في غزة لم يكن مجرد أجهزة حاسوب أو أوراق مبعثرة بل هي وثائق عامة ومواد استخباراتية حساسة تؤكد أن اجهزة حماس كانت على علم مسبق بتفاصيل المناقصة التي طرحها الجيش الإسرائيلي لأعمال خدمات التنظيف في منشأة استخباراتية ذات اهمية بالغة

خطورة المحاولة تكمن في أنها استهدفت وحدة 8200 التي تعرف بدورها المحوري في عمليات التجسس الإلكتروني والعاملون فيها على اعلى مستويات الاعداد والتدريب ويتحدثون اللغات العربية والفارسية وعدة لغات اخرى وقد أدركت حماس الأهمية الاستراتيجية لهذه الفرصة وبدأت على الفور في الإعداد لاستغلالها كنقطة دخول محتملة للوصول إلى عمق واحدة من أكثر القواعد سرية وتحصينً وكانت الخطة تهدف إلى استخدام عقد التنظيف كحصان طروادة إما لزرع عملاء بشكل مباشر داخل القاعدة أو لجمع معلومات استخباراتية دقيقة عن طبيعة عملها وتحركاتها وأنظمتها الأمنية من خلال عاملين يتوجهون من خلالها ويخضعون لسيطرتها

تخطيط حماس المتقدم لأبرام عقد النظافة ابرز عدة ثغرات أمنية خطيرة في المنظومة الإسرائيلية من بينها اعتماد الجيش الإسرائيلي على مقاولين مدنيين في منشآت امنية حساسة كما أظهر الفشلً المستمرً في التنسيق الأمني المشترك وتبادل المعلومات وتقييم المخاطر داخل المؤسسات الأمنية في ظل استمرارها نشر مناقصات علنية تحتوي على تفاصيل امنية تستفيد حماس منها في محاولاتها لتعزيز مكانتها وسمعتها كقوة مقاومة فاعلة

حركة حماس رغم كل التصريحات والتحليلات الاعلامية والعسكرية لم تصدر أي بيانً رسمي حول الحادثة التي تضمنت في تفاصيلها تقديم عرض رسمي للفوز بالمناقصة ومن ثم إدخال أفراد مدربين تحت غطاء عمال نظافة إلى موقع يعد من بين الأشد سرية في المنظومة الأمنية الإسرائيلية حيث دفع هذا الاكتشاف المفاجئ الجيش الإسرائيلي إلى إلغاء المناقصة فورا وزيادة مستوى الإجراءات الاحتياطية في بروتوكولات الأمن ومنع أي إعلانات عسكري مشابه بالإضافة فرض قيود جديدة على نشر المعلومات عبر الإنترنت كما أمرت قيادة الأركان بتشديد الإجراءات الخاصة بالفحص والتدقيق الامني على جميع العاملين في نظام العقود المدنية داخل المنشآت العسكرية

المحاولة الحمساوية الجريئة والمحسوبة للتسلل إلى وحدة الاستخبارات الأكثر نخبوية في إسرائيل والتي أشادت إسرائيل بنجاحاتها الكبرى في الحرب ضد حزب الله وإيران تأتي في وقت خطير وحساس تمر فيه هذه الوحدة بأعمق أزماتها منذ تأسيسها حيث كشف تقرير سابق لموقع أكسيوس الأميركي أن ثلاثة ضباط كبار سابقين في الوحدة وصفوا وضعها الداخلي بالانهيار المهني وأن كثيرًا من المنتسبين الجدد لها لا يمتلكون المهارات الاستخباراتية الأساسية المطلوبة

بعد كشف هذه الخطة تزايد التركيز بالحديث عن اخفاق الوحدة الذريع في التنبؤ بهجوم طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023 الذي شكل ضربة قاصمة لمنظومة الاستخبارات الإسرائيلية بشكل عام والذي ادى الى استقالة قائد الوحدة اللواء يوسي شارييل في سبتمبر 2024 على خلفية فشله في تقديم إنذار مبكر عن الهجوم وهو ما يزيد التأكيد على ان حجم الفجوة التي تعيشها المنظومة الأمنية الإسرائيلية وخاصة في مجال الاستخبارات التقنية التي تعتبر الوحدة 8200 رأس حربتها المتقدمة يتوسع بدون متابعة او اهتمام من قبل الجهات العليا في وزارة الدفاع واركان الجيش

الامر الاخطر عند التدقيق في حيثيات هذه القضية يتمثل في اعلان الجيش الإسرائيلي في منتصف مارس/ آذار 2024 أن حماس تمكنت من إنشاء خوادم معلومات وأجهزة اتصال متقدمة تحت الأرض في قطاع غزة واستخدمت وسائل تقنية لاختراق كاميرات المراقبة الإسرائيلية المدنية والعسكرية ما يؤكد أن المقاومة الفلسطينية في غزة لم تعد مجرد مجموعة فصائل مقاتلة تدافع عن نفسها بالأساليب التقليدية بل باتت أطر وهياكل منظمة تملك أدوات أمنية وفنية توازي في بعض وجوهها مؤسسات الدولة الحديثة

يبدو ا ن عناصر حماس اعدوا خطتهم بعناية فائقة وجمعوا معلومات كاملة عن موظفي التنظيف المحتملين لتجنيدهم داخل شركات التعاقد المدني وفي الحقيقة المجردة ان مجرد التفكير في متابعة اعلان مناقصة تنظيف لاختراق منشأة عسكرية حساسة يعكس تحول مهني نوعي في أدوات المقاومة الاستخباراتية وان استهداف هذه الوحدة بالتحديد كان يهدف إلى شل قدرات إسرائيل الاستخباراتية كما يظهر رغبة حماس في تحقيق مكاسب استخباراتية تُقوض التفوق الإسرائيلي ما يشعر اسرائيل انها امام مقاومة ذكية بموازاة جيش مرتبك

هذا الحدث التكتيكي الجديد يتقاطع مع تقارير سابقة عن استهداف حماس لكاميرات المراقبة وهواتف الضباط والجنود الاسرائيليين من خلال حسابات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي والصفحات الالكترونية المزيفة أقامها نشطاء حماس واستخدمت فيها لغة عبرية عالية المستوى وجرى توظيفها لاحقا عبر عملاء مزدوجين لتضليل الاستخبارات الإسرائيلية قبل بدء عملية طوفان الأقصى المجيدة

على الرغم من فشل الخطة في تحقيق هدفها النهائي فإن مجرد اكتشافها أطلق موجة من الخوف والقلق داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لما تحمله من مؤشرات على تآكل القدرات الأمنية التي طالما افتخرت بها إسرائيل لا سيما فيما يتعلق بوحدة 8200 التي يُنظر إليها كعقل إسرائيل الاستخباراتي الإلكتروني وجوهرة التاج في المنظومة الاستخباراتية لكيان الاحتلال والمركز الاساسي لتشغيل كل ما له علاقة بالتجسس والتصنت وتحليل الإشارات والمعطيات الرقمية حيث يُقارن دورها داخل جيش الاحتلال بوكالة الأمن القومي الأمريكية في وزارة الدفاع الأميركية

تاريخيا وفي مجال الاختصاص العسكري تأخذ الوحدة 8200 على عاتقها مهمة جمع المعلومات الرئيسية إضافة إلى تطوير أدوات جمع المعلومات وتحديثها باستمرار مع تحليل البيانات ومعالجتها وإيصال المعلومات إلى الجهات المختصة وكثيرا ما شاركت هذه الوحدة ومارست عملها من داخل مناطق القتال المختلفة

هذه الحادثة اظهرت كشفت مدى التطور النوعي في أساليب المواجهة التي تتبعها حركة حماس وتحديدًا جناحها الأمني الذي برهن على أن المعركة مع الاحتلال لم تعد تقتصر على ساحات المعارك المباشرة فحسب بل دخلت إلى غرف التحكم السرية والحساسة عبر أدوات مبهرة وطرق غير متوقعة كما انتقلت إلى دور استغلال الثغرات البيروقراطية والمدنية في بنية الاحتلال الأمنية شديدة التعقيد وسلطت الضوء على حقيقة ثابتة بأن أكثر المنشآت العسكرية تحصيناً قد تكون عرضة للاختراق ليس عبر القوة العسكرية المباشرة فقط بل ومن خلال أبسط واجهاتها مع العالم الخارجي كعقد تنظيف منشور على الإنترنت وفي المقابل اظهرت الجيش الإسرائيلي بما في ذلك وحداته النخبوية بانها عاجزًا عن مواكبة التحديث والتغير وفاقدًة للمبادرة والمرونة في السعي لتأمين جبهتها الداخلية

اذا ما يفهم هنا ان محاولة اختراق منشأة الوحدة 8200 بواسطة عقد تنظيف لم تكن مجرد قصة تجسس بطولية كلاسيكية بل كانت نموذج لحرب غير متماثلة تديرها حماس بعقل أمني ودهاء تكتيكي تستغل فيها نقاط ضعف الخصم الإجرائية والتقنية وهي تؤكد مرة أخرى أن المقاومة الفلسطينية لم تعد فقط تطلق الرصاص والصواريخ وتزرع الالغام والعبوات بل أصبحت تقرأ السجلات وتحلل المناقصات وتخترق المنظومات والرسالة الأهم في هذه المحاولة الجريئة التي أرادت حماس إيصالها للاحتلال هي اننا لسنا أقل ذكاءً منكم وسنصل إليكم حتى عبر صناديق القمامة

أخيرًا علينا جميعًا أن نتذكر أنه قبل ٥١ عامً من اليوم وفى ٦ أكتوبر١٩٧٣ وجهت المخابرات المصرية ضربة قاضية إلى المخابرات الإسرائيلية فى حرب أكتوبر المجيدة ثم جاءت ضربة ٧ أكتوبر من العام قبل الماضي مما يعزز ثقة المقاوم العربي بنفسه ان هذا الكيان واجهزته الامنية قابلة للاختراق وليست أسطورية كما تزعم

كاتب وباحث مختص في الشؤون السياسية
mahdimubarak@gmail.com








تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع