في وداع اسطوانة الغاز
د. بلال السكارنه العبادي
سالت نفسي عدة مرات ماذا سافعل بدونك كيف ستصبح حياتي من بعدك ، وانت محبوبتي التي امضيت اجمل ايام حياتي في رفقتك منذ صباي ، وانت شامخة في منازلنا تطبخ امي وتصنع الشاي من نارك ولا انسى الخبز المنقوش من يدي امي في ذلك الفرن الذي لقبوه باسمك ( فرن الغاز ) ، وما ان كبرت واصبحت لدي زوجة واولاد وانا اراك كل يوم ، اتاملك واناجي النفس ماذا سيحصل لي في بعدك عني .
اينما اذهب اشاهدك ليل نهار في المنازل والمطاعم والفنادق وحتى لدى اؤلئك الذين يصنعون القهوة والشاي في الشوارع ، وحتى ان بعضهم وضعوك في سيارتهم كبديل عن استخدام البنزين من اجل توفير الوقود في وقتها لانخفاض سعرك .
اشاهدك في منزلي واتناول وجبات الطعام من نارك والتف في الشتاء حول لهيب نارك ، كنت وسابقى مفتون بك وشموخك اتذكر كل شي فيك ساعتك والبربيش الممتد بينك وكل شي يتصل بك ، ولا انس نغمات ذلك البكب اب الذي كنت افرح بسماع نغمات صوته لانه يذكرني بقدومك الى منزلي وانت مليئة بالدفئ والحنان والفرح.
وكم كنت اكره تلك اللحظة التي تبكين فيها لعدم وجود الغاز في داخلك ، ولا ادري كيف سامضي باقي الشتاء بدونك التف من حولك انافس اولادي في الجلوس بالقرب منك ولا ارغب بالبعد عنك ، وكنت افرح عندما ادفع ثمنك سابقا ولا ادري ماذا سافعل عندما تصبح قيمتك تتجاوز العشرة دنانير .
وبالرغم من ذلك سابقى معك حتى مطلع نهاية شهر نوفمبر ، وفي تلك الفترة ساهجرك مكرهاً ولن تبقين في بيتي لان قيمتك ستصبح عشرة دنانير ، ولكن لا تحزني ساودعك وداع الابطال ولن اكون ناكراً لجميلك السابق ستبقين فقط لغايات الطبخ وشرب الشاي او احاول ان ابقي واحدة اخرى كتحفة في منزلي وذلك في مكان جلوس الضيوف ، واضيف لك بعض الزركشة وذلك حتى نستطيع وضيوفي ان تنذكر تلك الايام الخلاوي في مدحك .
اما مدفأة الغاز ساودعها واضعاً اياها في مستودعي او باحثاً لمن يشتريها وبغض النظر عن ثمنها ولكن لن انسى تلك الايام الرائعة التي امضيتها برفقتك وسوف اشتاق لنارك ودفئك ، وان حبي لك لن يموت وستبقين خالدة في القلوب منتظراَ لعل وعسى يوما ان نعود لدفئك ومستغرباً من اصرار الحكومة على التفرقة ما بيني وبينك دون غيرك من مشتقات النفط الاخرى .
bsakarneh@yahoo.com