حالة من عدم الثقة مازالت قائمة بين الحكومة والشعب رغم الكثير من المحاولات الإصلاحية الحكومية لإثبات حسن نواياها ، ولكن ما إن تخرج من مشكلة لتدخل في معضلة ، وتصبح الأمور أكثر تعقيداً بشكل ينذر بالمزيد من الخلايا السرطانية التي تدمر الجسد الأردني وتفقده المناعة ، ويصبح عرضة للأوبئة والأمراض التي تعصف بالمنطقة العربية دون استثناء .
بالرغم من المنح المالية التي تصل تباعاً إلى الخزينة والتي كان مقدمتها 999 مليون دينار والتي من المتوقع أن تتضاعف مع نهاية العام ، وما رافقها أيضاً من منح نفطية مجانية من العربية السعودية ، وأخرى متوقعة من الكويت والإمارات ، يطل علينا وزير المالية ليعلن عزم وزارته إصدار سندات بقيمة مليار دينار لدعم الخزينة ، وهي التي كانت مبررة في فترة الشح المالي وقبل وصول المساعدات العربية ، فهل يمكن اعتبارها ورقة ضغط على الشعب لتقبل المزيد من القرارات الاقتصادية غير الشعبية في السنة القادمة ؟ أم أن المساعدات العاجلة توقفت؟ أم أن هناك أمور سرية قد حصلت ولا نعلم كشعب عنها شيئاً ؟ مع العلم بأن ذات الحالة تكررت في عام 2003 عندما تم تخصيص مبلغ 600 مليون دينار من عوائد التخاصية لصندوق الأجيال الذي تم وأده في مهده ، وتم إصدار 600 مليون مقابلها كسندات حكومية .
قامت الحكومة برفع تعرفة الكهرباء على المواطنين بحجة تقليل الدعم الحكومي ، وبسبب ارتفاع كلف التوليد نتيجة انقطاع الغاز المصري ، ودعماً لمديونية الوطنية للكهرباء ، وإلى هنا مقبول ومبرر ، ولكن عزم الحكومة ممثلة بوزارة الطاقة تزويد أريحا بالكهرباء ، هل يدخل في باب المساعدة العربية من بلد فقير في الطاقة ويستورد 96% من احتياجاته منها ، أم أن ذلك تمهيد للكونفدرالية الأردنية – الفلسطينية ودخول الأردن في أحلاف واتفاقيات وعقود استثمار في المناطق الفلسطينية التي ستستقل بعد قيام دولة فلسطين ، وهل مسلسل سحب الجنسيات يخدم قيام الدولة الفلسطينية الجديدة أم يخدم المخطط الإسرائيلي الجديد أو ما يعرف بالشرق الأوسط الجديد .
المعارضة الأردنية أصبحت في الفترة الحالية في نمو مستمر تلاقي الكثير من المسوغات لنشر أجندتها الخاصة سواء في الداخل أو الخارج والتي أصبحت تلاقي الكثير من القبول في الشارع المحلي ، وربما الممارسات الحكومية في هذه الفترة الحرجة سبب رئيسي لتفاقم الأوضاع ، فلا عادت محاكمة الوزراء والمسئولين السابقين والإطاحة بالشخصيات الوطنية سبيل تحقيق المزيد الشعبية للحكومة ، لان الميزان مختل في كفتيه والقانون لا يطبق على الجميع . فمن خرج من الحكم بثورة شعبية لا يجب أن يعود إلى المسئولية إلا باستفتاء شعبي ، وينطبق ذلك على كل من على شاكلة عوض الله والرفاعي .
د.إياد عبد الفتاح النسور
Nsour_2005@yahoo.com