خلق الله الناس ورفع بعضهم فوق بعض درجات ، وجعل منهم القادة والزعماء والسادة ، وسجّل لنا التاريخ عبر صفحاته البيضاء قادةً عظماء ، قدموا لامّتهم ووطنهم ، وضحوا بالغالي والنفيس في سبيل المبادىء والقيم التي نادوا بها.
حتى علت ارجل بعضهم فوق رؤوس جلاديهم ، فظلت اسماؤهم وكلماتهم منارات هدى يستنير بها اصحاب الهمم العالية .
وقد حفل تاريخ امتنا العربية بالكثير من امثال هؤلاء الذين خلّدهم التاريخ ، فعلى سبيل المثال لا الحصر حفظت امتنا ابطال مقاومة المستعمر في القرن العشرين في صفحات من نور مثل الامير عبد القادر الجزائري واسد الصحراء عمر المختار وعز الدين القسام وغيرهم الكثير ممن تعجز هذه السطور عن حصرهم او ذكر بطولاتهم او ايفائهم حقهم .
والحركة الاسلامية وهي جزء من الامة العربية شانها شأن اخواتها من حركات التحرر والانعتاق حفلت بقيادات عظيمة تركت ارثا كبيرا من مواقف الشرف والبطولة قلّ مثيله عز نظيره ، ومنهم من قضى نحبه مثل الامام الشهيد حسن البنا و الاديب سيد قطب والمستشار عبدالقادر عودة ومحمد فرغلي ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا مثل محمد مهدي عاكف ومحمد بديع ومحمد مرسي.
وعلى الجانب الاخر ، الجانب المظلم ، سجل التاريخ في صفحاته السوداء رموزٌ من الذل والهوان من قيادات متسلقة، وزعامات مهترئة ، باعوا انفسهم بأرخص الاثمان لعَرَضٍ زائل او منصب كاذب ، وتراهم ينقلبون على تاريخهم واهلهم ، او بالأحرى ينكشف اللثام عن وجوههم القبيحة وألسنتهم المسمومة ، فقد كانوا يتوارون خلف ذلك اللثام يخدعون به الناس ، ويظنون انهم يخدعون الله ورسوله وما يخدعون إلا انفسهم ولكن لا يشعرون ،فضاعوا وضيعوا من خُدع بهم.
فيا ايها الصامدون الثابتون لا تحزنوا على من ترك الجماعة وشق عصا الطاعة ، واعلموا ان الدعوات والثورات تلفظ خبثها كل حين بإذن ربها ،واعلموا ان النصر والتوفيق والنجاح ما كان ليكون بوجود امثال هؤلاء في الصف ، واعلموا ان الله عز وجل جعل الايام دول بين الناس ليميز الخبيث من الطيب ، قال تعالى : " احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امنا وهم ولا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين*" .