آثار سلبية محتملة على سوق العمل بعد وقف إعفاءات السوريين
فريق مكافحة الإرهاب المائي يحصد لقب “المحارب المائي” في ختام منافسات الكتيبة الخاصة/71
عشيرة أبو سنيمة تنشر صور أبنائها الذين قتلوا أبو شباب - بيان
(خضرجي) يقتل أجيره في الأزرق .. جريمة مروعة وقعت صباح اليوم - تفاصيل
تعديل المرحلة الثانية من خطة ترمب .. هل ينقذ وقف النار بغزة؟
البكار : 6 آلاف عاملة هربت من منازل الأردنيين
الأردن .. القضاة: 284 ألف زائر لمهرجان الزيتون الوطني حتى الخميس
يديعوت: مقتل ياسر أبو شباب بضرب مبرح من عناصر داخل عصابته
الاستراتيجيات الأردني يصدر تقريراً عن فرص الاستثمار في الاقتصادات الآسيوية
زعيم الطائفة الدرزية في (إسرائيل) ينتقد حماية ترمب للشرع
النشامى يترقبون قرعة كأس العالم 2026 في أول مشاركة تاريخية للمونديال
قصف إسرائيلي على ريفي درعا والقنيطرة في سورية
نقيب المقاولين: طرح الثقة بمجلس النقابة "غير قانوني" في اجتماع السبت
هيئة النزاهة: استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد
الرئيس اللبناني: هدف المحادثات مع إسرائيل تجنب شبح حرب ثانية
أسعار الغاز الطبيعي تصل إلى أعلى مستوياتها في ثلاث سنوات
من السجن إلى الملعب .. لاعب برازيلي يخوض النهائي بسوار المراقبة
ميدالية برونزية لمنتخب التايكواندو في بطولة العالم تحت 21 عاما
الأرصاد العالمية: 2024 العام الأكثر حرارة في الوطن العربي
تتحرك الأسطورة في زمننا كما لو أنها جندي يرتدي بزّة حديثة لكنها تحمل خريطة قديمة مرسومة بالحبر التوراتي ممر داوود وأرض باشان ليسا مجرد أسماء منقوشة في ذاكرة النصوص الدينية بل هما مشروع ذهني يعاد إحياؤه كلما أراد اليمين الصهيوني أن يمد خطاً جديداً في الرمال من القدس نحو الشرق عبر وادي الأردن وصولاً إلى تخوم الجولان وحوران هنا تتلاقى الجغرافيا بالتاريخ والأسطورة بالسياسة لتصنع وهماً جديداً يحمل طابع النبوة لكنه يخفي نيات الهيمنة
في الموروث الديني القديم يشار إلى ممر داوود بوصفه الطريق الذي سلكه الملك النبي أثناء حملاته العسكرية حين توسعت مملكته نحو أراضي باشان الخصبة وهي المنطقة التي تشمل شمال الأردن وجنوب سوريا حتى مشارف الجليل هناك حيث الأرض المعروفة بخصوبتها ومياهها كانت باشان ترمز إلى الوفرة والقوة ولهذا ظلت في المخيلة التوراتية أرضاً موعودة يعاد استحضارها كلما اشتدت لغة الغزو العقائدي أما اليوم فإن عودتها إلى الخطاب السياسي والإعلامي الإسرائيلي ليست بريئة بل تحمل بين طياتها فكرة إعادة تعريف المجال الحيوي لكيان الاحتلال تحت ذريعة العمق الأمني والتاريخ الديني
في السنوات الأخيرة برزت هذه المفاهيم مجدداً في بعض الدراسات العسكرية التي تتحدث عن ضرورة السيطرة على ما تسميه المنطقة الانتقالية شرق نهر الأردن لضمان أمن الحدود الغربية لإسرائيل هذا الخطاب ليس جديداً لكنه عاد بوجه جديد يستحضر رمزية ممر داوود ليمنح مشروع التوسع غطاءً روحياً ويستدعي أرض باشان ليبرر التطلع إلى الأراضي الخصبة المحاذية للحدود الأردنية وهكذا تلتقي الأسطورة بالاستراتيجية حين تتحول النصوص إلى خرائط والمرويات إلى سياسات
بالنسبة للأردن فإن هذا الخطاب ليس مجرد جدل أكاديمي بل هو إنذار ناعم يتسلل عبر الإعلام والدراسات ومراكز الأبحاث التي تتحدث عن الأردن باعتباره منطقة عازلة أو حديقة خلفية للكيان فإحياء مصطلحات مثل أرض باشان أو ممر داوود يعني إعادة رسم الوعي الجمعي الإسرائيلي باتجاه شرق النهر أي نحو أراضٍ أردنية تاريخياً وجغرافياً ما يجعل الأردن في عين العاصفة الرمزية التي قد تتحول إلى أطماع ميدانية إن غاب الوعي العربي أو انكسر التوازن الإقليمي
الخطر الحقيقي لا يكمن في الخرائط القديمة بل في العقول التي تحاول إحياءها وتحويلها إلى خطاب يلامس الرأي العام الغربي فحين تتبنى المؤسسات الثقافية والإعلامية الصهيونية هذه الروايات فإنها تزرع في الذهن الدولي صورة مغايرة للجغرافيا الحديثة وكأن الحدود الراهنة ليست سوى مؤقتة تنتظر لحظة استعادة أرض الوعد المزعومة وهذا ما يجعل التصدي لهذه المفاهيم واجباً سياسياً وثقافياً في آن واحد
الأردن الذي يقف بين التاريخ والأسطورة بحاجة إلى أن يقرأ هذه الإشارات بعين اليقظة فالتحدي لم يعد عسكرياً فقط بل فكرياً أيضاً إذ لم تعد الحروب تُشن بالدبابات فقط بل بالنصوص التي تعيد تأويل الماضي لخدمة المستقبل الصهيوني وهنا يبرز دور النخب الأردنية في تفكيك هذا الخطاب وفضح أبعاده وتحصين الهوية الوطنية عبر التعليم والإعلام والثقافة فالمعركة اليوم هي معركة وعي قبل أن تكون معركة حدود
حين يعاد الحديث عن ممر داوود وأرض باشان يجب أن يدرك الأردنيون أن هذه ليست مصطلحات بريئة بل أدوات في حرب الرموز التي تمهد لحرب الخرائط فالأسطورة التي تُروى اليوم قد تتحول غداً إلى مبرر للتوسع وإنكار لسيادة وطن ظل عبر تاريخه صمام الأمان في وجه كل مشاريع التهويد والتمدد إن الحفاظ على الأردن اليوم يعني الدفاع عن الجغرافيا كما عن الذاكرة وعن الوعي الذي يميز بين التاريخ الحقيقي والتاريخ الذي يُصنع في غرف السياسة
إن ممر داوود وأرض باشان ليسا مجرد بقايا حكاية قديمة بل مشروع لغوي يتسلل إلى الخطاب المعاصر ليقول إن الجغرافيا ما زالت قابلة لإعادة التفسير وإن النص الديني يمكن أن يكون سلاحاً حين يُستخدم لتبرير أطماع دنيوية ولهذا فإن الرد الأردني لا يكون بالرفض الانفعالي بل ببناء سردية وطنية متماسكة تعيد تعريف الأرض والهوية بلغة العلم والتاريخ والمستقبل لأن من لا يكتب تاريخه يقرأه مكتوباً على لسان الآخرين