لم أكن اعرف أن للأردن كل هذه السطوة, وخصوصا على الولايات المتحدة الأمريكية. ولم أكن أعي بأن دولة رئيس وزراءنا الأسبق والد رئيس وزراءنا الحالي رئيس مجلس الأعيان الأسبق السيد زيد الرفاعي متنفذا إلى هذا الحد وصاحب يد طولى عالميا بل صاحب يد حديدية وكلمة فصل على العالم وعلى أمريكا بعظمتها, فحصار إيران, ومعاقبتها اقتصاديا ودوليا وتجييش الجيوش لغزوها كان بمجرد رنة هاتف (لا اعلم إن كان محمولا أو ارضيا) ولا أعلم أيضا فيما إذا كانت الرنة (مس كول فقط) أو كانت مكالمة كاملة, كانت بتوصية وطلب من رئيس وزرائنا الأسبق بضرب إيران وتكسير رأسها ولأي سبب كان.
في 11 سبتمبر 2001 فوجئ العالم كله بهجمات برجي مركز التجارة العالمية والذي عرف فيما بعد بهجمات (11 سبتمبر) وبدأت أصابع الاتهام تتجه لدول وجماعات وأشخاص, وتوسع النطاق ليشمل احتلال لدول إسلامية بحجة رعايتها للإرهاب وإخفائها وتمويلها لإرهابيين وجماعات إرهابية مثل (العراق وأفغانستان) والحقيقة أنه حسب المثل الشامي الذي يقول (القصة مو قصة رمانة, القصة القلوب مليانة) وكانت المصالح فوق كل اعتبار.
في الأسبوع الأخير من الشهر المنصرم (أكتوبر) فوجئ العالم كله بفضيحة ويكليس الأمريكية (ونحن نعلم ان أمريكا أم الفضايح), والغريب في الموضوع نوع المعلومات التي تضمنتها هذه الفضائح وكمها وكيفية تسربها...! والأغرب من ذلك أن معظم ما تضمنته هذه الفضائح معروف للجميع نسبيا, فقتل المدنيين العراقيين وعدم وجود سلاح نووي في العراق والعلاقات العربية الإسرائيلية السرية والعلنية والتبادل التجاري والثقافي والتطبيع والجنود المرتزقة ومصالح شركات السلاح هي حقائق شاهدناها بالصوت والصورة وشاهدنا أكثر من ذلك.
الخبر الملفت للنظر والأكثر اهتماما للعرب على وجه الخصوص والأغلى بالنسبة لمدعي تسريب وثائق ويكليس هو خبر (فساد زعماء دول وحكومات أجنبية) – وهم كثر- وبالتالي فإن باب العرض والطلب مفتوح وباب شراء الذمم وسد الأفواه مفتوح وكل خبر اله سعره وبغض النظر عن صحة المعلومة من عدمها فإن مجرد الإشارة لخبر ما صادر عن جهة أمريكية هو فضيحة بحد ذاتها (واللي عراسه بطحه بحسس عليها) ولننتظر ما تخبئه الأيام القليلة القادمة من فتح باب المزاد سرا يتبعه استصدار أمر قضائي أمريكي بوقف النشر حفاظا على أسرار وحلفاء وعملاء أمريكا وخصوصا أن الدستور الأمريكي يساعد في ذلك.
بتفكير بسيط وبمراجعة سريعة لخبر تسريب الوثاق المسمى فضيحة ويكليس نجد بأن الفضيحة صناعة أمريكية 100% ولكنها بإخراج هزيل هذه المرة, لضعف المخرج سببا أو لصحوة الشعوب سببا أخر, وبات العبث بعقولنا واستهبالنا أمر صعب نوعا ما, فقد تعودنا على الأفلام الأمريكية وبتنا نعرف النهاية من البداية, فبطل الفضيحة عسكري أمريكي شاذ حصل على مائتان وخمسون ألف وثيقة سرية من أجهزة الأمن الأمريكية ونقلها واحتفظ بها دون علم الأجهزة الأمنية الأمريكية وعلى رأسها جهاز (السي أي إيه) والذي إن صحت المعلومة - مع عدم التسليم- فإن الولايات الأمريكية باتت قاب قوسين أو أدنى من شفير الهاوية إن لم تكن بالفعل بدأت.
في الختام ومن سبتمبر إلى نوفمبر فالشهرين وبالرغم من فارق السنوات التسع بينهما هما صناعة أمريكية أقنعنا أنفسنا بصدق الرواية الأمريكية, وكما قال الزعيم المصري \"مبارك\" (دي أمريكا واللي ما يخفش من أمريكا ما يخفش من ربنا) وبتنا فعلا نخشى أمريكا (خوفا وطمعا) ونقول إن الله غفور رحيم.
المحامي
أيمن شاهر العمرو
العقبة- 0795556610
Ayman_alamro@yahoo.com