زيارة وفد المجلس الثوري لحركة فتح إلى قطاع غزة مهمة ، وضرورية وخطوة محترمة في الأتجاه الصحيح ، ولكنها غير كافية ، ومقيدة وهزيلة حينما يتم وصفها أنها لا تستهدف اللقاء مع حركة حماس ، ولا مانع من اللقاء مع الفصائل ، وكأنها زيارة تضامن إنسانية ممن ومع من ؟؟
أهل القطاع على جراحهم ليسوا بحاجة لعطف أحد ، لا من فتح ولا من غيرها ، فأهل القطاع هم الذين ولّدوا فتح وأنجبوها ، قبل أن تتشكل خلية واحدة لحركة فتح خارج أرض وأهل القطاع ، فالراحلون ياسر عرفات وخليل الوزير وصلاح خلف ، هم أبناء غزة وعاشوا فيها وبنوا تنظيمهم من أهلها أولاً ، ولذلك زيارة وفد حركة فتح ، زيارة سياسية بإمتياز ، ويجب أن تكون ، ويجب أن تستهدف اللقاء مع رفاق التنظيم الواحد ، ومع الفصائل الأخرى ، لكسر حواجز القطيعة والأنقسام ، وتجاوز وقائع الأنقلاب الذي فشلت حركة فتح في ردعه وفي معالجته وإزالته والتراجع عنه ، ولكن حماس كسبت المعركة ، وها هو صمودها في غزة وإنتصارها المعنوي على العدو الأسرائيلي يعزز من مكانتها فلسطينياً وعربياً ودولياً وهذا ما يجب أن تفهمه حركة فتح وتتكيف معه ، لا أن تدير ظهرها له ، وكأنها ما زالت صاحبة القرار الأقوى في المؤسسة الفلسطينية ولدى الشارع الفلسطيني .
زيارة وفد مجلس ثوري فتح لقطاع غزة ، مهمة وضرورية وسياسية ، ولكنها غير كافية إذا لم يتلوها زيارات مهنية مماثلة متواصلة وغير متقطعة ، لوفد كتلة فتح البرلمانية في المجلس التشريعي ، ووفود النقابات المهنية ، والعمالية ، ومؤسسات المجتمع المدني ونقيب الصحفيين ورئيس الكتاب والقضاة ومن البلديات المنتخبة ، وهكذا من أجل التواصل والشراكة والأندماج ، كي يفهم طرفي شعب مناطق الأحتلال الثانية ظروف بعضهم البعض ، ويدرك كل طرف حاجته للطرف الأخر ، وأن كل منهما يشكل جزءاً من شعب أكبر من الطرفين منفردين وسوية ، وأنهما معاً أصغر وأضعف من عدوهما المشترك ، فكيف يكون كل منهما وحده منفرداً في مواجهة العدو ؟؟ المقدمات واضحة ، تراجع حكومة نتنياهو عن الأتفاقات الموقعة السابقة ، وتهويد القدس وأسرلتها ، وتهويد الغور وصهينته ، والتوسع في الأستيطان وتثبيته وشرعنته ، ورفض حل الدولتين على أساس حدود 1967 ، وهكذا نجد أن الأنقسام وغياب الوحدة الفلسطينية هو السلاح السري بيد الأسرائيليين ولمصلحتهم .
وضع غزة يحتاج لبرنامج عمل يقوم على ما يلي :
أولاً : العمل على التخلص نهائياً من الحصار بكافة أشكاله وألوانه وتبعاته كي يصبح قطاع غزة مستقل حقاً ، وعنواناً للحرية والأستقلال ، ونموذجاً جاذباً للدور والشكل والمضمون الفلسطيني .
ثانياً : قيام حكومة إئتلافية فلسطينية موسعة تضم الكل الفلسطيني من الفصائل والشخصيات المحلية كي تشرف على إدارة القطاع أمنياً وإقتصادياً وتضع برنامج للتطور والتنمية بما فيها المطار والميناء ، وتجري إنتخابات بلدية وإشاعة أجواء التعددية والأنتخابات النقابية ومجالس طلبة الجامعات وغيرها .
ثالثاً : وأن تكون حكومة غزة الأدارية جزءاً من أدوات ومؤسسات منظمة التحرير وتتبع لدوائرها ، مثلها مثل حكومة رام الله ، وكلاهما يتبعان للصندوق القومي مالياً ، وللدائرة السياسية في علاقاتها الخارجية ، ويوحدهما المجلس الوطني حتى تجري الأنتخابات التشريعية والرئاسية الواحدة .
رابعاً : بدء العمل بإعادة تكييف منظمة التحرير ومؤسساتها ، المجلس الوطني والمجلس المركزي واللجنة التنفيذية ، بما يعكس مستجدات الوضع الفلسطيني من الفصائل 13 بما فيها حماس والجهاد وحركة المبادرة والشخصيات المستقلة ، وإجراء الأنتخابات للمنظمة في ضوء المستجدات ، كي تكون منظمة التحرير ممثلة الشعب العربي الفلسطيني ، بكافة أماكن تواجده في بلدان المنافي والشتات والضفة والقدس والقطاع ومناطق 48 ، ومقره لا يخضع للداخل ، بل ينتشر حسب الظروف بالداخل والخارج كما هو حالياً المجلس الوطني والصندوق القومي والدائرة السياسية خارج الوطن .
ثمة تطورات ومستجدات تحتاج لوقفة وإعادة نظر بدءاً من فشل التسوية مع إدارة اليمين الإسرائيلي وتطرفه ، وصعود مكانة قطاع غزة وتعميق تخلصه من أثار الأحتلال وحصاره وتبعاته .
حكومتا رام الله وغزة المحليتان ، يجب أن تبقيا في هذا الأطار ، ولا تتجاوزانه ، وأن تبقى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ، وتتحول عن حق لقيادة الشعب الفلسطيني ، لا أن تحمل حكومتا غزة ورام الله أي مظهر من مظاهر السيادة الوطنية ، بل تحمل وتعمل عن حق مظاهر السيادة المحلية كجزء وإمتداد للمشروع الوطني الفلسطيني الكبير الذي يحمل تبعات العمل والتخطيط من أجل إستعادة كامل حقوق الشعب الفلسطيني وفق قرارات الأمم المتحدة : قرار التقسيم 181 ، وقرار العودة 194 ، قرار الأنسحاب وعدم الضم 242 ، قرار حل الدولتين 1397 ، وخارطة الطريق 1515 ، من أجل تحقيق حقوق الشعب الفلسطيني الثلاثة :
1- حق المساواة لفلسطينيي مناطق الأحتلال الأولى عام 1948 ، أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة .
2- حق الأستقلال لفلسطينيي مناطق الأحتلال الثانية في الضفة والقدس والقطاع .
3- العودة للاجئين إلى المدن والقرى التي طردوا منها عام 1948 وإستعادة ممتلكاتهم فيها ، والتعويض عن معاناتهم وتشردهم عنها .