أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
غريفيث: القصف الإسرائيلي حوّل غزة إلى جحيم على الأرض خبير في قطاع الحج يتحدث عن مصير الحجاج المفقودين. نتنياهو يدرس نقل مسؤولية توزيع مساعدات غزة إلى الجيش 11 شهيدا في قصف إسرائيلي استهدف شرق رفح هيئة إنقاذ الطفولة: المجاعة وشيكة في غزة. سلوفاكيا تهزم بلجيكا في أكبر مفاجآت كأس أوروبا وزير الزراعة: الحرائق انخفضت للعام الثاني على التوالي أسواق الأسهم الأوروبية تغلق على ارتفاع طفيف. أمانة عمّان: ترحيل 37 حظيرة عشوائية لبيع الأغنام إخماد حريق أشجار وأعشاب في الكورة والمزار الشمالي. موفد بايدن في إسرائيل على خلفية تصعيد التوتر على الحدود الشمالية. تقرير: ارتفاع قياسي للإنفاق العالمي على الأسلحة النووية الأوقاف: البحث جارٍ عن حاجة أردنية مفقودة ضمن البعثة الرسمية. طائرتان من سلاح الجو شاركتا بعمليات إخماد حريق عجلون مصرع 4 أشخاص بهطول أمطار غزيرة شرقي الصين. روسيا : خطط الناتو لنشر المزيد من الأسلحة النووية تمثل تصعيدا للتوتر قوات الاحتلال تقتحم قرية في رام الله الكرك: الركود يخيم على الأسواق في ثاني أيام عيد الأضحى نوير حارس ألمانيا: قد أعتزل بعد اليورو تكدس ألف شاحنة مساعدات عند معبر كرم أبو سالم
هل تعلم كيف تخوض الأيام بقدميك دون قلبك ..
الصفحة الرئيسية مقالات مختارة هل تعلم كيف تخوض الأيام بقدميك دون قلبك ..

هل تعلم كيف تخوض الأيام بقدميك دون قلبك ..

21-03-2024 11:02 PM

لله در قلوبنا كم تحملت وصبرت .. فـ حياتنا الدنيا لا تسير بنا على وتيرة واحدة وعلى وضع دائم إنما هي تتقلب وتتأرجح بنا تأرجح الكرة، فيها نعيش بين سعادة وشقاء، بين يسر وعسر، بين فرح وحزن، بين صفاء وكدر.. هكذا هي الحياة، وهكذا أرادها الله - عز وجلّ - مدّ وجزر، حلّ وترحال، لقاء وفراق، بداية ونهاية؛ قال تعالى: {وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}.

أشخاص في حياتنا نحبّهم فيكثر حديثنا وشجارنا معهم، نسخّرهم جلسات استرخاء لأعصابنا، فـ يوم نشكو لهم ويوم نشكوهم لأنفسهم، نمارس فيهم رياضة التنفيس، وبكلّ ما أوتينا من سلبيات نخرج إليهم؛ واضحين كالشمس. نتعرّى أمامهم من معاطف الوقاية من برد المجتمع وحرّه وكيده، نقف أمامهم بغصوننا المرهقة وأوراقنا اليابسة وثمارنا المتيبّسة، يتساقط سلوكنا أمامهم، ولا نخشى شيئا ولا نخاف لأننا سنعتذر في آخر اليوم ونتسامح ونتعانق ونضحك. ونكره أن يمسّهم سوء أو أن تقترب منهم الآلام، نكره فراقهم وليلة من غيابهم تساوي ألف عام! الذين نحبّهم بشدّة قدد ننتقدهم بحدّة لأنّنا نحبّهم بصدق فنقف أمامهم بذاتنا الهشّة ونطلعهم على تفاصيل أحاسيسنا ومشاعرنا ودموعنا وميولنا، نعود برفقتهم أطفالا ونتحوّل بفضلهم أبطالا، لا أحد سواهم يمنحنا حق تحوّل كهذا ولا ندفع ثمنه عدا الحبّ، نريد حضورهم واهتمامهم كلّ مرّة، نتشارك معهم الحزن والمسرّة.

لولاهم لما تعلّمنا كيف ندير حياتنا، لولاهم لما اكتسبنا مهارات تؤهلنا للخروج إلى المجتمع ومشاركة الناس، لولاهم لما فهمنا معنى الحوار والاحترام والتفاوض والتسامح والاعتذار، لولاهم لما تعلّمنا كيف نتجاوز عن الأخطاء ونغفر، لولاهم لما تعلمنا الصدق ولولا وجودهم لتكوّنت في داخلنا العقد وفي أجسادنا الأمراض ولما عبّرنا عن مشاعرنا ولما فرّغنا انفعالاتنا ولما كان لنا رأي ولما عرفنا معنى الأخوّة ومعنى أن يكون لك صديق كأخ. هم السند، هم المدرسة النفسية وهم المدرسة الفكرية، هم المدرسة المعرفية والاجتماعية والدينية والاقتصادية، والفنيّة التي علّمتنا معنى التقبل علمتنا معنى الاختلاف.. علمتنا الكثير ..

فتخطفهم يد الغياب، يرحلون ويتركون لنا الذكريات في كلّ ركن؛ تحكي عن الماضي ما كان فيه وما ولم يكن. لا يحزننا حدث الموت لأنه حقيقة لا بد منها، بل يحزننا الفراق بدون وداع، تحزننا كل الأفعال الجميلة التي قمنا بتأجيلها إلى الغد، كل اللقاءات التي لم يكتب لها أن تتم. فتتملكنا الحسرة عل كل حدث وفعل مأجل، نتوه بين ألم الفراق والاشتياق. فيأخذنا الحنين إلى الماضي بتفاصيله الجميلة، لكننا لا نستطيع التخلص من حقيقة الحاضر المؤلمة، حاضر بمشاعر تائهة تبحث عن عناق لا يمكن أن يحدث، تبحث عن حضن دافئ فلا تجد غير الفراغ.

عندما كانا معي على قيد الحياة كنت أعيش في عالمين؛ عالم خارجي بضغطه وظلامه نادرا ما أعيش فيه لحظة جميلة. وعالم أمي وابي.. عالم دافئ يحتويني عالم أعود إليه مهرولا بعد يوم طويل شاق. لكن رغم قساوة يومي كنت أعلم أنهم في انتظاري بحنانهم وعطفهم كان العناء يزول.. يمدوننا بطاقة ايجابية تساعدنا على مواجهة يوم جديد بطاقة جديدة. وجود عالمهم كان يجعلني لا أنتظر شيئا من العالم الخارجي ولا يهمني أي شخص لأنني أعلم أن لا أحد يستحق.

في حياتهم كنت أشعر دائما أنني لا زلت طفلة صغيره لا تريد أن تكبر ربما لأن كلامهم وتعاملهم يجعلني دائما أشعر بالأمان والراحة. إذا تأخرت امي تسأل عني وتنتظر قدومي، إذا غبت كانت أول من يسأل عني قبل غروب الشمس لتعرف حالي وتستفسر عن سلامتي. إذا مرضت ترعاني ، كانت تعلم ماذا أحب و ماذا أكره، تشعر بي عندما أكون حزينا دون أن أتكلم فتحاول التخفيف عني بكلاماتها الحنينة، كانت دائما تنجح في ذلك.

أما اليوم فقد تغير كل شيء بعد رحيلهم إلى العالم الآخر بدون عودة. أصبحت تفاصيل الحياة مملة باردة، لا معنى لها، أصبح نهار اليوم كليله متشابهان ظلاما. ماذا تبقى منا؟؟؟ ما تبقّى منّا قلوبنا وما فيها من عواطف محكمات لا يعلم تأويلها إلّا نحن؛ الراسخون في الألم! هل تعلم كيف تخوض الأيام بقدميك دون قلبك .. ما تبقى منّا عيون نقلبها في أشياء تشبه الحياة ننقّب فيها عن الغائبين، ونتذكر "عندما تعلّق قلب إبراهيم بإسماعيل أمره الله بذبحه وعندما تعلّق قلب يعقوب بيوسف أخذه منه، يبتلي الله الذين يحبّهم بما يحبّون ليجعلهم مخلصين لله." نعم؛ وقد يبتليهم ليريهم ضعفهم، وقد يبتليهم ليطلعهم على نِعم لم يستشعروها فيؤدّبهم وقد يبتليهم ليختبر صبرهم وقد يبتليهم ليمتحن تقواهم فمن تنازل لله عوّضه الله. فالموت يأتي فجأة بدون سابق إنذار، مفرقا بين الأهل والأحبة، يجعلنا نخوض الأيام بأقدامنا دون قلوبنا.








تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع