يقال للعزيز من القوم " ينساك الموت " بمعنى الدعوة له بطول العمر، والنسيان نعمة من الله سبحانه وتعالى قدمها للإنسان كي يستمر في الحياة إما طاغيا أو مؤمنا ، ونوابنا الذين يراهنون على ذاكرة الشعب القصيرة في نسيان موقعة " التعديلات الدستورية " وما تبعها إقرار قانون التقاعد هم طغاة وليسو بمؤمنين .
وحيثيات الموقف وتبجح النواب ورئاسة مجلسي الأعيان والنواب بقدرتهم على التلاعب بالتشريعات والتعديلات الدستورية ، يؤكدان على حقيقة أن مجلس الأمة بكافة اعضاءه قد قام بالمساومة العلنية على أن يقر التعديلات الدستورية الأخيرة " منصب وزير الدفاع " مقابل إقرار قانون التقاعد ، وهم بذلك وضعو الكرة في ملعب الملك الذي يراهن عليه الشعب الأردن بأن يقف معه ضد الإبتزاز السياسي الذي مارسه اعضاء مجلس الأمة تحت القبة ، وذاكرة الشعب ليست قصيرة بل هي أطول من عمر المجلس الحالي وبقية المجالس السابقة ، وفي تعمد التسريبات الصحفية من هنا أو هناك لرفض إقرار قانون التقاعد من قبل بعض النواب أو الاعيان يأتي من باب الاتفاق الضمني بين أعضاء مجلس الأمة ، وهي عملية توزيع للأدوار بين 225 عضو مجلس أمة قدم 175 عضوا منهم مواقفتهم على قانون التقاعد ، والخمسين عضو البقية هم نصفهم غياب والنصف الأخر وجدو في الصمت خطوة لتحقيق مكاسب خفية لهم ، وأنتبقى اصواتهم قابلة للمساومة مستقبلا .
وإذا ما كان ما تم هو عملية مساومة للملك من قبل مجلس الأمة ، فهو يمثل خروجا واضحا على نهج الإصلاح السياسي الذي أصبح عبارة عن دوامة وقع بها الوطن لانعرف بدايتها من نهايتها، والذي يحرك هذه الدوامة هو فشل الغرف المغلقة للقرار السياسي منذ البداية وعجزها بالبدء بالاصلاح من جذوره الأولى والتي هي غرفتي التشريع ، وإذا نسي الموت اعضاء مجلس الأمة فان الشعب سوف يدعو لهم بأن تنساهم الحياة ، ويبقى الأمر مربوط بقدرة القصر على اعادة عجلة الإصلاح إلى مسارها الصحيح .