الوزير جودة ينفي وجود اية اصول لما يطلق عليه خطة كيري ويرجع متاهة الصالونات السياسية في الأردن الى عدم قراءة المشهد السياسي من قبل الكثير من الرموز السياسية الداخلية ، وفي نفس الوقت تخرج تقارير صحفية من الخارج تقوم برسم الخارطة لمتاهة هذه الرموز السياسية في كيفية التعامل مع خطة كيري وكأنها أصبحت امرا واقعا لابد من التعامل معه بكل حذر حرصا وخوفا على مفهوم المواطنة الأردنية وعدم نقل المشكلة الفلسطينية الاسرائيلية من الضفة الغربية للضفة الشرقية ، وفي نفس الوقت هناك خوف من الطرف الفلسطيني الذي أصبح يجير كل مواقفه السياسية من مبادرات السلام أو إكمالها لصالح الطرف الأردني كشريك رئيسي وصاحب قرار ويتحمل مسؤولية ما سوف تنتج عنه هذه المحاولات للخروج من عنق السلام الذي خنق الكل بإستثناء دولة اسرائيل .
ويغيب عن تلك الرموز السياسية الأردنية أن هناك طرفين رئيسان في المعادلة ويقوم بمراقبة ما يجري من تصريحات واحاديث داخل الصالونات ويقيم موقفه بناء عليها وهو الطرف الاسرائيلي والطرف الفلسطيني اللذان يجسان نبض ما تم التوقيع عليه منذ سنوات بين الرئيس ابو مازن وحكومة اسرائيل قبل تولي ابو مازن الرئاسة وبحياة الرئيس ابو عمار وهي القنبلة التي سوف تنفجر في وجوه الكثيرين في لحظة ما وعندها ستجد نفسها تلك الرمزو مجرد ادوات لقياس النبض فقط لاغير .
وقصة الوزير المجالي وقدرته على فرض موقفه على رئيس الحكومة وحجم التوافق الدبلوماسي بينه وبين الطرف الاسرائيلي يؤكد حقية هنا أن الجانب الأردني الرسمي والخاص يلعبان معا لعبة الضغط على بعضهما البعض وكان الأمر يتعلق بشأن سياسي داخلي بحت وهم لايعلمون أن أية توافقات في هذا لشأن لايمكن ان تتم إلا مع قمة هرم السلطة الأردنية وهو هنا الملك الذي يستطيع ان ينهي هذا الجدل السياسي المحلي بكلمة واحدة وعندها يقفون جميعا في الاتجاه الذي يريده الملك .
ولكن سياسة الخربطة وعدم الرجوع للتاريخ والاقرار بان ما قد تم توقيعه سابقا هو الذي يحرك الواقع الحالي كل ذلك اصبح أصبحت ملازما للواقع السياسي الأردني من باب إظهار الأوزان السياسية المحلية لكل طرف مقابل الطرف الأخر والاستناد الى من يقود الراي العام ضد أو مع مخطة كيري من خلال تسجيل مواقف واعلان تشكيل تكتلات سياسية خارج الأطر الرسمية والشرعية وجميعها تسير بأتجاه المزيد من فقدان البوصلة للشارع الأردني ، وهو نفس الشارع الذي يعلم علم اليقين أن من يقود متاهة بوصلته هم أنفسهم من رسموا الخطوط الرئيسية لإتفاقية اوسلو في بدايتها قبل الانقلاب الفلسطيني على الأردن وتبعها إتفاقية وادي عربة بكل تفاصيها الخفية والتي لايعلمها سوى هذه الرموز التي لعبت في خيوط اتفاقية اوسلو ووادي عربة ونسيت ما تم التوقيع عليه من باب التجاهل وعدم الاعتراف بالذنب السياسي وتمارس اللطم السياسي بحالة تشابه غلى حد بعيد " لطم الشيعة " و" اليهود " ، وهي مع ذلك ما تزال عابرة للوطن منذ عشرات السنين وتغيب عن الساحة السياسية الرسمية لتظهر بساحة الصالونات السياسية وبساحة قاعات الاحتفالات كواجهات اجتماعية سياسية تعطي القاعات ثقلا منفعيا يعادل ثقلها السياسي في إدارة المرحلة الانتقالية للحكم ، وبإصرار رأس الدولة على الاستناد لها في مراحل مفصلية من تاريخ الانتقال ذلك أعطى تلك الرمزو قناعة بأنها قادرة على ممارسة نفس الثقل السياسي دون الأخذ بعين الاعتبار أن السنوات الثلاثة عشر الماضية من عمر انتقال الحكم شطبت بجرة قلم الربيع العربي ومتغيرات السياسة الأقليمية والدولية والتي ادت لحدوث تغيرات في علاقة رأس الحكم معها .