سؤال بمثابة سكين يجرح كل من يتأمل الحال والمآل، ويهزّ النفوس هزًا عنيفًا، ويستدعي الحسرات والآهات ..
فالناظر والمتابع يدرك بعين البصر والبصيرة أننا قد بلغنا الدرك الأسفل من الذل والهوان والضعف، وبالتالي فقد هُنّا على أنفسنا وعلى أعداءنا، فلم يعد لنا وزنًا أو قيمةً ولا يُسمع لنا صوتًا ولا يُحفظ لنا مكانة ..
لدي رغبة ملّحة ودائمة لا تكاد تهدأ في الكتابة عن حالنا كعرب عمومًا وكأردنيين على وجه الخصوص، ولا أدري هل هي لاستنهاض الهِمَم إن كان هناك بقية من همة ننهض بها ؟ أم هي تنفيس عن الشعور بالأسى والحزن اللذين يملآن النفس ويفيضان ؟ أم هي مجرد رثاء ووقوف على الأطلال ؟
لا أدري قد تكون كل ذلك أو بعضه ..
عمومًا هذا هو الحال شئنا أم أبينا .. شتات وضعف وانكسار وإذلال وتجويع وحروب لا تنتهي، وقد امتد ذلك على مدى عقود من الزمان دون ان نُحرّك ساكناً، أو نخطو خطوة واحدة الى الأمام، فانقضّت علينا الدول الاستعمارية وقسمتنا إلى أجزاء سموها دولاً وكل جزء ينظر بعين الريبة والشك الى بقية الأجزاء، ثم عكفت تلك الدول على نهب ثرواتنا، والإنتقاص من سيادتنا وهيبتنا وكرامتنا ناهيكم عن تنصيب حكام طغاة علينا من بني جلدتنا يحكمون ويتحكمون بنا بالحديد والنار ..
ومع ذلك وبرغم ما سبق ذكره فإن لدي قناعة أنه مهما قيل ويقال عن حالنا، فإنه ينبغي أن يستمر أصحاب الأقلام والمفكرين وأصحاب الرأي في الكتابة عن هذا الوضع المزري و بجدية وتركيز ودون كلل أو ملل، فلعنا بذلك نلقي حجرًاً في مياه الأمة الراكدة علّه يُحدث بعض حراك ..
صحيح أن الباطل أصبح صوته عاليًا على حساب صوت الحق، وكذلك أبواقه أضحت أوسع إنتشارًا ولا تعد ولا تحصى بل وصار أبطال الباطل في أيامنا أنصاف وأشباه آلهه في نظر أنفسهم ونظر العميان من حولهم ..
أخيرًا ليعلم القاصي والداني أن أهدافنا سامية ووسائلنا لتحقيق هذه الأهداف ماضية إن شاء الله وسنبلغ الغايات التي تحقق لنا المجد التليد والعزّ الأكيد والمكانة الرفيعة التي نستحقها بين الأمم ..
أختم بالقول أن الكتابة ما هي الا آهات وأنّات تثبت أننا لم نفقد الاحساس بالالم بعد كل هذه النوازل والكوارث التي حلت بنا وأنه ما زال فينا حياة، وإن كنا نستحق أن يقام لنا مأتمًا وعويلا .