سوريا طاردة لأهلها

المعارضة السورية تكبد الجيش النظامي خسائر فادحة ، عنوان " الرأي " قبل أيام ، والمعارضة تستولي على قاعدة إطلاق صواريخ بعيدة المدى تصل إلى قلب تل أبيب ، عنوان لصحيفة عربية ، ومشاهد لدبابات مدمرة أو معطوبة ، على شاشات الفضائيات ، وتدمير لأبنية ومقرات حكومية ، وغيرها ، غيرها من العناوين التي تدفعك لتسأل لمصلحة من يتم هذا ؟؟ أليست لمصلحة الأحتلال ومشروعه الأستعماري التوسعي العنصري الأسرائيلي الجاثم على أرض الجولان السورية المحتلة ؟؟ أليست لمصلحة العدو القومي الذي ما زال يرفض المساواة لفلسطينيي مناطق الأحتلال الأولى عام 1948 ، ويرفض الأستقلال لفلسطينيي مناطق الأحتلال الثانية عام 1967 ، ويرفض عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى اللد ويافا والرملة وحيفا وبئر السبع وكافة المدن والقرى الفلسطينية التي طردوا منها عام 1948 ؟؟ أليست لمصلحة الأحتلال الذي ما يزال يرفض الأنسحاب من جنوب لبنان ، ويواصل إعتداءاته المتكررة والمتقطعة على قطاع غزة ولبنان والعراق والسودان وتونس والأمارات العربية وإلى كل مكان وموقع تصل طائراته وقذائف دباباته ومؤامرات موساده ؟؟ .

اليست هذه الأدوات والأسلحة والمواقع المدمرة هي من قدرات الجيش السوري المغطاة كلفتها من جيوب وعرق الشعب السوري وعلى حساب رفاهيته وإستقرار وتنمية أبنائه ؟؟.

مقابل هذا الدمار والخراب حصيلة الحرب الدائرة بين الجيش النظامي والجيش الحر ، بين النظام وبين المعارضة المسلحة ، تبرز مشاهد اللجوء والجوع والمشردين من السوريين على حدود البلدان المجاورة تركيا ولبنان والأردن والعراق ، هذا الشعب الذي كان كريماً ووفياً لمن سعى ولمن إحتاج إلى اللجوء والأمن بسبب نكبة الفلسطينيين والحرب الأهلية اللبنانية ، وتداعيات الحرب الأميركية على العراق ، كي يجد في سوريا الترحاب ، بصرف النظر من يحكم سوريا من الوحدويين أم من الأنفصاليين من التقدميين أم من الرجعيين من القوميين أم من الوطنيين ، كانت سوريا دائماً دافئة لمن سعى إليها ، وها هي تتحول إلى وحش طارد لأهله قبل ضيوفها ؟؟

وإذا لم يكن هذا الذي يجري على أرض سوريا ولقدراتها ولشعبها ، مؤامرة ، فما هي أشكال المؤامرة وأوصافها وتبعاتها ؟ قد نجهل قراءة الوقائع وقد نجهل تتابع التاريخ ومأسي الشعوب ، ولكننا نتعلم من وقائع المشهد السوري نفسه على أن هذا مؤامرة مدبرة لتدمير سوريا !! ننحاز للديمقراطية وخيار صناديق الأقتراع وللتعددية ، ونرفض اللون الواحد والحزب الواحد والطائفة والقائد الملهم ، ولكننا لا نستطيع قبول ما يجري لسوريا وعلى أرض سوريا ولشعب سوريا من الطرفين من النظام ومن المعارضة ، من الجيش القومي ومن الجيش الجهادي ، فكلاهما يدمر نفسه وشعبه إما بقرار مسبق نزولاً عند تخطيط أعداء سوريا وتمويلهم ، أو بسبب ضيق أفق ، وغباء سياسي لا يحدد الأولويات ولا يعرفها ! .