" الأعمار والأسعار بيد الله " قالت أمي وتركت لي تفسيرها بعد أن عجزت عن إعطائي تفسير لهذه الجملة التي كررتها لأكثر من مرة أثناء جولتنا في سوق الزرقاء القديم للخضار " شارع شاكر " وفي نهاية الموقف قالت أنها تسمع هذه الجملة منذ أن وعت عينيها على الدنيا من ابيها وهي الأن تبلغ من العمر 82 عاما ، وبمحاولة فردية وبعيدا عن الولوج في تفاصيل دينية قد تؤدي بي إلى الإقرار بالشق الثاني من الجملة " الأسعار " لأنني مؤمن بأن الشق الأول " الأعمار " هو فعلا في يد الله سبحانه وتعالى .
وفي سؤال طرحت على صديق لي يؤمن بالكثير من التاريخ ويقر دائما بقاعدة أن التاريخ يعيد نفسه رغم رفضي لهذه الفكرة من جذورها قال أن الاسعار تكون بأمر من الله لأنه وبالاستناد للتاريخ والنص الديني أن كل دولة إذا رغب الله سبحانه وتعالى في فنائها يأمر مترفيها فيفسقوا فيها ، وهذا الفسق يأتي من المغالات في الاسعار لأنهم يحتكرون السوق ويصبحون قادرين على التحكم فيه وبالتالي التحكم في مصائر الناس ويكثر عندها الفقر وتصبح الحياة عند معظم البشر بشق الأنفس في بحثهم أو ركضهم وراء لقمة الأكل لهم ولأبنائهم .
وبعيدا عن الولوج في متاهة البحث عن سر معادلة ارتفاع الاسعار والفسق أوقفني في سوق الخضار بائع كان يضع حبات الكوسى في زاوية من بسطته معلقا فوقها تسعيرة تقول أن كيلو الكوسى بدينار ونصف والى جواره كان سعر كيلو الخيار دينار وربع والبندورة بنصف دينار ووقف المشهد امام عيوني " بوز " عندما نظرت ووجدت أن كيلو الفراولة بثلاثة دنانير ، عندما رجعت إلى والدتي قلت لها أن الاسعار " نار " فقالت جملتها السابقة " إن الأعمار والأسعار في يد الله " فقلت لها مباشرة يا حجه الأسعار بيد التجار والأعمار هي التي بيد الله ، وعن صديقي الذي حاول أن يدخل التاريخ في سوق الخضار مع القليل من النص الديني أقول أن التاريخ لايمكن أن يعيد نفسه إلا عند من لايقرأه جيدا ، والسؤال التاريخي هنا ارتفاع الأسعار هذه الأيام هي من الله عقاب لنا أم من الحكومة ؟