أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
الاحتلال الإسرائيلي يبدأ المرحلة الثانية في رفح الأردن يطالب بإجراء تحقيق دولي في "جرائم حرب كثيرة" مرتكبة في غزة طالب إربد المتوفى .. النقل البري توضح بشأن الحافلة الأونروا: إسرائيل عذبت موظفينا لتنتزع منهم اعترافات "الحوار الوطني" في الأعيان تناقش توصيات مؤتمرها الشبابي الثاني انطلاق ورش العمل الخاصة بالطاقة المستدامة والعمل المناخي في البلديات مؤسسات حقوقية تدين جريمة الاحتلال بتدمير عيادة على رؤوس النازحين الصحة العالمية : التوصل لاتفاق مبدئي بشأن مكافحة أوبئة المستقبل المواصفات والمقاييس تستضيف فعاليات التجمع العربي للمترولوجيا مياه الأعيان تُناقش آليات سير مشاريع القطاع الاحتلال يحاصر مستشفى العودة في شمال غزة غزة: رصيد الأدوية والمستلزمات الطبية صفر البلقاء التطبيقية تشارك الجيش في إنزال المساعدات على غزه- صور مصدر يكشف موعد انطلاق أولى قوافل الحجاج الأردنيين إسرائيليون متطرفون يعتدون على شاحنات تنقل مساعدات لغزة الأراضي تطلق خدمة تقديم طلبات البيع إلكترونياً في الزرقاء واربد الأردن بالمرتبة الثانية عربياً بتكلفة سعر الديزل بورصة عمان تغلق تداولاتها على انخفاض الصحة: أعداد مراجعي أقسام الطوارئ بسبب الأمراض التحسسية غير مقلقة فصل التيار الكهربائي عن مناطق في بني كنانة غدا
الصفحة الرئيسية مقالات مختارة ما أحوجنا الى حوارات أردنية على منوال "مناظرات...

ما أحوجنا الى حوارات أردنية على منوال "مناظرات الدوحة"

16-01-2010 02:24 PM

الدوحة - الباحة الداخلية لمقر مؤسسة قطر للتربية والعلوم والتنمية التي ترئسها السيدة الأولى الشيخة موزة المسند تتحول مطلع كل شهر إلى ملتقى فريد في العالم العربي يوفر منبرا لمناقشة آراء وحجج متضاربة حول موضوعات سياسية ملحة وشائكة تهم هذه المنطقة الساخنة.

تحت أنظار جمهور حاشد وعبر شاشة قناة تلفزة عالمية, بدت "مناظرات الدوحة" تمرينا عمليا غير مسبوق لتمكين المواطن العربي من إسماع صوته, وتقبل الرأي والرأي الآخر بعيدا عن التخندق, الشخصنة وتبادل الاتهامات, التخوين أو الشتائم في منطقة غالبية حكامها لا يخضعون للمساءلة والرقابة, ويديرون مجتمعات منقسمة على نفسها حيال لون الهوية وشكل المستقبل في عصر العولمة.

يشارك في كل حلقة من سلسلة المناظرات الدائرة منذ عام 2004 زهاء 350 مدعوا يمثلون مكونات المجتمع القطري كافة من محليين ووافدين. يدير الحوارات تيم سيباستيان, الإعلامي البريطاني المخضرم, ومراسل قناة ال¯ بي.بي.سي سابقا, الذي اكتسب شهرة واسعة مذ كان المحاور الأول في برنامج (هارد توك) أو الكلام القاسي, والذي نال, بفضل انتشاره, لقب المحاور الأفضل لمرتين من الجمعية الملكية للتلفزيون في بريطانيا.

سيباستيان يضمن استقلالية تحريرية ل¯ "مناظرات الدوحة" في عاصمة لا يتوافر لإعلامها المحلي المرعوب هذا الهامش من حرية سقفها يبدو أقرب للسماء.

تستند فكرة المناظرات التي تعرض عبر شاشة ال¯ (بي.بي.سي) الخدمة العالمية ثماني مرات في السنة إلى نهج من زمن سحيق يزيد على قرون جامعة أكسفورد الشهيرة في بريطانيا, صقله سباستيان فبات يركّز على موضوع واحد مثير للجدل في كل حلقة. في السياق يتقابل فريقان من الجمهور بين مؤيد ومعارض لهذه القضية.

وما ان ينتهي بازار عرض أفكار المحاورين ال¯ "مع" وال¯ "ضد" حتى يطرح سيباستيان أسئلته الخاصة والمحرجة على كل واحد من المتحدثين, ليفتح الباب أخيرا أمام أسئلة الجمهور قبل التصويت الكترونيا تأييدا للطرف الأكثر إقناعا.

يحضر المناظرات طلاب جامعات "المدينة التعليمية" في قطر, الذين يمثلون أكثر من 45 جنسية ويتابعون دراساتهم العليا في فروع خارجية لجامعات ومراكز أبحاث أمريكية ودولية تساند هذا المشروع البليوني الطموح الهادف لتعزير مجتمع المعرفة وتحويل قطر المحافظة دينيا وإجتماعيا الى منارة إقليمية لنشر ثقافة الانفتاح والتميز الاكاديمي. كذلك يفد ضيوف من خارج أسوار "المدينة التعليمية" يمثلون المجتمع القطري بألوان طيفه ومختلف أعراقه.

على المقاعد المتراصة والمرتبة على شكل حذوة فرس, تحيط بالمحاور وضيوفه كل من تراه في شوارع قطر. فتيات منقبات وأخريات غطين وجوههن بالكامل, وفئة ثالثة ترتدي الزي الغربي وبنطال الجينز الضيق وال¯ تي شيرت. رجال وشباب يرتدون بدلات داكنة مع ربطات عنق أنيقة, أو دشاديش بيضاء. شعورهم مغطاة بأشمغة وعُقُلْ, عمامات و(طواق) أجنبية كالتي يرتديها الكاوبوي الأمريكي. كرنفال أممي في عاصمة خليجية.

دوليا, فقد استقطبت مناظرات الدوحة جمهورا واسعا عبر شاشة ال¯ بي.بي.سي. التي يتابعها حوالي 300 مليون شخص في 180 دولة.

يوم الثلاثاء كنت بين المدعوين لحضور مناظرة بعنوان: تساؤل الغرب عما إذا كانت الحكومة الأفغانية الحالية برئاسة حامد كرزاي تستحق أن يموت لاجلها هؤلاء العسكريون? خاصة بعد ان اتضحت الرؤية وتكشفت الحقائق عن انتخابات مزورة قبل شهور أتت بسلطة تتسم بالضعف والفساد, تغيب الديمقراطية والاسس الدستورية والاتجار بالمخدرات وعدم العمل على بناء المؤسسات الدستورية, واحترام حقوق الانسان.

دافع عن القضية عضو البرلمان الافغاني الإعلامية شكرية براكزاي, التي يتنبأ لها ساسة في الإقليم بالصعود إلى رئاسة أفغانستان يوما ما, ولورنس كوب, كبير مستشاري وزارة الدفاع الأمريكية. حمل لواء الخندق المهاجم بيتر غالبرايث, نائب مفوض الامم المتحدة الأسبق لأفغانستان, والذي أقيل من منصبه بسبب إنتقاداته المستمرة لأداء الحكومة قبل إيقافه عن العمل في المنظمة الاممية, وميرواس ياسيني, مرشح الانتخابات الرئاسية الأخيرة, ونائب رئيس مجلس النواب الافغاني.

الطرفان برعا في مقارعة بعضهما بعضا. سيباسيتان وضعهما تحت مجهره قبل أن يسمح للمشاركين باستجوابهم وبدء عملية التصويت. حصد معارضو كرزاي 51% من اصوات الحضور مقابل 49% صبت لصالح براكزاي وكوب.

جمهور المناظرات تبنّى في أكثر من حلقة مواقف غير متوقعة, فمثلا أعلنت غالبية كبيرة منهم مرّة بأن المسلمين يخفقون في مكافحة الإرهاب, وأن الفلسطينيين قد يصبحون أعداء انفسهم. غالبية أخرى وقفت ضد قرار إطلاق سراح مفجّر طائرة لوكربي, الليبي عبد الباسط المقراحي العام الماضي, فيما أيد 62% في أحد الحوارات قرارا يعطي الحق للمرأة المسلمة إختيار الزوج الذي تريد, وطالب 55% بإحالة الرئيس السوداني عمر البشير لمحاكمته أمام محكمة الجنايات الدولية رغم اعتراض جامعة الدول العربية على ذلك الطلب.

الأهم أن هذه الحوارات وفرت منصة لجيل جديد من الجامعيين, قطريين وعرب في حرم "القرية التعليمية" للإدلاء بآرائهم بحرية ومسؤولية.

في خلفية المشهد المحلي حاكم يحاول المحافظة على التوازنات الحساسة على وقع الشد القائم بين مدرستين متناقضتين في مجتمع محافظ, واحدة متدينة منغلقة, والأخرى تتبنّى نهجا تدريجيا ل¯تأهيل البلاد نحو التعامل مع العولمة وتجنيب العباد قفزات سريعة غير مدروسة قد تقود الى المجهول او تمس الهوية الثقافية والسياسية.

الجلسة الحوارية الأخيرة يوم الثلاثاء, انتهت بتصويت الكتروني لصالح من يرى حججا مقنعة لإبقاء الدعم الدولي لحكومة كرزاي, الذي فاز خريف العام الماضي في إنتخابات شابها التلاعب بإرادة الشعب عبر عمليات تزوير واسعة مارستها السلطة مقابل تهديد تنظيم الطالبان الارهابي بمعاقبة كل مشارك في عملية التصويت.

في الحلقة التي سبقتها, صوت 62% من الحضور لصالح تجربة دبي في الانفتاح الاقتصادي الرأسمالي من دون قيود رغم أزمة التعثر المالي الأخير التي دفعت أبو ظبي لتوفير منحة قدرها 10 مليارات دولار لمساعدة شقيقتها دبي على تدبير قروضها المتراكمة. تلك النتيجة جاءت مغايرة لسؤال تلك الحلقة: "هذا المنبر يعتقد أن نموذج تجربة دبي غير صالح"?

لكن مشوار مناظرات الدوحة لا يخلو من مطبّات.

أسرة البرنامج اضطرت لتغيير أسماء بعض المشاركين الاماراتيين خمس مرات نتيجة ضغوط مورست عليهم من أجل عدم المشاركة في هذه الحلقة, بينما قاطعت تغطيتها غالبية وسائل الاعلام الاماراتية.

عشرات من الطلاب المشاركين, بعضهم من المواظبين على الحضور, يؤكدون أهمية هذه التجربة في تعليمهم عدم الحكم على قضية ما بطريقة "عفوية, عاطفية, اعتباطية, وعدم قبول الأفكار المعروضة عليهم مباشرة من دون طلب براهين وأدلّة وحجج مقنعة تمهيدا لتحكيم العقل".

في مجال تقييم التجربة, يقول سيباستيان في مقابلة مع "العرب اليوم" إنه لمس تحولا كبيرا في نمط المشاركة منذ أطلق الحوار قبل ست سنوات. "الشيء اللافت أن ثقافة التناظر تمد جذورها في الأرض لأول مرة في هذه المنطقة منذ قرون".

حين لمعت الفكرة, يضيف سيباستيان,"قررت العودة الى الوراء الى زمن كان فيه الإسلام المحرك الفكري للعالم... عندما كان الناس من مختلف الافكار والديانات يجتمعون ويتحاورون. أردت ان اؤكد ان المناظرات ليست بدعة غربية لكنها جزء من عادات سكان منطقة الشرق الاوسط".

"في مناظراتي, يحق للناس التوافق على الاختلاف فيما بينهم, لكي تحل المواجهات بطريقة سلمية في عالم اليوم حيث الكلمة هي السلاح الوحيد المقبول. لم تعد القضية "Zero sum game" نقطة الصفر, حيث يحصد الرابح كل شيء ويفنى الخاسر".0





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع