آثار سلبية محتملة على سوق العمل بعد وقف إعفاءات السوريين
فريق مكافحة الإرهاب المائي يحصد لقب “المحارب المائي” في ختام منافسات الكتيبة الخاصة/71
عشيرة أبو سنيمة تنشر صور أبنائها الذين قتلوا أبو شباب - بيان
(خضرجي) يقتل أجيره في الأزرق .. جريمة مروعة وقعت صباح اليوم - تفاصيل
تعديل المرحلة الثانية من خطة ترمب .. هل ينقذ وقف النار بغزة؟
البكار : 6 آلاف عاملة هربت من منازل الأردنيين
الأردن .. القضاة: 284 ألف زائر لمهرجان الزيتون الوطني حتى الخميس
يديعوت: مقتل ياسر أبو شباب بضرب مبرح من عناصر داخل عصابته
الاستراتيجيات الأردني يصدر تقريراً عن فرص الاستثمار في الاقتصادات الآسيوية
زعيم الطائفة الدرزية في (إسرائيل) ينتقد حماية ترمب للشرع
النشامى يترقبون قرعة كأس العالم 2026 في أول مشاركة تاريخية للمونديال
قصف إسرائيلي على ريفي درعا والقنيطرة في سورية
نقيب المقاولين: طرح الثقة بمجلس النقابة "غير قانوني" في اجتماع السبت
هيئة النزاهة: استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد
الرئيس اللبناني: هدف المحادثات مع إسرائيل تجنب شبح حرب ثانية
أسعار الغاز الطبيعي تصل إلى أعلى مستوياتها في ثلاث سنوات
من السجن إلى الملعب .. لاعب برازيلي يخوض النهائي بسوار المراقبة
ميدالية برونزية لمنتخب التايكواندو في بطولة العالم تحت 21 عاما
الأرصاد العالمية: 2024 العام الأكثر حرارة في الوطن العربي
في كثير من الحروب تُحسم المعركة بتفوق عددي أو ناري، لكن حرب أكتوبر (1973) تُعد درسًا فذًّا في كيف تُحوَّل المفاجأة المدروسة والخداع الاستراتيجي إلى أداة لا تُضاهى للضغط السياسي، بل لتغيير موازين القوى دون الانزياح في الشرعية القانونية ، وهذه العجالة تحاول الربط بين ثلاث محاور : السياسة، القانون، والاستراتيجية، ليفسر كيف تمكنت مصر — بقيادة السادات — من خلق انتصار معنوي واجتماعي، مع الالتزام بمرجعية قانونية قوية، واستثمارها في مفاوضات أعادت سيناء إلى السيادة الوطنية ، ودعونا نبدأ بالمحاور :
المحور الأول: استراتيجية المفاجأة والخداع المُخطَّط :
1.1 العقل السياسي خلف القرار
السادات فهم أن المواجهة المباشرة في توقيت مزدحم ستكون مغامرة، فاختار التمهيد على مدار سنوات من خلال إشارات سياسية واستنزاف دبلوماسي تُخالف الواقع الاستعدادي ، لدرجة أن
المراقبون الاستخباراتيون غفلوا عن أن النية يمكن أن تكون واضحة لكن القدرة تُقدَّر خطأ ، وفي مراجعة لاحقة، تبيّن أن المخابرات الغربية والإسرائيلية لم تجهل نية السادات، بل قلّلت من قدراته الفعلية.
1.2 أعمال التمويه والتخفّي
تسريحات الاحتياط المتكررة وعودتها أمور بدت طبيعية مع مرور السنين، ففقدت الإشارات لخطوة كبرى – كما أراد التخطيط المصري ، إضافة إلى استيراد خراطيم وضواغط مياه يُعلن أنها لري الأراضي الصحراوية، بينما كانت معدة لتدمير خط بارليف ، فضلاً عن شراء زوارق مدنية “للصيد” وتحويلها عمليًا إلى وحدات نقل عسكرية خفيفة ، هذا مع
وصول بعض القيادات إلى مكاتبهم في توقيت طبيعي كأن اليوم عادي، لتفادي أي إشارات عن تعبئة طارئة.
1.3 التوقيت: العاشر من رمضان، الساعة الثانية ظهرًا ، واختيار يوم عيد الغفران اليهودي (Yom Kippur) — وهو يوم عطلة مقدّسة في إسرائيل — جعل جهوزية المؤسسة الأمنية الإسرائيلية منخفضة إلى الحد الأدنى ، مضافاً لذلك التوقيت غير المتوقع " الساعة الثانية ظهرًا " لم يكن توقيتًا عاديًا لبدء هجوم عسكري، وهو ما أربك التقديرات الاستخبارية ، سيما وأن غالبية الجيوش تبدأ هجومها فجرًا أو في وقت يتوقعه العدو أقل ما تكون فيه حالة تأهب عالية ، وانسجام التوقيت مع مقايسات تقليدية لإسرائيل أعطاهم شعور الأمان الزائف.
المحور الثاني: البُعد القانوني الدولي والشرعية :
2.1 الحق في استرداد الأراضي المحتلة
من منظور ميثاق الأمم المتحدة، والحق في الدفاع واسترداد أرض محتلة يُعد من الحقوق المشروعة، شريطة أن تُمارس الحرب وفق قواعد الشرعية الدولية ، و
إسرائيل احتلت سيناء في حرب 1967، ومع تبنّي قرارات مثل القرار 242، طالبت الشرعية الدولية بـ «انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة» مقابل سلام عادل.
2.2 القوانين الدولية في النزاع المسلّح
يجب احترام القانون الدولي الإنساني (مثل اتفاقيات جنيف) في طريقة التعامل مع الأسرى والمدنيين ، حتى في “حرب استرداد”، لا يُسمَح بالاستخدام المفرط للقوة أو التجاوز على حقوق السكان المدنيين ، ومن المهم أن الخطة المصرية — قدر الإمكان — لم تخرق هذه القواعد، لأن نجاح الانتقال إلى مفاوضات سلمية كان مرهونًا بالحفاظ على مظهر الشرعية.
2.3 وقف إطلاق النار والمفاوضات
اعتمد مجلس الأمن على القرار 338 (22 أكتوبر 1973) لوقف القتال والبدء بالمفاوضات في إطار ما ورد في القرار 242 ، وثم تلى ذلك القرار 339 (23 أكتوبر) الذي أكد مضمون 338 وطلب انتشار مراقبين دوليين ، وفي السياق المصري، كانت إحدى الغايات من المفاجأة أنها تدفع إسرائيل إلى طاولة التفاوض من موقع ضعف نسبي، وتُكرّس موقع مصر كطرف لا بد من استيعابه في أي تسوية مستقبلية.
المحور الثالث: من الانتصار الاستراتيجي إلى السلام السياسي :
3.1 الكسب الرمزي والمعنوي ،
فرغم أن إسرائيل لم تنهزم بالكامل عسكريًا، إلا أنها عانت أزمة ثقة داخلية كبيرة، وظهرت أمام العالم أنها ليست منيعة كما روجت لنفسها دائماً ، والحقيقة حرب اكتوبر كانت بالنسبة للعرب أول الضربات المؤثرة في تاريخهم الحديث.
3.2 الربط بين الحرب والسلام ،
فبعض الدراسات ترى أن حرب 1973 كانت المدخل الضروري لمفاوضات السلام اللاحقة بين مصر وإسرائيل، فقد أذعنت إسرائيل أن الاستمرار في المراهنة على القوة وحدها ليس ضمانًا ، و التوقيع على معاهدة كامب ديفيد في 1978 وأساليب الحل خطوة بخطوة جاءت في سياق أن مصر حقّقت ما يُسمّى “معادلة الردع” : "القدرة على الحرب، والاستعداد للتفاوض" .
3.3 المخاطر والتحديات التي واجهتها مصر ، حيث أن الانتقال من القتال إلى السلام لا ينجح إذا لم تُبن البنى الدبلوماسية والقانونية بشكل متقن ، بالتالي بعد حرب أكتوبر، كان على مصر أن تثبت أنها ليست طرفًا عدوانيًا، بل مدافع عن حقوقها، لتكسب قبول المجتمع الدولي ، كذلك، مسار السلام كان مليئًا بتنازلات، ضغط دولي، وصراع داخلي حول الاتجاه الاستراتيجي للدولة ، لهذا كله وغيره مما لا يمكن ذكره في هذا السياق تبقي حرب أكتوبر ليست مجرد حدث عسكري، بل نموذج متكامِل في إدارة النزاع، المشروع القانوني، والذكاء العسكري الإستخباري والسياسي ، ولقد أثبتت مصر أن البدء بالمفاجأة — إذا كان محسوبًا ــ يمكن أن يُحدث نقطة تحول استراتيجية ، وأن الالتزام الجزئي بمبادئ القانون الدولي يمنح خطوة الانتقال إلى السلم قوة إضافية ، وأن الانتصار لا يُقاس فقط بالعمل الميداني، بل بالقيمة المعنوية والشرعية التي تجعلك شريكًا لا مرفوضًا في الحل ... !! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .