إقالة المحافظ بلا تحفظ:
لم تكن إقالة محافظ البنك المركزي من حيث الأساس ملفته للنظر في بلادنا ، فكثيرا ما أقيل أشخاص يفوقونه بالأهمية دون أن يعنى الشارع بإقالتهم . إلا أن ظروف الإقالة والزوبعة الإعلامية المصاحبة لها جعلت من هذه المسألة حديث الساعة.
هناك من حاول استغلال الظروف لأجل الغمز في قناة رئيس الحكومة عن طريق تصوير المحافظ وكأنه حامي البيضه أو أنه شوكة في حلق الفاسدين وأن إقالته جاءت من باب الغطرسة وتمهيد الطريق لأجل ارتكاب الفضائع ، رغم ان تعاظم المديونية وكل المفاسد قد مرت بأخطر مراحلها تحت يد المحافظ المقال ورفاقه منذ أن كان نائبا لسلفه العتيد (أمية ) وما أدراك ما أمية فهو من صنعت المديونية في عهده التليد على نار هادئه وبيعت كل المرافق الحيوية باثمان بخسة دون أن يسأله أحد أين كان حينها هو وباقي أعضاء مجلس الإدارة الموقر، رغم ان التشريع يوجب على المحافظ وأعضاء المجلس المعصومين من كل المساوئ \" اتخاذ التدابير المناسبة لمعالجة المشكلات الاقتصادية والمالية المحلية\".
وفي ظل غياب المعلومة الصحيحة، فإنه يصعب التكهن بحقيقة الأسباب التي استوجبت الإقالة التي اخذت شكل الطرد إذا صحت الرواية القائلة بأن المحافظ قد منع فجأة من دخول مكتبه حتى ولو من أجل تناول لوازمه الشخصية .
وهو حال يؤدي الى إدخال المواطن في خضم الهواجس والمخاوف على مستقبل الإستقرار النقدي والإقتصادي سيما وان الإعلام الرسمي فقد مصداقيته منذ تكذيب الرواية القائلة بان المحافظ قد استقال ولم يقال.
صحيح أن اسلوب الإقالة كان مشوبا بألف عيب سيما وأنه لم يكن مصحوبا بكشف المخالفات القانونية في عمل المحافظ قبل الإقالة تحقيقا للنصوص القانونية الهادفة الى تمييز البنك المركزي عن باقي الأجهزة الرسمية لغايات الحفاظ على الإستقرار الإقتصادي وصون موارد الدولة من العبث والتلاعب عن طريق حماية رئيس وأعضاء مجلس إدارة البنك من سطوة او تهديدات رئيس الحكومة و سواه من المتنفذين ، وتمكينهم من ممارسة اعمالهم المقصود بها حماية المصالح الوطنية العليا وأمن المواطن في معاشه .
إلا أن الأسوأ من كل هذا وذاك هو الإستقالة الإحتجاجية التي تقدمت بها والدة المحافظ السيده ليلى سلمان النجار (ليلى شرف) وتصريحاتها التي نالت من سمعة رئيس الحكومة واعتبرته راعيا للفساد بسبب إقالة ولدها.
هكذا يقف المواطن مشدوها بمشهد صراع الديوك على المناصب العليا وكأنهم أصحاب عزبة يحرثها الشعب إكراما لأسياده أو منسف برغل للطيور المهاجرة .
فالعين الموقره لم تقدم استقالتها بسبب التعدي على الدينار أو على مصالح الشعب الذي تتقاذفه الأنواء وتسمع حوله التصريحات الإسرائيلية التي لا تعترف بأحقية الوجود العربي على أراضيه ، وسط موجة التغييرالتي تشهدها المنطقة بغير حساب.
وانما استقالت بسبب التعدي على مصلحة ولدها في الحفاظ على المنصب الرفيع. فأين حسن الإدارة لدى توزيع السلطات الثلاث بين الأم وأبنائها في بلد يزخر بكفاءات محرومة من حق الوظيفة الدنيا ؟
almomanilawyers@hotmail.com