تتنافس حركة الأخوان المسلمين مع الحكومة ، لكسب ود الأحزاب اليسارية والقومية ، وقرارها ، بإتجاه الخروج من محطة الأنتظار لإعلان موقف ينهي حالة " لا مشاركة لا مقاطعة " المعلنة من قبل هذه الأحزاب ، بإتجاه قرار المشاركة كما ترغب الحكومة ، أو بإتجاه قرار المقاطعة كما تتمنى حركة الأخوان المسلمين وتسعى له .
أحزاب المعارضة القومية واليسارية الخمسة :
حزب البعث الأشتراكي ، الحزب الشيوعي ، حزب الشعب الديمقراطي ، حزب البعث التقدمي ، والحركة القومية للديمقراطية المباشرة ، سبق لها وأن إتخذت قراراً برفض قانون الأنتخابات ، بسبب تدني نسبة القائمة الوطنية المغلقة مقارنة مع عدد مقاعد مجلس النواب المقبل وهي 27 مقعداً من أصل 150 ، أي أقل من خمس النواب ، حوالي 18 بالمائة ، وهذه النسبة لا تلبي الغرض الوطني لقيام حكومات برلمانية حزبية ، ولذلك رفعت شعار المطالبة بإتجاه أن تكون القائمة الوطنية المغلقة 75 مقعداً ، أي نصف عدد أعضاء مجلس النواب ، والنصف الأخر للدوائر المحلية ، وبذلك يتم تلبية مطالب التيار المحافظ بإستمرار وجوده ونفوذه بخمسة وسبعين مقعداً بما لا يعيق التطور الديمقراطي والنمو الأصلاحي المتدرج ، ولهذا إتخذت قراراً بعدم الموافقة على المشاركة في الأنتخابات على أساس هذا القانون الأعرج كما أسمته ، وعلقت قرارها بعدم المقاطعة وعدم المشاركة على أمل الأستجابة الأوسع من قبل مؤسسات صنع القرار لمطلبها بالمناصفة ما بين عدد مقاعد القائمة الوطنية وعدد مقاعد الدوائرالمحلية ، خاصة بعد أن وجدت الرغبة الملكية لدعم التوجهات الأصلاحية ، والأنحياز نحو القائمة الوطنية ، وزيادة عددها من 17 مقعداً إلى 27 مقعداً ، على أثر توظيف جلالة الملك لصلاحياته الدستورية ، برد القانون وعدم التصديق عليه .
ولكن ، على الرغم من رفض أحزاب المعارضة القومية واليسارية لقانون الأنتخاب ، إلا أنها رفضت في نفس الوقت الأستجابة لقرار الأخوان المسلمين ، المسبق ، بمقاطعة الأنتخابات ، وإعتبرت قرار المقاطعة قراراً متطرفاً يصب لمصلحة قوى الشد العكسي والتيار المحافظ ، ولذلك رفضت قرار المقاطعة تسجيلاً وترشيحاً وإقتراعاً ، وكسرت قرار المقاطعة بالخطوة الأولى من خلال دعوة قواعدها للقيام بعملية التسجيل بقوائم الناخبين ، وذهبت إلى أبعد ذلك بتحميل الأخوان المسلمين جزءاً من مسؤولية عدم تطوير القانون ، من خلال قرار المقاطعة المسبق ، ومن خلال عدم تركيز جهد المعارضة على قانون الأنتخاب ، مما بعثر جهود المعارضة ، بالمطالبة بتعديل القانون مع المطالبة بالتعديلات الدستورية ، مما أدى إلى تشتيت إهتمامات المعارضة وتحجيم جبهة المؤيدين لمطالبها .
والحكومة من جانبها تسعى لتغيير قرار أحزاب المعارضة الخمسة نحو المشاركة بالأنتخابات ، لأن قرار مشاركة المعارضة اليسارية والقومية ، يجعل الأخوان المسلمين غير قادرين على التحدث بإسم المعارضة ، وبالتالي يكونوا وحدهم في خندق المقاطعة ، وهو قرار وإجراء سبق وأن مارسوه في دورتي الأنتخابات 1997 و2010 ، ولم يتأثر المشهد السياسي الأردني ومكوناته بتلك المقاطعة ، وبنتائجها .
ثمة عوامل ضاغطة على الأحزاب اليسارية والقومية ، تدفعها للإنحياز لقرار المشاركة ، يقف في طليعتها نجاح عملية التسجيل التي تجاوزت المليونين وربع المليون مما يعكس مزاج الأردنيين ورغبتهم في المشاركة بإعتبارها حقاً دستورياً يجب عدم الأستهانة به وعدم التنازل عنه ، إضافة إلى أن الأستفتاء الداخلي للأحزاب الخمسة رجح رغبة قواعد ثلاثة أحزاب منهم نحو عملية المشاركة ، مع إستعداد الحزبين الأخرين للتجاوب مع قرار المشاركة إذا تم إتخاذ قرار جماعي من قبل قادة الأحزاب الخمسة نحو المشاركة .
أما عوامل الطرد فتتمثل بحالة الحرج السياسي للأحزاب أن تتخذ قراراً بالمشاركة ، ولديها عدد من الموقوفين على ذمة قضايا ذات طابع سياسي ، ويقول قادة الأحزاب على الرغم من رفضنا لتفوهات الموقوفين وعدم إنضباطهم للسقوف القانونية المسموح بها ، ولكننا لا نستطيع قبول الأجراءات الأمنية بحق هؤلاء الموقوفين وخاصة الحزبيين منهم ، ولذلك ينتظروا قراراً من أعلى المستويات للإفراج عنهم وفق وساطات تمت بين الأحزاب والحكومة ، وفي طليعتهم وزير الداخلية في حكومة فايز الطراونة السابقة .
الأفراج عن الموقوفين كان في طليعة القضايا التي تم بحثها مع رئيس الوزراء عبد الله النسور من قبل قادة الأحزاب ، حينما دعاهم للمشاركة في الأنتخابات ، ولذلك يمكن إطلاق كلمة الأنتظار على موقف الطرفين ، موقف الحكومة التي تأمل وتدعو أحزاب المعارضة للمشاركة في الأنتخابات ، وموقف المعارضة التي تنتظر إجراءاً حكومياً يساعدها على كسر قرارها بإتجاه قرار المشاركة في الأنتخابات المقبلة .