هآرتس العبرية: اعتداءات المستوطنين سياسة رسمية لضم الضفة
الحكومة اللبنانية تقر مشروع قانون يوزع الخسائر المالية بعد أزمة 2019
منخفض جوي يؤثر على المملكة اليوم ويجلب أجواء باردة وأمطارًا قد تكون غزيرة
الأمن العام يحذر المواطنين من المنخفض الجوي ويؤكد ضرورة الالتزام بإجراءات السلامة
السبت .. منخفض جوي مصنف من الدرجة الثانية
«تكميلية التوجيهي» تبدأ اليوم
الأردن يرفض إعلان الاعتراف المتبادل بين إسرائيل وإقليم أرض الصومال
الجيش: ضبط شخص حاول التسلل إلى الأردن عبر المنطقة الشمالية
الادارة المحلية تنبّه البلديات وتخصّ الكرك والطفيلة: مستوى الخطورة مرتفع جدا
القبض على 12 ضابطا سابقا بجيش الاسد اثناء محاولتهم دخول سورية - فيديو
تدهور ضاغطة نفايات يتسبب بأضرار مادية في مادبا - صور
الأردن .. الأرصاد: أيام من الأجواء الباردة والأمطار
بلدية غرب إربد ترفع جاهزيتها للظروف الجوية وتنفذ أعمال تصريف وتشجير وخدمات متكاملة
422 طالبًا من ذوي الإعاقة يتقدمون للامتحان التكميلي وسط ترتيبات تيسيرية خاصة
فرنسا: إصابة ثلاث نساء بجروح في عمليات طعن في مترو باريس
خبير مصرفي يطالب البنك المركزي بإعادة مدة القروض الشخصية إلى 10 سنوات
الطفل عبدالكريم قشطة يرفع اسم الأردن عاليا في المسابقة العالمية لذكاء الأرقام
مليارا دينار حجم الإنتاج في قطاع الصناعات الهندسية والكهربائية
2025 عام الريادة النسائية الأردنية وتعزيز الحضور الدولي
لا يمكن مقاربة الوضع الأردني الراهن من زاوية آنية أو قطاعية، ولا من خلال خطاب إعلامي إنشائي يكتفي بوصف الأعراض دون النفاذ إلى الجذور ، فالأردن اليوم يقف عند تقاطع استراتيجي بالغ الحساسية، حيث تتشابك عوامل داخلية متراكمة مع تحولات إقليمية ودولية عميقة، تعيد تشكيل موازين القوة، وأنماط التحالف، ووظائف الدول في النظام الدولي ، والدولة الأردنية، رغم ما تتمتع به من استقرار نسبي مقارنة بمحيطها، تواجه تحديًا مركزيًا يتمثل في كيفية الانتقال من إدارة الاستقرار إلى إنتاج الاستدامة، ومن سياسة احتواء الأزمات إلى سياسة إعادة التموضع البنيوي ، بالتالي لا بد من تقديم تشخيص استراتيجي للوضع الأردني، يدمج الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والخارجية، ويقترح إطارًا فكريًا لإعادة بناء القرار العام على أسس واقعية وقابلة للاستمرار :
أولًا: البنية السياسية – استقرار محافظ وحدود التكيف ،حيث يتميّز النظام السياسي الأردني بقدرة تاريخية على امتصاص الصدمات والحفاظ على الاستقرار في بيئة إقليمية شديدة الاضطراب ، إلا أن هذا الاستقرار، في شكله الحالي، بات أقرب إلى استقرار محافظ ينجح في منع الانهيار، دون أن ينجح بالقدر ذاته في توليد حيوية سياسية متجددة ، وتتجلى الإشكالية الأساسية في الفجوة المتسعة بين بنية القرار السياسي ومتطلبات مجتمع شاب، متعلم، عالي التوقعات، محدود الفرص ، كما تواجه المنظومة السياسية تحديات تتعلق بفاعلية المشاركة العامة، وتجديد النخب، وتوازن العلاقة بين السلطات، إضافة إلى الحاجة لإطار تشريعي يعزز الثقة دون المساس بثوابت الأمن الوطني ،في حين أن الاستقرار السياسي الحقيقي لا يُقاس بغياب الاضطرابات فقط، بل بقدرة النظام على التكيف الاستباقي، وتجديد أدواته، وفتح قنوات تمثيل حقيقية، تمنح المجتمع شعورًا بالشراكة لا بالاكتفاء بالاحتواء.
ثانيًا: الاقتصاد الوطني – أزمة بنيوية لا ظرفية ، سيما وأن الاقتصاد الأردني يعاني من اختلالات هيكلية مزمنة، لا يمكن تفسيرها بوصفها نتائج ظرفية لأزمات إقليمية أو عالمية فقط ، فمحدودية القاعدة الإنتاجية، وارتفاع معدلات البطالة، خاصة بين الشباب، وتضخم الدين العام، والاعتماد النسبي على المساعدات والتحويلات الخارجية، جميعها مؤشرات على نموذج اقتصادي وصل إلى حدود قدرته ، في وقت
أدى فيه الاعتماد الطويل على اقتصاد ريعي–خدمي، وضعف القطاعات الصناعية والزراعية ذات القيمة المضافة، إلى نمو اقتصادي غير قادر على توليد فرص عمل كافية أو تحقيق توزيع عادل للعوائد ، كما أسهمت السياسات المالية القائمة على الجباية الضريبية، بدل تحفيز الإنتاج، في إنهاك الطبقة الوسطى وتآكل الثقة بين الدولة والمجتمع ، لهذا نجد أن جوهر الأزمة لا يكمن في ندرة الموارد، بل في غياب رؤية اقتصادية وطنية شاملة تعيد تعريف دور الدولة من منظم وجابي إلى ممكن ومحفز، وتعيد بناء العلاقة مع القطاع الخاص بوصفه شريكًا تنمويًا طويل الأمد، لا مجرد مصدر تمويل ظرفي.
ثالثًا: البعد الاجتماعي – مجتمع شاب تحت ضغط التوقعات ، حيث يمتلك الأردن ميزة ديمغرافية مهمة تتمثل في غالبية شبابية متعلمة ومنفتحة على العالم، إلا أن هذه الميزة تحولت تدريجيًا إلى مصدر ضغط بنيوي في ظل محدودية الفرص الاقتصادية والاجتماعية ، وتتمظهر هذه الإشكالية في فجوة عميقة بين الطموحات الفردية والمسارات الواقعية المتاحة، ما يخلق حالة من الإحباط الصامت القابل للتحول إلى توتر اجتماعي عند أول صدمة ، كما تواجه البنية الاجتماعية تحديات إضافية مرتبطة بتراجع الحراك الاجتماعي، وتآكل الطبقة الوسطى، واتساع الفوارق الاقتصادية، فضلًا عن الأعباء المستمرة لاستضافة اللاجئين، والتي رغم إدارتها بكفاءة نسبية، ما تزال تضغط على الخدمات العامة والبنية التحتية وسوق العمل ، وفي المقابل فإن الحفاظ على السلم الاجتماعي لا يمكن أن يقوم على الدعم المؤقت أو الخطاب التطميني، بل يتطلب عقدًا اجتماعيًا متجددًا يعيد التوازن بين الحقوق والواجبات، ويمنح الشباب مسارات واضحة للمشاركة والإنتاج والانخراط في الشأن العام.
رابعًا: البعد الأمني – استقرار يقظ في بيئة عالية المخاطر ، وهنا يشكل الأمن أحد أبرز عناصر القوة في الدولة الأردنية ، فقد نجحت المؤسسات الأمنية والعسكرية في تحصين الداخل ومنع انتقال الفوضى الإقليمية، رغم وجود الأردن في محيط جغرافي من أكثر المناطق هشاشة واضطرابًا في العالم ، إلا أن التحديات الأمنية المستقبلية لم تعد محصورة في التهديدات التقليدية، بل باتت مركبة، تشمل الأمن الاقتصادي، والأمن الاجتماعي، والأمن السيبراني، إضافة إلى تداعيات الصراعات الإقليمية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية ، وفي هذا السياق، فإن أي خلل داخلي اقتصادي أو اجتماعي قد يتحول إلى ضغط أمني غير مباشر ، وعليه، فإن المقاربة الأمنية المستقبلية يجب أن تُبنى على مفهوم شامل للأمن الوطني، يرى في التنمية والعدالة وبناء الثقة المجتمعية ركائز أساسية للاستقرار، لا ملفات منفصلة عنه.
خامسًا: السياسة الخارجية – براغماتية محسوبة وفرص محدودة ، وقد
اتسمت السياسة الخارجية الأردنية تاريخيًا بالاعتدال والبراغماتية، والقدرة على الحفاظ على توازن دقيق في شبكة معقدة من العلاقات الإقليمية والدولية ، غير أن التحولات الجارية في النظام الدولي، وتراجع مركزية بعض التحالفات التقليدية، وصعود أدوار إقليمية جديدة، تفرض على الأردن إعادة تقييم موقعه ووظيفته ، وفي هذا السياق، يحتاج الأردن إلى الانتقال من سياسة إدارة المخاطر إلى سياسة استثمار الدور، عبر تعظيم موقعه الجغرافي والسياسي في ملفات الطاقة، والمياه، والوساطة السياسية، والأمن الإنساني، بما يعزز استقلالية قراره ويقلل من كلفة الاعتماد الخارجي.
سادسًا: إعادة التموضع الاستراتيجي – من إدارة الأزمة إلى بناء المستقبل ، و
تشير مجمل المؤشرات إلى أن الأردن لا يواجه خطر الانهيار، لكنه يواجه خطر الاستنزاف البطيء إذا استمر العمل بالأدوات ذاتها ، بالتالي المطلوب ليس تغييرًا صداميًا أو قفزًا في المجهول، بل إعادة تموضع هادئة ومدروسة، تقوم على :
صياغة رؤية وطنية طويلة المدى تتجاوز دورات الحكومات.
إعادة تعريف دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي.
تجديد النخب السياسية والإدارية على أساس الكفاءة والمساءلة.
تعزيز الشفافية وبناء الثقة مع المجتمع.
الاستثمار في الإنسان بوصفه الأصل الاستراتيجي الأهم للدولة.
وضمن ما سبق علينا أن نعترف جميعاً أن الأردن اليوم يقف أمام لحظة مفصلية في تاريخه الحديث ، فإما أن يحوّل التحديات المتراكمة إلى فرصة لإعادة بناء نموذجه السياسي والاقتصادي والاجتماعي، أو أن يواصل إدارة الأزمات حتى تتآكل قدرته على المناورة ، في وقت لا يقاس فيه الاستقرار الحقيقي بطول أمده، بل بقدرته على التجدد ، والأردن يمتلك من الحكمة المؤسسية، والرصيد الإنساني، والشرعية السياسية، ما يؤهله لعبور هذه المرحلة بنجاح، شريطة امتلاك الجرأة على الاعتراف، والمراجعة، وإعادة البناء ... !! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .