نتفق جميعا على أنه ليس بعد الشهادة من تضحية وانتماء وكرم وتفاني حيث يطلب الشهيد الموت مقبلا لا مدبرا. وفي سفر الحضارات نجد أن من ضحىوا بأنفسهم هم من رسموا تاريخ الأمبرطوريات والدول وترجموا حلم الشعوب بالأمن والأستقرار. وعلى المستوى الوطني فأن أحد أهم محاور هوية الدولة الأردنية وأرثها الحضاري هي هوية الشهيد.
أما على المستوى التعليمي التربوي الوطني، فتكاد تخلو المناهج الدراسية من أنموذج لقصص البطل الأردني الشهيد والذي يجب أن تجذب تجربه فداءه للوطن والمواطن الأطفال والشباب فيرسخ في الذاكرة ليقبلوا على الشهادة عندما يحتاجها الأردن والأردنييون وهي حتما الأنموذج المضاد لفكر التطرف والأرهاب. فالمناهج الدراسية لم تلقي بالا لقصص وأسماء شهداء الأردن (شهداء سفر برلك) اللذين قضوا في حروب الدولة العثمانية في اوروبا في نهايات القرن العشرين أوالشهداء اللذين أعدموا في دمشق وسجن تل الحصن وشهداء الهية في الكرك. ولم تتطرق لشهداء الثورة العربية الكبرى وشهداء الأستقلال عن الأستعمار البريطاني في معركتي تل برقش ووادي دير السعنة عام 1939 وغيرهم. كما ان قصص وأسماء شهداء فلسطين وأرض الكرامة وما بعدها والجولان السوري سقط أغلبها من المناهج الدراسية وبقيت حبيسة الوثائق والدراسات. فلا عجب ولاغرابة ان أغلب القصص والأسماء الموثقة غائبة في نتائج محركات الباحث والمتصفح الألكتروني ويبقى ظهورها مقصورا على اجتهادات منتديات وصفحات التواصل الأجتماعي. انني أجزم بأن محتوى المناهج الدراسية المخصص للشهداء هو أصغر بكثير من مقدار تضحيتهم طواعية فلا تستغرب اذا سألك طفلك يوما عن معنى كلمة شهيد لأنه تعود على قراءة وسماع كلمة قتيل.
وفي الأردن في زمن الحداثة والتجارة نجد أن الشهيد الأردني هو أنجح التجار فهو الذي يشترى أمن الوطن والدولة الأردنية وأمن عائلته وأطفاله بدمه يتدفق دافئا كقلب أمه ولمسة يد زوجته ودمعة طفلته. يستحق شهداء الأردن عبر التاريخ من الحكومة اعلان "اليوم الوطني لشهداء الأردن" بحيث يكون عطلة رسمية. ومن غيرهم يستحق يوما وطنيا يحتفي به الأردنييون؟ ومن غيرهم أولى بهذا التكريم والتقدير وهو قليل عليهم؟ ويهدف هذا اليوم الأغر الى تكريس المفاهيم الدينية والوطنية والشهادة واستحضار لأرواح من جادوا بها دون منة او خوف على مستقبل أطفالهم وأحبتهم. ولا أعتقد ان العطلة ليوم واحد ستوقف الحياة الأقتصادية في الأردن ولنعتبره يوما في عاصفة ثلجية يضاف الى العطل الكثيرة.
وبالرغم من الجهود الوطنية الحالية المقدرة لتكريم الشهداء في صرح الشهيد والنصب التذكاري في الكرامة والمنح التعليمية لأبناءهم الا ان هذا اليوم الوطني سضيف رعاية شعبية وترسيخا مستداما للذاكرة الوطنية ليصبح جزءا من الموروث الثقافي الشعبي والأرث الحضاري الأردني. فهم ترويدة الجدات للأحفاد ومصدر فخر ديني ووطني لعائلات الشهداء ولكل الأردنيين.
السلام عليك يا اردننا الغالي .... السلام عليكم أيها الشهداء وطبتم مقاما في جنات الخلود