الجيش الإسرائيلي يكثف قصفه على المناطق الشرقية لقطاع غزة
النقل البري: دراسة إلزام سائقي التطبيقات بالضمان وتشديد الرقابة على الشركات غير المرخصة
الأردن .. استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد
الأردنيون يترقبون حفل سحب قرعة كأس العالم 2026
طقس لطيف نهاراً وبارد ليلاً مع احتمالية لأمطار متفرقة في المناطق الغربية
آثار سلبية محتملة على سوق العمل بعد وقف إعفاءات السوريين
فريق مكافحة الإرهاب المائي يحصد لقب “المحارب المائي” في ختام منافسات الكتيبة الخاصة/71
عشيرة أبو سنيمة تنشر صور أبنائها الذين قتلوا أبو شباب - بيان
(خضرجي) يقتل أجيره في الأزرق .. جريمة مروعة وقعت صباح اليوم - تفاصيل
تعديل المرحلة الثانية من خطة ترمب .. هل ينقذ وقف النار بغزة؟
البكار : 6 آلاف عاملة هربت من منازل الأردنيين
الأردن .. القضاة: 284 ألف زائر لمهرجان الزيتون الوطني حتى الخميس
يديعوت: مقتل ياسر أبو شباب بضرب مبرح من عناصر داخل عصابته
الاستراتيجيات الأردني يصدر تقريراً عن فرص الاستثمار في الاقتصادات الآسيوية
زعيم الطائفة الدرزية في (إسرائيل) ينتقد حماية ترمب للشرع
النشامى يترقبون قرعة كأس العالم 2026 في أول مشاركة تاريخية للمونديال
قصف إسرائيلي على ريفي درعا والقنيطرة في سورية
نقيب المقاولين: طرح الثقة بمجلس النقابة "غير قانوني" في اجتماع السبت
هيئة النزاهة: استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد
تشهد إسرائيل تحوّلاً بنيوياً خطيراً لم يعد من الممكن التعامل معه بوصفه أزمة سياسية عابرة، بل أزمة وجودية تهدد الكيان الصهيوني في صميمه ، فالمشهد الإسرائيلي الراهن يتجاوز الخلافات الحزبية التقليدية إلى صراع عميق بين دولة القانون والمؤسسات ونظام ديني قومي متطرف يتشكل على أنقاض التجربة الديمقراطية التي أرستها الحركة الصهيونية منذ عام 1948 ، وفي هذا السياق، جاءت تحذيرات رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك لتعبّر عن إدراك داخلي متزايد بأن إسرائيل وصلت إلى ما يسميه "نقطة اللاعودة"، حيث لم تعد الأدوات السياسية والمؤسساتية التقليدية قادرة على إصلاح الخلل أو احتواء الانقسام ، ومن هذا المنطلق، طرح باراك رؤية تتضمن دعوة صريحة للعصيان المدني السلمي وإطلاق موجة وطنية لإسقاط الحكومة الحالية، باعتبارها – من وجهة نظره – حكومة "متمردة على القانون" و"عاملة ضد مصلحة الوطن" ، وفي تقديرنا أن طرح باراك يقتضي التوقف عند النقاط التالية :
أولاً: التحول السياسي – من الدولة الديمقراطية إلى الدولة العقائدية ، حيث
تتمثل جوهر الأزمة الإسرائيلية في انقلاب المفاهيم المؤسسة للدولة ، فالمشروع الصهيوني الذي قام على أسس دولة يهودية ديمقراطية يسعى اليوم إلى التحول إلى نظام ثيوقراطي يهيمن عليه التيار الديني القومي ،
وتُظهر سياسات حكومة بنيامين نتنياهو – خصوصاً محاولات تقييد المحكمة العليا وتسييس القضاء وإضعاف المعارضة – ما يعني أن إسرائيل تتحرك فعلياً نحو نظام يقوم على هيمنة السلطة التنفيذية وتراجع التوازن المؤسسي ، وباراك يرى أن هذا التحول يمثل تمرداً على العقد الاجتماعي الذي يربط المواطن بالمؤسسة، وأن استمراره يؤدي إلى تفكيك النظام من الداخل وإلغاء مفهوم الشرعية القانونية التي كانت تمثل حجر الزاوية في استقرار الدولة.
ثانياً: الانهيار الاقتصادي – أزمة الثقة والمناخ الاستثماري ، ومن زاوية الاقتصاد السياسي، تُعدّ الثقة المؤسسية ركيزة أساسية في صمود النموذج الإسرائيلي، خصوصاً في قطاع التكنولوجيا المتقدمة الذي يُشكل عصب الاقتصاد الوطني ، لكن مع تصاعد الأزمة السياسية وتآكل الثقة بالقضاء واستمرار حالة الاستقطاب، بدأ المستثمرون المحليون والأجانب بسحب رؤوس أموالهم تدريجياً، وظهرت موجة من هجرة العقول والشركات الناشئة نحو الأسواق الأوروبية والأمريكية، مما يعني خسارة إسرائيل لأحد أهم عناصر قوتها الناعمة والاقتصادية في آن واحد ، ويُحذّر باراك من أن استمرار هذا الاتجاه سيقود إلى "شلل اقتصادي تدريجي"، خاصة في ظل تضخم الإنفاق الحكومي على الأمن والاستيطان، وغياب رؤية اقتصادية متوازنة.
ثالثاً: البنية العسكرية والأمن الداخلي – خطر التسييس والتفكك ، ويُدرك باراك – بصفته رئيس أركان سابق – خطورة إدخال الجيش الإسرائيلي في الصراعات السياسية، إذ يمثل الجيش في العقيدة الصهيونية رمز الوحدة والهوية المشتركة ، لكن تزايد تدخل التيارات الدينية في الجيش، وارتفاع حالات رفض الخدمة بين الاحتياط، يكشف عن تآكل الانضباط الوطني وتراجع ثقة الجنود بالقيادة السياسية ، بالتالي فإن تسييس المؤسسة العسكرية وارتباطها بأجندات حزبية يُنذر بانهيار الركيزة الأمنية التي استندت إليها الدولة لعقود ، وتُضاف إلى ذلك المخاطر المتصاعدة على الجبهات الشمالية (مع حزب الله وسوريا) والجنوبية (في غزة والضفة) ، ما يجعل أي انقسام داخلي مضاعِفاً للتهديدات الخارجية ، وبالتالي، فإن إسرائيل تواجه ما يمكن تسميته بـ "الخطر الوجودي الداخلي"، حيث يتحول الانقسام السياسي والاجتماعي إلى تهديد مباشر للأمن القومي.
رابعاً: العصيان المدني – شرعية المقاومة السلمية داخل النظام ، و
طرح باراك مفهوم العصيان المدني المنظّم كخيار استراتيجي أخير لإنقاذ الدولة، داعياً إلى تشكيل جبهة مدنية تضم قادة المعارضة والنقابات والقطاع الصناعي والأكاديمي والتعليمي ،
وفي رؤيته، لا يُعدّ العصيان المدني تمرداً على الدولة بل دفاعاً عنها، لأنه يسعى إلى حماية الدستور والقيم الديمقراطية من حكومة تنتهك القانون باسم الشرعية الانتخابية ، وهذا الطرح يعيد إلى الواجهة فكرة "المواطنة الفاعلة" في مواجهة "السلطة المنحرفة"، وهي مقاربة تتقاطع مع تجارب سياسية عالمية نجحت في تصحيح المسار عبر أدوات سلمية ، إلا أن خطورة هذا الخيار تكمن في إمكانية انزلاق الاحتجاجات إلى مواجهات داخلية قد تُستغل من قبل خصوم إسرائيل الخارجيين لإضعاف جبهتها الداخلية.
خامساً: العزلة الدولية وتراجع الشرعية الخارجية ، ويرى باراك أن استمرار نهج نتنياهو سيضع إسرائيل في مواجهة متزايدة مع حلفائها، خصوصاً الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، اللذين يبدوان أكثر تحفظاً تجاه السياسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية والضفة الغربية ، كما أن استدعاء المحكمة الجنائية الدولية لقضايا تتعلق بجرائم الحرب، يجعل من القيادة الإسرائيلية عرضة لملاحقات دولية مباشرة، وهو تطور غير مسبوق في تاريخها ، وعلى المستوى الاستراتيجي، يعني ذلك تآكل شرعية إسرائيل كدولة قانون أمام المجتمع الدولي، وتراجع قدرتها على استخدام خطاب "الديمقراطية في الشرق الأوسط" الذي لطالما منحها دعماً سياسياً وإعلامياً غربياً.
سادساً: التقدير الاستراتيجي والمآلات المحتملة :
1. السيناريو الأول: استمرار التدهور من خلال تعنت الحكومة الحالية في تجاهل التحذيرات الداخلية سيقود إلى تصاعد العصيان المدني وانكماش اقتصادي متسارع، بما يهدد تماسك الدولة اجتماعياً وأمنياً ، وهذا السيناريو يُعدّ الأخطر، إذ يُمكن أن يؤدي إلى انهيار النموذج الإسرائيلي من الداخل دون تدخل خارجي.
2. السيناريو الثاني: الإصلاح القسري
تحت ضغط الشارع، والنخب الاقتصادية والأمنية، قد تُضطر المؤسسة الحاكمة إلى تنازلات تشمل انتخابات مبكرة أو تعديل النظام القضائي، ما يعيد شيئاً من التوازن المؤسسي.
3. السيناريو الثالث: الانقسام المؤسسي ، وهو الأخطر على المدى الطويل، حيث تتشكل سلطتان فعليتان داخل الدولة – واحدة دينية قومية وأخرى علمانية مدنية – وهو ما قد يقود إلى انفجار داخلي يهدد بقاء إسرائيل كوحدة سياسية موحّدة.
وفي تقديرنا تمثل تحذيرات إيهود باراك – في جوهرها – محاولة أخيرة لإنقاذ الدولة العبرية من انهيار داخلي صامت ، فإسرائيل اليوم لا تواجه خطراً وجودياً من جيرانها بقدر ما تواجه انهياراً ذاتياً في منظومتها القيمية والسياسية ، و
من منظورنا الاستراتيجي، يمكن القول أن مستقبل إسرائيل سيتحدد بناءً على مدى قدرتها على إعادة إنتاج عقدها الاجتماعي القائم على : الفصل بين الدين والدولة، وتحقيق شرط سيادة القانون واستقلال القضاء، وحماية مؤسساتها من الاختراق الأيديولوجي ،
أما من الناحية الأمنية، فنجد أن الحفاظ على وحدة المؤسسة العسكرية فوق الانقسام السياسي يمثل شرطاً وجودياً لاستمرار الدولة ، وكما يقول باراك، عند مفترق الطرق :
إما أن تعود إسرائيل إلى مبادئ التأسيس كدولة قانون وديمقراطية،
أو تتحول تدريجياً إلى نظام ديني استبدادي سيقودها إلى نهايتها التاريخية كما عرفها العالم ... !! خادم الإنسانية.
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .