يخال للمرء وللوهلة الأولى وهو يطأ ارض سرايفو انه يرتع بين دفات الجنان لما للمدينة من الق لاذاذ يروق للعين وهي تكتحل من نفحاتها ما يطيب به خاطرها ، فقد كانت الرحلة والزيارة لها في الثمانينات من القرن الفائت بمثابة لقاء الروح بالروح والأرض العطشة للربيع لبعث بها ثورة الزهر والورد من جديد لتعطي انطباع لعشاقها أنها الأحلى على هذا الكوكب .
كيف لا وهي تبعث بعث التأمل من فيحاء ربيعها الطل ، تماما هي مدينة المساجد والساحات والحدائق والماء والناس الطيبون الذين يتركون في النفس لحظات ولقاءات وزيارات وطدتها الأيام المفعمة بالحياة . سرايفو المدينة الساكنة في وسط اوروبا كانت جزء لا يتجزء من منظومة الحكم الشيوعي والتي بسط سيطرته عليها الطاغية جوزيف بروزتيتو لعشرات السنين ،فعمل على محو الكثير من المساجد والمعالم الإسلامية وكل ما يتصل بالمسلمين ،إلا أن منطقة البوسنة هذه والتي تعد سرايفو ركن رئيس بها تمكنت من المحافظة على أكثر من مئة مسجد ومئذنة صامدة يعلو من فضاءها الفج صدح الله اكبر مع كل فجر ،لكنه الفجر الذي كان مغمس بالظلم فلا يجوز للمسجد أن يعلي صوت الاذآن من عبر مكبرات الصوت بل يمنع حتى أن ينادى للصلاة من ساحته والمسموح به أن ينادى فقد من داخل المسجد ، والشيء الذي كان يعتصر قلوب البوسنيين هو منعهم حتى من التأمين بعد قرأة سورة الفاتحة خلف الإمام وإذا امن فقد همسا ، لكن أهل البوسنة بقوا قابضين على دينهم برغم توغل الشيوعية وغطرستها البغيضة ،حتى قيد الله لهم الفرج وجاء رجال أمثال المرحوم الداعية والسياسي الكبير الدكتور " عدنان بيكوفيتش " واخذ بيد البوسنة نحو التحرر بقوة الحق الذي طالما كانوا ينشدونه للتخلص من نير الشيوعية بعد أن انهار الاتحاد السوفيتي وتمزقت امبراطوريتهم إلى دويلات كل بما لديه فريحين،وهذا حق لهم لا سيما وقد تحرر العشرات من الدول الإسلامية والتي عاشت أكثر من سبعين سنة تحت سياط الشيوعية الملحدة .
وها هي اليوم سرايفو تنعم بالحرية ويعلو من مآذنها الله اكبر وعند أوقات الصلاة يطرب السامع للمناداة للصلاة بعد طول غياب .