الكبد المصنع والصيدلية الداخلية

بقلم الدكتور فايز أبو حميدان

يعتبر الالمان ان القلب هو أهم عضو في الجسم، فهم شعب الصناعة والمهندسين وكل ما يتحرك بشكل دوري ينال اعجابهم واهتمامهم، وبعكس ذلك يعتبر الفرنسيون الكبد انه العضو المركزي والاهم في جسم الانسان فهم ينظرون الى القلب على انه مطخة ميكانيكية والكلية جهاز فلتره لكن الكبد لديهم هو مكان للصناعة والإنتاج. كثيرون لا يعرفون اين يوجد الكبد في الجسم ولا أهميته فتوقفه بضعه ساعات يدخل الانسان في غيبوبة تكون العودة منها صعباً. فهذا العضو الأحمر البني اللون والموجود في الجزء الأيمن من البطن يقوم بوظائف لا تحصى ويفاجئ العلماء يومياً مما يستطيع عمله عبر اكتشافات جديدة لوظائفه. كان الكبد يعتبر في عهد البابليون المكان المركزي للتفكير والابداع.
فالكبد هو مكان فلترة المواد السامة في الجسم وتحليلها الى مواد نافعة أو التخلص من نفاياتها كما أنه المحلل الأول لمادة الامونياك الناتجة عن تحليل البروتينات الغذائية والتخلص منها، كما يقوم الكبد بالتخلص من بقايا الهرمونات والانزيمات بعد قيامها بوظائفها، ويستطيع الكبد التخلص من الفيروسات والجراثيم الضارة في الدم ويقوم بتخزين الحديد والدهون وبعض أنواع السكر لحماية الانسان من مرض السكري ويقوم الكبد بإنتاج مواد التجلط الدموي والمحافظة على نسبتها في الجسم مما يمنع التجلطات الدموية فهذا العضو يقوم بحوالي 2000 عملية كيمائية وبيولوجية مهمة لجسم الانسان كما ان للكبد وظائف علاجية في تحفيز النظام المناعي على مقاومة الميكروبات فهو يدعى الطبيب الداخلي، كما يلعب دوراً هاماً في علاج الالتهابات في المفاصل وبعض امراض العضلات.
ان اهم خطر على هذا العضو هو تناول الكحول او اصابته بالالتهابات الفيروسية والتي تؤدي الى ما يعرف بتشمع الكبد واحياناً نشوء سرطان الكبد، مما يزيد من إمكانية الإصابة بأمراض أخرى كالسكري والجلطات القلبية، كما انه يوجد للكبد صفات هامة جداً فهو يستطيع الشفاء السريع من الامراض وتجديد خلاياه بسرعة غير معقولة.
وأصبحت مسألة زراعة الكبد روتينية وما يميز هذه الجراحة هو الاكتفاء باستخدام جزء محدد من كبد المتبرع لنقله الى جسم المستقبل وبعد بضعة أسابيع تتكاثر خلايا هذا الجزء ليصبح بحجم الكبد الطبيعي لهذا فإن الفرنسيون محقون في موقفهم من الكبد واهميته لحياة الانسان.