ما جرى في غزة على أرض ساحة السرايا يوم الجمعة 4/1/2013 ، بإحتفال المهرجان المركزي ، لإنطلاقة حركة فتح ، وذكرى ولادة الثورة الفلسطينية المعاصرة ، إعتبره عزام الأحمد في خطابه ، في الإحتفال المكرس لنفس المناسبة في عمان ، إعتبره الإنطلاقة الثالثة لفتح والثورة ولعموم شعب فلسطين الباسل :
الأولى : الإنطلاقة يوم الأول من كانون ثاني 1965 ، رداً على النكبة والتشرد وإحتلال فلسطين وقيام إسرائيل .
الثانية : تمثلت بنتائج معركة الكرامة 21/3/1968 والتصدي المشترك من قبل قوات المقاومة الناشئة مع قوات الجيش العربي الأردني ، لقوات الأحتلال الإسرائيلي الغازية ، رداً على النكسة وهزيمة حزيران ، وإحتلال ما تبقى من فلسطين ، وإنتقال بنية الثورة من مجموعة من الأفراد المتحمسين إلى حركة جماهيرية عبر الإنخراط الواسع في صفوفها ، من بين أبناء المخيمات والمشردين ، والمتضامنين من الوطنيين والقوميين واليساريين العرب والأمميين .
الثالثة : مهرجان المليون في غزة ، مهرجان الدولة والإنتصار ، وجاء رداً على الإنقلاب والإنقسام ، وفي مواجهة التفرد والتسلط والأحادية الحزبية ، وقد فاجأ جميع المراقبين بما فيهم الإسرائيليين ، وكذلك قادة حركة فتح الذين لم يتوقعوا مدى الرغبة الكامنة لدى شعبهم للإنعتاق والحرية والتعددية وتداول السلطة والأحتكام إلى صناديق الأقتراع ، وربط ذلك بالقضية الوطنية برمتها ، قضية إستكمال جلاء الأحتلال ونيل الحرية والأستقلال .
لقد سبق لشعب الضفة والقدس والقطاع ، أن عاقب حركة فتح في الإنتخابات البلدية 2005 ، والإنتخابات التشريعية 2006 ، بسبب سوء إدارتها للسلطة الوطنية خلال الفترة الواقعة ما بين الإنتخابات الأولى 1996 والثانية 2006 ، فإنحازوا لحركة حماس بإعتبارها البديل ، وحققت الأغلبية في البلديات ولدى المجلس التشريعي ، ورأس التشريعي عبد العزيز الدويك من حماس ، وشكل إسماعيل هنية الحكومة لكونه رئيس الأغلبية النيابية ، وبذلك تولت حماس موقعا الرئاسة لدى التشريعي والحكومة ، إعتماداً على نتائج صناديق الأقتراع ، ولكنها لم تكتف بذلك ، ولم تحرص على شرعية المؤسسة الفلسطينية ووحدتها وبنيتها بإعتبارها مؤسسة تمثيلية تضم الكل الفلسطيني شريكاً ومساهماً كل حسب ثقله ، وبالتالي ليس مؤسسات فلسطين مقتصرة على فصيل دون غيره ، والدلالة على ذلك على أن حركة فتح رغم ثقلها طوال الفترة القائمة من معركة الكرامة وحتى إتفاق أوسلو كانت تقود منظمة التحرير ضمن تحالف وطني عريض ، وحينما تشكلت السلطة الوطنية وحكوماتها برئاسة أبو عمار وأبو مازن وأبو علاء على التوالي ، تشكلت من تحالفات وطنية وها هي حكومة سلام فياض تقوم على تحالف سياسي يقودها شخصية وطنية مهنية بإمتياز ، بمشاركة الفصائل : فتح والديمقراطية والنضال وفدا وشخصيات مهنية مستقلة .
في غزة حكومة حماس حكومة حزبية من لون واحد ، لا تختلف في نهجها وفي طريقة إدارتها عن حكومات زين العابدين بن علي وحسني مبارك ومعمر القذافي وعلي عبد الله صالح ، حكومات من لون واحد ، تدين بالولاء الحزبي لسياسة ونهج حركة الإخوان المسلمين الأحادية الأنفرادية .
لم يكن خروج المليون ، إحتفالاً بإنطلاقة فتح ، تأييداً لفتح ورفضاً لحماس ، بل خرج هؤلاء لأنهم مع الثورة مع الحرية والأستقلال مع البرنامج الوطني الذي دعت له وقادته وجسدته حركة فتح مع باقي فصائل العمل الوطني ومؤسسات المجتمع المدني والأتحادات الشعبية والنقابات المهنية والعمالية والشخصيات الإجتماعية والفعاليات المتنوعة ، وهم في نفس الوقت ، وبقوة يرفضون نهج حماس الأحادي التسلطي ، يرفضون الأنقلاب والأنقسام ، ويطالبون عبر مهرجانهم بالتراجع عن نهج الأنقلاب ، وإنهاء الأنقسام وإستعادة الوحدة ، هذا هو عنوان مهرجان فتح ، مهرجان الإنطلاقة ، مهرجان غزة ، مهرجان " الدولة والأستقلال " لعل فتح قبل حماس تفهمه وتدركه وتعمل لأجله وتحت شعاراته وتلتزم بمضمونه ، ليعود صندوق الأقتراع ليحسم الخلاف والموازين وتشكيل قيادات المؤسسة بإعتباره مصدر الشرعية ، ولا شرعية من خارج صناديق الأقتراع .