أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
معاريف: أهالي جنود يطالبون بعدم اجتياح رفح الدفاع المدني: تعاملنا مع (1084) حالة إسعافية مختلفة الأونروا: أطفال غزة يعانون مستويات توتر مدمرة إعلام إسرائيلي: كلنا رهائن لردّ حماس الحياصات يستقيل من مجلس إدارة الفيصلي زخات مطرية الأحد والاثنين .. والأرصاد تحذر محال دجاج "النتافات" في السلط تغلق أبوابها إصابة عائلة كاملة بحادث تصادم في إربد مظاهرات في بريطانيا تندد بالحرب الإسرائيلية على غزة الجمارك تُحذر من صفحات تدعي مزادات عبر روابط وهمية صحة غزة تطالب بتحقيق دولي في اغتيال الطبيب عدنان البرش خبير عسكري يدعو لتوخي الدقة حول مايتعلق بأخبار الهدنة مديرية الأمن العام تنظّم احتفالاً بيوم المرور العالمي تحت شعار: "بوعينا نصل آمنين" 5 شهداء بينهم 4 أطفال في غزة ورفح تحويلات على الطريق الصحراوي بدءا من الأحد أهالي المحتجزين يتظاهرون مساء في تل أبيب للمطالبة بصفقة البرهان يصل أنقرة لتشييع جثمان نجله الاحتلال ينسحب من طولكرم بعد عملية استمرت 15 ساعة -فيديو افتتاح منتدى اقتصادي للشراكات بين الأردن والعراق الأحد قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب
الصفحة الرئيسية مقالات مختارة نَحْنُ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ ﷺ

نَحْنُ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ ﷺ

27-09-2023 02:26 PM

لِلْكَاتِبَةُ: هِبَّهُ أَحْمَدُ الْحَجَّاجِ - يُعَدّ يَوْمُ الْجُمُعَةِ مِنْ أَحَبّ الْأَيَّامِ إِلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ؛ حَيْثُ يُعَظّمُونَ هَذَا الْيَوْمَ بِالصَّلَاةِ، وَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَالدُّعَاءِ، وَ الْإِكْثَارِ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَ التَّقَرُّبُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ؛ لِيَنَالُوا الْأَجْرَ وَ الثَّوَابَ الْكَبِيرَ.
هَلْ تَأَمَّلْتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَقَّ التَّأَمُّلِ؟ يَسْتَيْقِظُ الْمُسْلِمُونَ صَبَاحًاً، يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ فِيهِمْ غُسْلَهُ؛ فَالْغُسْلُ فِيهِ سُنّةٌ، ثُمَّ يَنْطَلِقُونَ إِلَى الْمَسْجِدِ يَقْرَؤُونَ سُورَةَ الْكَهْفِ، وَ يَنْتَظِرُونَ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ، يَخْطُبُ فِيهِمْ الشَّيْخُ ، يَعِظُهُمْ وَ يُذَكِّرُهُمْ بِاَللَّهِ وَ يُزَوِّدُهُمْ بِزَادٍ إِيمَانِيّ لِلْأُسْبُوعِ الْقَادِمِ بَلْ وَيَزِيدُ، يُوَضّحُ لَهُمْ الْحُدُودَ، وَ يُذَكِّرُهُمْ بِالْجَنَّةِ وَ الْآمَالِ إِلَيْهَا، وَ يُحَرِّضُهُمْ عَلَى عَمَلِ الْخَيْرِ وَ الْمُعَامَلَةِ الصَّالِحَةِ.
وَ هَذِهِ الْجُمُعَةَ تَحْدِيدًا صَادَفَتْ الْمَوْلِدَ النَّبَوِيَّ الشَّرِيفَ ، هُوَ يَوْمُ ذِكْرَى مَوْلِدِ خَيْرِ الْأَنَامِ وَخَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي أَتَى فِيهِ الرَّسُولُ النَّبِيَّ ، هُوَ 12رَبِيعٌ الْأَوَّلُ لِعَامِ 1445 هِجْرِيًّا...

أَلْقَى الْخَطِيبُ عَلَى مَسْامٌعِنَا قائلا : إِخْوَةَ الإِيـمانِ إِنَّ كَلامَنا اليَوْمَ عَنْ قائِدِنا وسَيِّدِنا وعَظِيمِنا وقُرَّةِ أَعْيُنِنا نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ مَنْ قالَ عَنْهُ رَبُّهُ ﴿وما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعالَـمِينَ (١٠٧)﴾ سورة الأنبياء .
بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّنَا ﷺ فِي أُمَّةٍ يَسُودُهَا قَانُونُ الْغَابِ، يَأْكُلُ الْقَوِيُّ فِيهَا الضَّعِيفَ، وَيَئِدُ الْأَبُ ابْنَتَهُ تَحْتَ التُّرَابِ وَهِيَ تَصْرُخُ صَرَخَاتِ الْحَيَاةِ، وَيَتَذَلَّلُ فِيهَا الْكَرِيمُ الْعَزِيزُ لِحَجَرٍ وَصَنَمٍ لَا يُغْنِي عَنْهُ شَيْئًا. فِي وَقْتٍ غَابَتْ فِيهِ الْفَضِيلَةُ وَانْتَشَرَتْ بِهِ الرَّذِيلَةُ وَالْجَهْلُ، عِنْدَهَا أَذِنَ اللَّهُ لِلنُّورِ أَنْ يُوقِدَ بَيْنَ الْبَشَرِ، لِيَدُلَّهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ الصَّحِيحِ الْمُوصِلِ إِلَى الْفَوْزِ وَالنَّجَاةِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ الْهُدَى.
فَإِنْ نَظَرْتَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيًّاً وَرَسُولًاً، وَجَدْتُهُ أَفْضَلُهُمْ وَخَاتَمُهُمْ، وَإِنْ نَظَرْتَ إِلَيْهِ مُعَلِّمًاً وَجَدْتُهُ أَحْسَنُ النَّاسِ تَعْلِيمًاً وَأَفْصَحَهُمْ بَيَانًا .
فَقَدْ كَانَ الرَّسُولُ -صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- يَقْبَلُ الْهَدِيّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا، وَيَدُلّ ذَلِكَ عَلَى كَرَمِ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَخْلَاقِهِ الْعَالِيَةِ، وَمِنْ الْقَصَصِ الَّتِي صَحّتْ عَنْ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- أَنَّ امْرَأَةً قَدِمَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَتَمّ التَّسْلِيمَ- وَمَعَهَا بُرْدَةٌ؛ وَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا قَدْ نَسَجَتْهَا لَهُ لِيَلْبَسَهَا، فَقَبِلَهَا النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- مِنْهَا وَأَخَذَهَا وَهُوَ مُحْتَاجٌ لَهَا. وَعِنْدَمَا خَرَجَ النَّبِيّ -صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- إِلَى أَصْحَابِهِ وَهُوَ يَرْتَدِيهَا، أَعْجَبَ بِهَا أَحَدُهُمْ وَاسْتَحْسَنَهَا، وَطَلَبَ مِنْ النَّبِيّ أَنْ يَلْبَسَهَا، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ-، فَلَامَهُ الصَّحَابَةُ الْكِرَامُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ النَّبِيّ لَا يَرُدّ أَحَدًا سَأَلَهُ، فَطَلَبَ الْبُرْدَةَ مِنْهُ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إِلَيْهَا، فَرَدّ عَلَيْهِمْ: أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيّ الْبُرْدَةَ لِتَكُونَ كَفَنُهُ، فَكَانَتْ كَذَلِكَ.
فَالْهَدِيَّةُ بِلَا مُنَاسَبَةٍ مِنْ أَصْفَى صُوَرِ الْمَحَبَّةِ وَأَعْذَبَ تَعَابِيرَ الْمَوَدَّةِ، لَا نَحْتَاجُ فِيهَا لِمُنَبِّهٍ زَمَنِيٍّ وَلَا حَدَثٍ قَدَرِيٍّ حَتَّى نَصْنَعَ فَرْحَةً أَوْ نُجَدِّدَ أُلْفَةً..

وَإِذَا نَظَرَتْ إِلَيْهِ زَوْجًاً وَجَدَّتُهُ خُيِّرَ الْأَزْوَاجُ لِأَهْلِهِ، وَأَحْسَنُهُمْ مُعَاشَرَةً وَمُعَامَلَةً .
فَالزَّوَاجُ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ اتِّحَادِ شَخْصَيْنِ ، لِيُوَاجِهَا مَشَاكِلَ كَثِيرَةً لَمْ تَكُنْ لِتَنْشَأَ أَسَاسًا لَوْلَا زَوَاجُهُمَا..!
الزَّوَاجُ ضَمَادَةٌ لِشُقُوقِ رُوحِكَ، وَإِلْتِقَاءٌ بَعْدَ الْهَجْرِ، وَمُعَافَاةٌ بَعْدَ الْحُزْنِ، وَوُصُولٍ بَعْدَ الْمُعَافَرَةِ.
تَخَيّلَ.. أَنْ تَبْقَى بِجِوَارِ رَفِيقِ صَالِحٍ، عِبَارَةٌ عَنْ عَنْ كُتْلَةِ أَمَانٍ، بِمُجَرَّدِ لَمْسَةٍ تَطْمَئِنُّ، فَمَا بَالُكَ بِجِوَارِهِ عَلَى مَدَارِ أَيَّامِكَ!
تَخَيَّلُ تُشَارِكُ أَحَدًا وَحْدَتَكَ..
فَعِنْدَمَا سُئِلَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ (كَانَ يَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَعْمَلُ مَا يَعْمَلُ الرِّجَالَ فِي بُيُوتِهِمْ)، وَهُوَ الْقَائِلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

كَانَ مِنْ أَخْلَاقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَمِيلُ الْعَشَرَةِ، دَائِمُ الْبَشَرِ، يُدَاعِبُ أَهْلَهُ، وَيَتَلَطَّفُ بِهِمْ، وَيُوسِعُهُمْ نَفَقَةً، وَيُضَاحِكَ نِسَاءَهُ .. وَكَانَ إِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ يَدْخُلُ مَنْزِلَهُ يَسَمِّرُ مَعَ أَهْلِهِ قَلِيلًا قَبْلَ أَنْ يَنَامَ، يُؤَانِسُهُمْ بِذَلِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

وَإِنْ نَظَرَتَ إِلَيْهِ مُقَاتِلًاً، وَجَدْتُهُ الْمُقَاتِلُ الشُّجَاعُ ، الَّذِي لَا يَقُومُ لَهُ شَيْءٌ، وَيَتَّقِي بِهِ أَصْحَابُهُ فِي الْحُرُوبِ ..
فَعَنْ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «كُنَّا والله، إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ نَتَّقِي بِهِ، وَإِنَّ الشُّجَاعَ مِنَّا لَلَّذِي يُحَاذِي بِهِ ـ يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم» (مسلم).
بَلْ إِنَّ الْفَارِسَ الشُّجَاعَ صَاحِبَ الْمَوَاقِفِ الْمَشْهُورَةِ وَالْوَقَائِعِ الْمَعْرُوفَةِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ، وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ؛ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْهُ» (أخرجه أحمد).
وَقَدْ فَرَّ النَّاسُ يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَمَا ثَبَتَ إِلَّا هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَطَفِقَ يَرْكُضُ بَغْلَتَهُ قِبَلَ الْكُفَّارِ، وَعَمُّهُ الْعَبَّاسُ آخِذٌ بِلِجَامِهَا، يَكُفُّهَا عَنْ الْإِسْرَاعِ؛ فَأَقْبَلَ الْمُشْرِكُونَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا غَشَوْهُ لَمْ يَفِرَّ، وَلَمْ يَنْكِصْ؛ بَلْ نَزَلَ عَنْ بَغْلَتِهِ؛ كَأَنَّمَا يُمَكِّنُّهُمْ مِنْ نَفْسِهِ، وَجَعَلَ يَقُولُ: «أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ»(الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ). كَأَنَّمَا يَتَحَدَّاهُمْ وَيَدُّلُّهُمْ عَلَى مَكَانِهِ!!

وَإِنْ نَظَرَتْ إِلَيْهِ فِي مَوَاقِفِهِ مَعَ الْأَطْفَالِ، وَجَدْتُهُ أَحْسَنُ النَّاسِ تَرْبِيَةً، وَأَكْثَرُهُمْ عَطْفًاً وَحَنَانًاً .
كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ حَفِيدَتِهِ أُمَامَةَ بِنْتِ أَبِي الْعَاصِ
لَمَّا مَاتَتْ أُمُّهَا زَيْنَبُ أَشْفَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا وَحَنَّ لَهَا، فَكَانَ يَخْرُجُ بِهَا أَحْيَانًاً إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَحْمِلُهَا وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا عَلَى الْأَرْضِ، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا عَلَى كَتِفِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
تَذْكُرُ دَائِمًا حُبَّ الِاطْفَالِ لَكَ حُبٌّ غَيْرُ مَشْرُوطٍ ، يُحِبُّونَكَ لِكَوْنِكَ أَنْتَ لِذَاتِكَ فَقَطْ .
أَجْمَلُ قَبُولٍ بِالْكَوْنِ هُوَ قَبُولُ الْأَطْفَالِ لَكَ.
لِأَنَّ مِنْ أَجْمَلِ الْمَشَاعِرِ بِالْحَيَاهِ أَنْ يُحِبَّكَ الْأَطْفَالَ لِأَنَّهُ قَائِمٌ عَلَى حُبٍّ فِطْرِيٍّ بِلَا مُصْلِحِهِ.

ثم سكت برهةً الخطيب ونظر إلينا مبتسماً قائلاً :- لقاءات الأصحاب تتعالى فيها الضحكات و الابتسامات، حديثٌ و مزاح، كأن أرواحنا طيورٌ لا تعرف لسماء الانشراح حَدًّا، تضيقُ بِنَا الأماكن فتتسع لنا القلوب، يرانا الرائي فيظُن أننا صَحبٌ فحسْب! وما عَلِم أنها روحٌ تفرقت في عدة أنفُس.

فَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَوَاتِ رَبِّي وَسَلَامَهُ عَلَيْهِ، يَمْزَحُ وَلَا يَقُولُ إِلَّا حَقًّا، فَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّكَ تَدَاعِبُنَا، قَالَ: إِنِّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا.

وَابْتَسَمَ الْخَطِيبُ آنَذَاكَ وَقَالَ إِلَيْكُمْ الْقِصَّةُ "-كَانَ هُنَاكَ رَجُلًاً اسْمُهُ (زَاهِرُ بْنُ حَرَامٍ الْأَشْجَعِيُّ)، وَكَانَ رَجُلًاً فَقِيرًاً وَمُعْدَمًا ، لَا يَمْلِكُ مَالًاً وَلَا جَمَالًاً وَلَا يَلْتَفَتُ إِلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ الْقَوْمِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ مُحِبًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ رَجُلًاً أَعْرَابِيًا فَكَانَ كُلَّمَا قَدِمَ مِنْ بَادِيَتِهِ أَقْبَلَ بِهَدَايَا بَسِيطَةٍ لِرَسُولِ اللَّهِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهْدِيهِ أَشْيَاءَ مِنْ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ أَيْضًاً.
وَبِيَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ قَدِمَ زَاهِرٌ وَذَهَبَ لِمَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ لِيَسْأَلَ عَنْهُ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَجِدْهُ فَمَضَى فِي طَرِيقِهِ ، وَعِنْدَمَا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ أَخْبَرُوهُ أَنَّ زَاهِرَ قَدْ سَأَلَ عَنْهُ وَلَمْ يَجِدْهُ بِالْمَنْزِلِ حِينَهَا وَأَنَّهُ ذَهَبَ فِي طَرِيقِهِ، ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا إِلَى السُّوقِ لِكَيْ يَجِدَ زَاهِرٌ، وَعِنْدَمَا وَجَدَهُ قَدْ وَضَعَ بِضَاعَتَهُ وَشَرَعَ فِي بَيْعِهَا، وَمِنْ الْمَعْرُوفِ عَنْ الْمَدِينَةِ شِدَّةُ حَرِّهَا، وَقَدْ كَانَ زَاهِرٌ مُتَصَبِّبًا بِالْعَرَقِ، وَأَوَّلُ مَا رَآهُ النَّبِيُّ أَمْسَكَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْخَلْفِ مَازِحًا ، وَاحْتَضَنَهُ وَقَالَ مَازِحًا : مَنْ يُرِيدُ شِرَاءَ هَذَا الْعَبْدِ؟!
قَلَقٌ زَاهِرٌ وَدَبَّ الْخَوْفِ فِي قَلْبِهِ حَتَّى أَنَّهُ حَاوَلَ الْإِفْلَاتَ مِمَّنْ يُمْسِكُ بِهِ، وَلَكِنْ سُرْعَانَ مَا وُجِدَ كُلُّ مَنْ حَوْلَهُ يَضْحَكُونَ، فَأَفْلَتَهُ رَسُولُ اللَّهِ، فَأَدَارَ زَاهِرٌ رَأْسَهُ فَوَجَدَ أَنَّ خَيْرَ خَلَقِ اللَّهَ مَنْ كَانَ يُمْسِكُ بِهِ، هُنَا قَالَ: أَتَبِيعُنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟! إِذًا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيًّاً لِتَجِدَنِي كَاسِدًا.
رَدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ: وَاَللَّهِ إِنَّكَ لَسْتَ بِكَاسِدٍ وَلَكِنَّكَ عِنْدَ اللَّهِ غَالِيًا .

أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْحُبِّ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هُوَ الْحُبُّ ؟! فَنَظَرَ الْخَطِيبُ إِلَيْنَا مُبْتَسِمًا وَأَصْبَحْنَا نَبْتَسِمُ إِلَيْهِ أَيْضًاً وَقَالَ :الْحُبُّ هُوَ أَنْ تُشَارِكَ شَخْصٌ مَا أَحْلَامُكَ الْبَعِيدَةُ، وَهَزَائِمُكَ الصَّغِيرَةُ، الْحُبُّ هُوَ أَنْ يَتَوَقَّفَ الشِّجَارُ عِنْدَمَا يَحْتَلُّ الْحُزْنُ عَيْنَ الْآخَرِ، الْحُبُّ ، الْحُبُّ هُوَ مَا يَجْعَلُ وَرْدَةً وَاحِدَةً تَبْدُو كَحَدِيقَةٍ لَا تَنْتَهِي وَهُوَ مَا يَجْعَلُ مِنْ إِنْسَانٍ صَغِيرٍ مَجَرَّةً وَاسِعَةً.
"بَيْنِي وَبَيْنَهُ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ الْحُبِّ،
بَيْنَنَا أُلْفَةٌ وَكَأَنَّهُ بِجِوَارِي مُنْذُ مِئَةِ عَامٍ".
كَانَ الرَّسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- يُحِبُّ السَّيّدَةَ خَدِيجَةَ، وَيُدَافِعُ عَنْهَا حَتَّى بَعْدَ أَنْ تَوَفَّاهَا اللَّهُ -تَعَالَى-، وَقَدْ صَحّ عَنْهُ أَنَّهُ لَمّا اسْتَأْذَنَتْ عَلَيْهِ -صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- هَالَةُ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ مَرّةً؛ وَهِيَ أُخْتُ السَّيّدَةِ خَدِيجَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-؛ عَرَّفَهَا لِتَشَابُهِ صَوْتِهِمَا، فَقَالَ: (اللَّهُمّ هَالَةً) ، وَهُوَ مُرْتَاحٌ لِذَلِكَ . وَعِنْدَمَا سَمِعْتَ ذَلِكَ أُمّ الْمُؤْمِنِينَ السَّيّدَةَ عَائِشَةَ غَارَتْ مِنْهَا، وَقَالَتْ لَهُ: (مَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ حَمْرَاءَ الشِّدْقَيْنِ، هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ، قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْرًاً مِنْهَا)، فَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- زَوْجًا وَفِيًا، لَمْ يَنْسَ فَضْلُ السَّيِّدَةِ خَدِيجَةَ، الَّتِي صَدَّقَتُهُ وَآمَنَتْ بِهِ وَوَاسَتَهُ وَأَعَانَتْهُ، حَتَّى بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَزَوّجِهُ بِغَيْرِهَا.

كَانَ الرَّسُولُ ﷺ بَشَرًا لَكِنَّهُ خَيْرَ الْبَشَرِ وَنَمُوذَجًا لَهُمْ وَأُسْوَةً، إِنْسَانًا يَعِيشُ مَعَ أَصْحَابِهِ وَيَتَفَاعَلُ مَعَ النَّاسِ مِنْ حَوْلِهِ، تُصِيبُهُ الْآلَامُ وَالْمِحَنُ فَتَدْمَعُ عَيْنَيْهِ يَعِشُّ الصَّبْرَ وَيُعَلّمُهُ، يَتَعَامَلُ مَعَ النَّاسِ بِمُخْتَلِفِ مُسْتَوَيَاتِهِمْ فَتَغَيَّرَ أَخْلَاقُهُ السَّامِيَةُ حَيَاتَهُمْ وَتَبَدَّلَ حَالُهُمْ، تَوَلّى الْمَوْلَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَصْفَ حُسْنَ خَلْقِهِ فَقَالَ: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}.
فَأَحْلَمُ النّاسِ محمَّد، وأَشْجَعُ النّاسِ محمَّد، وأَعْدَلُ النّاسِ محمَّد، وأَعَفُّ النّاسِ محمَّدٌ وأَسْخَى النّاسِ محمَّد، وأَجْوَدُ الناسِ محمَّدٌ وأَعْقَلُ الناسِ محمَّد.
وَٱعْلَمُوا أَنَّ اللهَ أَمَرَكُمْ بِأَمْرٍ عَظيمٍ، أَمَرَكُمْ بِالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلى نِبِيِّهِ الكريمِ فَقالَ ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ على النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٥٦)﴾ سُورَةُ الأَحْزاب

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ , وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ , وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ , وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ , وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إنَّك حَمٌيدٌ مَجِيدٌ .

فَقَامَ مَجْمُوعَةٌ مِنْ الْأَطْفَالِ يَمْلَؤُهَا الْحَمَاسُ وَالْحُبُّ وَبِكُلِّ بَرَاءَةٍ يَهْتِفُونَ : نَحْنُ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
نَحْنُ أُمَّةٌ أَعَزَّنَا اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ..
فَنَظَرَ الْخَطِيبُ وَ الْجَمِيعَ إِلَيْهِمْ مُبْتَسِمِينَ ، ثُمَّ قَامَ الْخَطِيبُ وَقَالَ :- أُذْكُرُوا اللهَ العَظيمَ يَذْكُرْكُمْ وَٱشْكُرُوهُ يَزِدُكُمْ وَٱسْتَغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ وَٱتَّقُوهُ يَجْعَلْ لَكُمْ مِنَ أَمْرِكُمْ مَخْرَجًا، وَأَقِمِ الصَّلاةَ.





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع