زيلينسكي يقول إن الهجوم الروسي على كييف يُظهر أن بوتين لا يريد السلام
جامعة الدول العربية تعقد اجتماعاً طارئاً لرفض الاعتراف الإسرائيلي بأرض الصومال
أكثر من 1.5 مليون مركبة خضعت للفحص الفني في الحملة الشتوية
الخرابشة: استعنا بشركات عالمية لمراجعة اتفاقية تعدين نحاس أبو خشيبة
خدمة جديدة في ميناء سعودي تربطه بـ3 دول خليجية
4025 ميجا واط الحمل الكهربائي الأقصى المسجل السبت
الجيش الإسرائيلي ينسحب من قباطية بعد عملية عسكرية واسعة
المياه: سدود الجنوب تسجل ارتفاعا ملحوظا بتدفق كميات المياه
عروض وألعاب نارية .. الإمارات تستقبل 2026 بفعاليات عالمية في هذه الأماكن
إنقاذ أشخاص من الغرق خلال محاولتهم عبور الحدود السورية اللبنانية والبحث عن مفقودين
زيلينسكي إلى فلوريدا للتباحث مع ترامب في خطة إنهاء حرب أوكرانيا
بوتين: سنحقق أهدافنا بالقوة في أوكرانيا إذا لم ترغب في السلام
بشرى سارة للعالم .. لقاحات السرطان قد تصبح متاحة خلال 10 سنوات فقط
غرق مئات خيام النازحين في قطاع غزة مع اشتداد تأثير المنخفض الجوي
العمل تحرر 5803 مخالفات وتنفذ أكثر من 28 ألف زيارة تفتيشية خلال 11 شهرًا
تباطؤ متوقع للحركة المرورية في العاصمة والمحافظات بسبب تساقط الأمطار
7 أخطاء شائعة عند التوقف عن حقن التنحيف ونصائح للحفاظ على النتائج
مدير تربية الزرقاء الأولى: استلام 4 مدارس جديدة مطلع العام المقبل للتخفيف من نظام الفترتين
بلدية الكرك: ليلة طويلة مرت على المحافظة!
تمثل العشائر الأردنية أحد الأعمدة البنيوية للدولة الأردنية الحديثة، ليس بوصفها مكوّنًا اجتماعيًا فحسب، بل باعتبارها شريكًا تاريخيًا أصيلًا في صناعة الاستقرار السياسي وترسيخ الشرعية الوطنية. فمنذ تأسيس إمارة شرق الأردن، تشكّلت علاقة فريدة بين القيادة الهاشمية والعشائر الأردنية، قوامها الثقة المتبادلة، والالتزام الوطني، والإيمان المشترك بأن الوطن والملك يشكّلان معًا جوهر الأمانة والمسؤولية.
تُعدّ العشائر الأردنية مكوّنًا بنيويًا فاعلًا في تشكّل الدولة الأردنية الحديثة، إذ تجاوز حضورها الإطار الاجتماعي التقليدي ليؤدي دورًا سياسيًا ووظيفيًا في ترسيخ الإستقرار وتعزيز الشرعية. وفي هذا السياق، تبرز العلاقة بين العشائر الأردنية والقيادة الهاشمية بوصفها علاقة تأسيسية قامت على التلاقي بين مشروع الدولة ومخزون إجتماعي يتمتع بالتماسك والقدرة على الضبط الذاتي. ومن هنا يمكن مقاربة مقولة إن «الوطن والملك أمانة في أعناق العشائر الأردنية» باعتبارها تعبيرًا عن منظومة مسؤولية تاريخية وسياسية متبادلة.
منذ نشأة إمارة شرق الأردن، أسهمت العشائر في توفير الحاضنة الإجتماعية اللازمة لقيام الدولة وإستمرارها، في مرحلة إتسمت بغياب الهياكل المؤسسية المتكاملة. وقد مثّل هذا الدور أحد مصادر القوة الناعمة للدولة، حيث أُعيد توظيف الإنتماء العشائري ضمن إطار وطني جامع، أسهم في تقليص فجوة المركز والأطراف، وتعزيز مفهوم الولاء للدولة بوصفها كيانًا سياسيًا جامعًا لا يتناقض مع الخصوصيات الإجتماعية.
وتشير القراءة التاريخية لمسار الدولة الأردنية إلى أن العشائر لم تكن فاعلًا سلبيًا أو تابعًا للسلطة، بل شريكًا في إنتاج الشرعية السياسية. فقد إرتكز الولاء للعرش الهاشمي على إدراك عميق لدور القيادة في حماية الإستقلال، والحفاظ على وحدة الأرض والقرار، وإدارة التوازنات الداخلية والخارجية في بيئة إقليمية مضطربة. وبذلك تشكّل نمط من الشرعية التوافقية التي إمتزج فيها البعد الدستوري بالبعد الإجتماعي.
إن مفهوم الأمانة، في هذا الإطار، يكتسب دلالة مركبة؛ فهو لا يقتصر على البعد القيمي أو الرمزي، بل يتجسّد في ممارسات ملموسة تتصل بحفظ الأمن، وصون السلم المجتمعي، ودعم مؤسسات الدولة. وقد لعبت العشائر الأردنية دورًا محوريًا في رفد القوات المسلحة والأجهزة الرسمية بالكفاءات البشرية، الأمر الذي أسهم في بناء مؤسسات وطنية ذات طابع إحترافي، دون أن تنفصل عن محيطها الإجتماعي.
وفي المرحلة الراهنة، تتخذ هذه الأمانة أبعادًا أكثر تعقيدًا، في ظل تحولات داخلية وضغوط إقليمية وتحديات إقتصادية وفكرية. فلم يعد الحفاظ على الوطن يقتصر على البعد الأمني التقليدي، بل بات يشمل تعزيز مناعة الدولة من خلال ترسيخ ثقافة المواطنة، وحماية الوعي الجمعي من خطاب الإستقطاب والتشكيك، والمشاركة الفاعلة في مسارات الإصلاح والتنمية. كما أن الولاء للملك، بوصفه رمزًا لوحدة الدولة و إستمرارية مؤسساتها، يتجلّى في دعم الشرعية الدستورية وإحترام سيادة القانون.
وعليه، يمكن القول إن العلاقة بين العشائر الأردنية والوطن والملك تمثل نموذجًا خاصًا في التفاعل بين الدولة والمجتمع، يقوم على تبادل المسؤولية لا على التبعية، وعلى الشراكة لا على الإقصاء. وهي علاقة أثبتت قدرتها على الإستمرار والتكيّف، وأسهمت في الحفاظ على إستقرار الدولة الأردنية ضمن محيط إقليمي شديد التقلب.
فإن توصيف الوطن والملك بوصفهما أمانة في أعناق العشائر الأردنية لا يُعدّ توصيفًا إنشائيًا، بل توصيفًا تحليليًا يعكس واقعًا تاريخيًا وسياسيًا، تتجدد دلالاته بتجدد التحديات. وهي أمانة تتطلب وعيًا مستمرًا بطبيعة المرحلة، وإدراكًا لدور العشائر كشريك وطني فاعل في حماية الدولة وضمان إستمراريتها.
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي