أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
البرازيل .. سباق مع الزمن لاحتواء فيضانات مدمرة الوفد المصري يكثف اتصالاته لاحتواء التصعيد بين إسرائيل وحماس الاحتلال يقتحم طولكرم ويجرف البنية التحتية في العديد من شوارعها الاحتلال الاسرائيلي يعتقل 15 فلسطينيا استمرار العمل في معبر رفح البري بين قطاع غزة ومصر الاتحاد الأوروبي يدعو لوقف إطلاق نار إنساني فوري في غزة 26 شهيدا بينهم 8 أطفال إثر غارات للاحتلال استهدفت 11 منزلا في رفح أونروا: "سنبقى في رفح لأطول فترة ممكنة" تزامنا مع تهديد باقتحامها مصرع جندي إسرائيلي رابع بهجوم كرم أبو سالم النيران تلتهم حافلة جامعية في الزرقاء وقف استقبال زوار تلفريك عجلون غدا الصحة: تأمين فحوصات فيتامين D وB12 الأسبوع المقبل الجدوع: لا يوجد كاميرات تصور مخالفات حزام الأمان والهاتف داخل عمان قيادي كبير في حماس لرويترز: أمر الإخلاء الإسرائيلي من رفح "تطور خطير" ميرسك: أزمة البحر الأحمر ستخفض السعة بـ 15-20% بالربع الثاني أكسيوس: هذه النقطة الشائكة تهدد بانهيار مفاوضات حماس وإسرائيل اختتام مشروع توزيع التمور في الأردن الأردن .. الغرامة لزوجين لم يرسلا طفليهما إلى المدرسة ماذا ينتظر الأقصى في 14 أيار المقبل؟ جامعة العلوم والتكنولوجيا تعقد دورة تدريبية بعنوان: "القانون الدولي للمياه واتفاقيات المياه"
الصفحة الرئيسية مقالات مختارة الحلول الصعبة في بلادنا

الحلول الصعبة في بلادنا

03-01-2012 12:54 AM

الحلول الصعبة في بلادنا
بقلم الدكتور: محمد فاروق المومني
من أدبيات التراث التي استعان بها الفقهاء في توضيح الأحكام ، حكاية رمزية تقول أن إحدى القرى كانت تقع بجوار غابة موحشة لا يدخلها أحد لمخاطرها الجمّة . وفجأة انطلق من هذه الغابة أسد شرس وتمكن بسهولة من افتراس احد ابناء القرية المسالمة، وهنا فجع الجميع واجتمعوا للمدوالة بشأن هذا الوحش الكاسر لأجل التوصل الى خطة للتخلص منه . وكان افضل الإقتراحات قد ارشد الى حفر خندق عميق يفصلهم عن الغابة عل الأسد أن يسقط فيه ليلا.
وبالفعل تم حفر الخندق وسقط فيه الأسد الغافل ، وظل حبيسا فيه لم يستطع الخروج الى ان جاءه أهل القرية صباح اليوم التالي ، وتحلقوا حول الخندق مبتهجين بسقوطه . وفي خضم احتفالات النصر والأبتهاج تزحلق أحد المتفرجين وهوى بالحفرة ، ولكنه أسرع اثناء السقوط في الإمساك بتلابيب جاره الذي سقط معه بعد ان امسك بتلابيب شخص آخر.....وهكذا توالى الإمساك والسقوط على هذا النحو حتى سقط كل أهل القرية بين يدي الأسد المحظوظ فافترسهم جميعا وخرج من الحفرة على جماجمهم وانتهت حكاية القرية.
قصة القرية هنا تشبه الى حد ما قصة الفساد المستفحل ، التي يخشى أن تؤدي آخر المطاف الى سقوط البلد كله ودخوله في خضم فوضى عارمة لاتبقي ولا تذر، سيما وأنها ظلت تراوح مكانها بلا حل أو اقتراح لحل منصف منذ بداية ما يسمى بالربيع العربي ومواظبة المعارضة على موعدها الأسبوعي في مختلف الميادين دونما نتيجة ، مرورا باعتراف الجهات الرسمية بالفساد وتزويرالمجلس النيابي مع العجز عن الإصلاح الفعلي والإكتفاء بمحاكمة بعض الصغار باعتبارهم قرابين المرحلة لأجل الدعاية،و هو ما يزيد الطين (بلّة) .
إن كل من يدعي بساطة الحلول للمشكلات القائمة في بلادنا يرتكب خطئا جسيما لأن المسألة ليست سهلة وإنما هي بالغة التعقيد متشعبة الأطراف ولا تقف معضلاتها عند حدود سلب المال العام الذي فتح أبوابه منظري العولمة والخصخصة أمام كافة اللصوص والتجار والسماسرة فور سقوط الإتحاد السوفياتي بهدف الإستحواذ على قوت الشعوب والسيطرة على الموارد الحيوية في بلدان العالم الثالث ، وإنما تتعدى هذا الإطار لتشمل فساد القطاع الخاص الذي حرم كل ابناء الريف والبادية من حق المشاركة فيه نتيجة التخطيط الإقتصادي الجائر ، وهو أمر انعكس بنتائجه السيئة على كل ظروف المعيشة وأصبح يشكل خطرا على الجميع.
فقضية البطالة التي تعد واحدة من قضايا الفساد الرئيسية قد غدت ظاهرة خطيرة ومستفحلة على وجه الخصوص لدى أبناء الريف والبادية الذين فاجأوا الجميع بغضبهم من سوء الأحوال ومطالبتهم الملحّة بالإصلاح والتصحيح. وقد عجزت الدولة عن حلها بعد أن وصلت الى طريق مسدود في المفاوضات التي أجرتها مع دول مجلس التعاون الخليجي على أمل الإنضمام الى منظومته التي تستورد العمالة . وبقيت هذه المشكلة العويصة تراوح مكانها بلا حل وربما كان الهدف الأول من الإلحاح على الإنضمام لهذا المجلس هو فتح نافذة جديدة يمكن من خلالها استيعاب هذه المعضلة الكبرى وغيرها من المسائل الرديفة.
أما الأحزاب السياسية الحاضرة في الميدان فقد التقطت هذه المشكلة التي تؤرق العائلات ببراعة متناهية لأجل النيل من سمعة الحكومة والتشكيك بمصداقيتها عن طريق تشجيع العاطلين عن العمل على الإعتصام في الميادين العامة. ونجحت في تحقيق المقصود لأن البطالة بلغت لدينا أرقاما قياسية لايصح السكوت عنها أو تجاهلها ، ولولا الإغتراب لأصبح الشعب كله عاطلا عن العمل وجلس الناس امام الدكاكين يلعبون النرد ويتناولون بعضهم البعض بالغيبة والنميمة وينهون جلساتهم بمشاجرة جماعية.
ورغم أن مطالبة الحكومة بالقضاء على البطالة وتحقيق نتائج ملموسة في هذا الإطار تبقى محقة بحكم مسؤوليتها الدستورية . إلا أن فشل الحلول ونزاهة العمل السياسي تقتضي لزوم تقدم الأحزاب التي تدعي تمثيل المجتمع ، بطرح منصف وبديل لطروحات الحكومة، يتناول جوهر وأسباب هذه المشكلة وبعدها التاريخي لأجل إيجاد حل جذري وعادل لها دون مهابة ، وليس مجرد النقد والتعريض بفشل الدولة ، وبخلاف ذلك فإننا لانملك معارضة حقيقية وقادرة على الإصلاح والبناء .
ولكن هل تستطيع الأحزاب السياسية القائمة على الشأن العام تناول البعد التاريخي للبطالة التي ترجع بأسبابها الحقيقية لفساد السياسة الإقتصادية الموضوعة قبل أكثر من نصف قرن دون ادنى مراعاة لضمان تحقيق التعاون والتوازن بين فئات الشعب الواحد وهو أمنية الجميع.
هذه السياسة الجائرة التي تقرر بموجبها يوما ما ، ربط مصير كل أبناء الريف والبادية بالوظائف العسكرية والحكومية ، مقابل إطلاق يد الآخرين في تولي شأن القطاع الخاص . قد أدت بالنتيجة الى نمو هائل لهذا القطاع رافق التطور الطبيعي للنشاط الإقتصادي في الشرق الأوسط كله ، و أسفر نموه هذا عن تزايد الفرص والمكاسب بهذا القطاع بشكل يتلائم مع الزيادة السكانية للعاملين في إطاره مقابل تقلص الوظائف الحكومية وإغلاق الشواغر وانعدام مردود الوظيفة الحكومية نتيجة التضخم مما اضطر أبناء الأرياف والبوادي العاطلين عن العمل إلى ملازمة منازلهم التي خلت من وقود التدفئه وافتعال المضايقات لأفراد الأسرة في الوقت الذي سعد فيه نظرائهم بأماكن اللهو وملؤا المقاهي ومحلات البيرجر ....
وبالنتيجة فقد تحقق تفاوت عظيم بين شعبين مجبرين على معيشة مشتركة ومصير واحد وبات هذا الوضع البائس المتأزم كفيلا بجعل الوحدة الوطنية محمولة على كف عفريت غاضب بدليل ما نلمسه كل يوم وليلة على الأرصفة وساحات كرة القدم وقاعات التعليم وحتى عند سماع أغنية الزفة على (اليو تيوب)..التي سجل عليها حتى الآن ما يزيد عن خمسين صفحة من الشتائم المتبادلة بين ابناء الشعب الواحد رغم البعد الشامي الظاهر لهذه الأغنية التراثية الداعية الى البهجة والسرور وتوحيد العواطف وليس الإنتقال لمعركة كلامية عبر الأثير.
فلماذا نتجاهل الحقائق ونبني احلامنا وطموحنا على الأهواء والخيال الخصيب والهلال الخصيب؟ وهل تحل مشكلاتنا الكبرى بكلمات المجاملة والنفاق أو قصائد الشعراء وخطب المدّاحين الصغار . أم أن الحلول المنصفة تتحقق ببحث الواقع ولو كان مرّا ومراجعة كل الخطط المؤسفة التي أوصلتنا الى الحضيض.. . وإذا كانت الحكومة عاجزة عن فعل أي شيئ فهل تستطيع الأحزاب التي تطمح لقيادة الأمة إجراء تلك المراجعة وتحقيق التصحيح؟





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع