حسم الرئيس الفلسطيني قراره ، بالتوجه إلى الأمم المتحدة يوم 29 / تشرين ثاني الجاري ، لرفع مكانة فلسطين إلى دولة مراقب ، غير عضو عامل في الجمعية العامة ، لها حدود معترف بها وهي حدود خط الهدنة لعام 1967 ، وتخضع لإحتلال دولة أخرى ، بعدما أخفق المسعى الفلسطيني عبر مجلس الأمن للحصول على عضوية عاملة ، حيث بقي الطلب على جدول أعمال المجلس معلقاً منذ العام الماضي 23/10/2011 ، وسيبقى حتى تتوفر معطيات دولية يفرضها تبدل في موازين القوى وإنحياز أغلبية البلدان الأعضاء التي تسمح بقبول دولة فلسطين عضواً عاملاً كاملة العضوية في الأمم المتحدة .
الفلسطينييون ، إعتماداً على قراءة الوضع السياسي الدولي وإستناداً للواقع المادي القائم على الأرض ، نهجوا خطاً واقعياً منذ عام 1974 يتمثل في إستعادة حقوقهم بشكل تدريجي متعدد المراحل ، برزت أولى خطواته عام 1988 في إعلان قبولهم لقرارات الأمم المتحدة وفي طليعتها قراري مجلس الأمن 242 و 338 ، مصحوبة بثورة شعبية ذات طابع مدني عام 1987 ( الأنتفاضة الأولى ) في مناطق الأحتلال الثانية ( الضفة والقدس والقطاع ) مدعومة من قبل فلسطيني مناطق الأحتلال الأولى عام 1948 في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة أجبرت العدو الأسرائيلي ، عام 1993 على الأعتراف بالعناوين الثلاثة : الشعب الفلسطيني ، منظمة التحرير ، الحقوق السياسية المشروعة ، وعلى أرضية هذا الأعتراف المتبادل جرى الأنسحاب الأسرائيلي التدريجي عام 1994 من المدن الفلسطينية ، وولادة السلطة الوطنية تمهيداً لقيام مؤسسات الدولة المنشودة .
نجاح اليمين الإسرائيلي المتطرف وجموحه ، بإغتيال إسحق رابين وبعدها ياسر عرفات ، عمل على إلغاء إتفاق أوسلو ، وتبديد أثاره وتمزيق خريطة الأرض وجعلها غير مترابطة ، يحكمها الأستيطان والشوارع الألتفافية ، ومظاهر تهويد القدس ، وضم الغور ، والأراضي الواقعة غرب الجدار ، والعمل على أسرلتها ، وعزل قطاع غزة عن باقي الاراضي المحتلة وفصله ومحاصرته ، ساعدهم في ذلك إنقلاب حركة حماس وحسمها العسكري ، ضد الشرعية الواحدة وشرذمة المؤسسات التمثيلية الموحدة ، وقيام مؤسسات إنقسامية بديلة ، مما أضعف التأثير الفلسطيني وتماسكه وشل فعاليته .
تقديم طلب العضوية يوم 29 / تشرين الثاني ، إعادة التأكيد السياسي والحقوقي والتذكير بحقوق الشعب الفلسطيني ، حيث إعتبر هذا اليوم من كل عام من قبل لجنة حقوق الشعب الفلسطيني التابعة إلى الأمم المتحدة ، يوم التضامن العالمي مع معاناة الشعب الفلسطيني وإستعادة حقوقه ، وهو ذكرى قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين إلى دولتين إسرائيل وتحظى بـ 54 بالمائة من مساحة فلسطين و 44 بالمائة تٌعطى لدولة فلسطين ، ويبقى ما تبقى لمدينة القدس المشتركة للطرفين .
معركة قبول فلسطين كعضو مراقب ، معركة سياسية دبلوماسية ، لن تكون على حساب خطوات ومهام أخرى ، ولكنها خطوة على الطريق الذي ما زال طويلاً وصعباً حتى تتم إستعادة حقوق الشعب الفلسطيني كاملة غير منقوصة .