مليش فيها .

يجلس ويراقب ويتابع كل خطوة تتم في القصة التي يحيكها غيره من الناس ويحرص على اعطاء ملاحظات غير مفصلية أو مهمة ويستمر في المراقبة وهو يأتي ويذهب وينتظر ويعد الايام كي يعرف النتائج لهذه القصة ، وعندما تنجح يبدأ في ذكر المواقف التي طرح بها فكرة أو وجه أحدهم نحو شيء ما في اجزاء القصة ويعيد ويزيد في طرح ملاحظاته التي قدمها ويستند بذلك على مواقف الأخرين وكلامهم الذي يقترب من كلامه وموقفه اللذان بناهما على ما طرحه الأخرين وكل ما قام به هو تعزيز الفكرة أو الموقف .
وفي النهاية يصبح هو جزء مهما في نجاح القصة التي يتغنى بها الجميع ويبذل جهدا كبيرا كي يتصدر المجالس ويقترب من جوار من كان لهم دورا مهما رئيسيا في نجاح القصة ، بل تجده يستند في روايتة خارج مكان القصة إلى كلامهم ويحرص على ذكر التفاصيل والتواريخ التي قالوها وهو لم يكن أكثر من مستمع ويمارس هز رأسه في كل كلمة تقال سواء ايجابا أو سلبا ، وبدون مقدمات يقوم بإقتباس بعض الجمل من هنا أو هناك ويعيد صياغتها بما يتناسب مع لغته ومستوى ثقافته التي يصعب تجاوزهما نتيجة لمعرفة الأخرين بهما على مدار سنوات طويلة جدا .
وبعد سنوات من تسجيل الأمجاد ونقل القصة من جيل إلى جيل يصبح " صاحبنا " هو البطل الرئيسي للقصة ومحاروها الأساسية وينتقل ويحاك حوله الكثير من القصة المرادفة ويتم الاستشهاد به كونه ممن عاصروا تلك القصة في زمن ما ، ويؤخذ بكلامه كمرجعية تاريخية للقصة ويستمر الموقف إلى أن يكتشف أحدهم أن القصة بجميع تفاصيلها تمثل كارثة كبيرة ولم تكن يوما قصة نجاح أو بطولة بل كانت قصة فشل وسجل اسود في تاريخ البلدة التي ما زال " صاحبنا " يعيش فيها كشيخ وصاحب حضوة ومرجعية ، وعندما يتم مراجعته بالحقيقة تلك التي كشفها الجيل الجديد يسارع لقول جملة واحده تسكت الكل إحترما لكبر سنه ووصوله لمرحلة الخرف ولايؤخذ بكلامه أو عليه ويرددها بشكل مستمر ... مليش فيها ، وهذا تشابة قصة دولة النسور مع موضوع الهيكلة بعد تصريحه الأخير الذي قال فيه أن الهيكلة أثقلت كاهل الدولة بمبلغ يتجاوز 350 مبليون دينار .. ومع ذلك ما يزال شيخ ويتصدر مجالس الأردنيين ؟ .