أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
الثلاثاء .. يستمر تأثر المملكة بالأحوال الجوية غير المستقرة البيت الأبيض يتحدث عن موعد اجتياح رفح .. طلب أمريكي قبل تنفيذه هل تصريح أبو مرزوق أداة للضغط على الشعب الأردني؟ .. المجالي يجيب (فيديو) "في ظروف مختلفة هذه المرة" .. وفد حماس يعود لقطر وبايدن يهاتف السيسي وتميم بوادر للوصول لاتفاق هدنة في غزة خبير عسكري: نتنياهو يحاول أن يصل إلى حل يحفظ ماء وجهه أمام شعبه الاحتلال يستنفر سفاراته تحسبا لمذكرات اعتقال بحق مسؤوليه عبارة جديدة إستخدمها رئيس أعيان الأردن:إسرائيل دولة مارقة بعد 24 ساعة من كمين القسام .. الاحتلال يعترف ببعض قتلاه في “نتساريم” قرار المحكمة بحق شخص زوّر أوراق نقل ملكية أرض شرطة البادية تنقذ عائلة علقت مركبتهم في إحدى المناطق الصحراوية قنابل وقذائف ألقتها إسرائيل على القطاع تقدر بأكثر من 75 مليون طن متفجرات لم تنفجر 86 ألف منتسب للاحزاب في الاردن العثور على جثة خمسيني بالرمثا .. والأمن يحقق “عبوات قفازية” ومعدات عسكرية ابتلعت أنفاق مفخخة أصحابها .. مشاهد جديدة للقسام نتنياهو طلب مساعدة بايدن لمنع إصدار مذكرات اعتقال دولية. الأردن: تصريحات حماس استفزازية. إنقاذ الطفولة الدولية: خان يونس أصبحت مدينة أشباح قناة كان: إسرائيل وافقت على الانسحاب من محور نتساريم. افتتاح الدورة الـ12 من مهرجان الصورة عمان.
الصفحة الرئيسية مقالات مختارة الثورة الأردنية: المعنى والمغزى

الثورة الأردنية: المعنى والمغزى

03-09-2011 03:06 AM

علاء الفزاع

"تفقد الدولة قيمتها عندما لا تعود تمثل مصالح غالبية سكانها"



تعاني الدولة الأردنية من تناقض جوهري وأولي لا يمكن القفز عنه أو الالتفاف عليه لوقت أطول. الدولة بوضعها الحالي تعبر عن مصالح مجموعة صغيرة جداً من رعاياها، فيما يتخبط البقية في الفراغ دون أي أمل في معيشة أفضل، بل تتجه الأمور نحو المزيد من التدهور.

كانت الدولة تستطيع أن تماطل، هي وباقي الدول العربية، لعدة سنوات مقبلة قبل أن تواجه تفجر السخط الشعبي، ولكنها ووجهت بثلاثة مفاجآت متتالية لم تترك لها، ولا لباقي الدول العربية، أي مجال للمناورة. وتلك المفاجآت هي الأزمة المالية العالمية عام 2008، والارتفاع العالمي الحاد في أسعار الغذاء، والارتفاع الحاد في أسعار النفط والطاقة كذلك. وهكذا اندلع الربيع العربي.

السياق العالمي كله يقوم على الثورة ضد التحالفات الحاكمة التي تمكن قلة من المواطنين من التحكم في معظم الثروة الوطنية. بدأت الثورة قبل عقد تقريباً في أمريكا اللاتينية، حيث أسقطت الانتفاضات الشعبية الديموقراطيات الشكلية المبنية على أرضية من الجوع. وتأخر دخول العالم العربي إلى الثورة لاعتبارات ليس مجالها الآن. ولكن تونس، ثم مصر، فجرت المنطقة وأطلقت الثورات التي أخذت في إسقاط المزيج الأسوأ في التاريخ: القمع والجوع! ومن المنتظر أن تمتد الثورة تدريجياً إلى أوروبا وأمريكا، حيث لا يوجد جوع، ولكن لا يوجد تداول حقيقي لا للسلطة ولا للثروة، وحيث يضطر الأوروبي أو الأمريكي العادي للعمل المجهد طيلة أيام الأسبوع، ويفرغ كل إحباطه في عطلته الأسبوعية.


معنى الثورة الأردنية

الثورة ليست بالضرورة بالدم، وليست حتمياً بالعنف، وبامتلاء الشوارع بالبشر. بالتأكيد تجربة الاحتشاد وسط عشرات آلاف المواطنين المجتمعين على هدف واحد هي تجربة تبقى في الذاكرة حتى نهاية العمر. ولكن هذا لا يمنع وجود سيناريوهات أخرى، ومن بينها السيناريو الأردني الذي يقوم على استنزاف النظام وتحصيل التنازلات منه أولاً بأول وليس إسقاطه. وأهم ميزة لهذا السيناريو هي أنها تدرب أعداداً كبيرة من المواطنين على العمل الجماعي بنفس طويل ولفترة تمتد لعدة أشهر، مما يؤسس لقواعد شعبية قادرة على الدفاع عن حقوقها أمام أية ثورة مضادة في المستقبل تحاول الارتداد عن مكتسبات الثورة والانقلاب عليها، كما تؤسس لمنظمات مجتمعية حزبية أو غير حزبية قادرة على أن تكون ديموقراطية حقيقية قائمة على التعدد الفعلي. والسبب الرئيس لسير الأحداث في الأردن في هذا السيناريو بدلاً من سيناريو المواجهة هو المخاوف المركبة للأردنيين من الفوضى، والمبنية أساساً على العوامل الديموغرافية، إضافة إلى غياب الاستفزاز من قبل النظام (نسبياً) بالقمع التاريخي المتراكم أو بسيلان الدم.

إذاً الثورة الأردنية لا تعني صدامات الشوارع، ولو إن ذلك ليس مستحيل الحدوث في حال تكرار وقوع أخطاء كبرى، وفي حال إصرار النظام في لحظة ما على عدم تقديم المزيد من التنازلات.


مغزى الثورة الأردنية

أما المغزى من الثورة الأردنية الأبطأ إيقاعاً من بين الثورات العربية فهو إعادة توزيع الثروة والعدالة على أكبر قاعدة ممكنة من المجتمع. أي بكلام آخر تحقيق الفائدة لأكبر قطاع ممكن من الأردنيين. ولكن كيف ذلك؟ وما هي الشعارات والأهداف التي توصل إلى ذلك الوضع؟

ما يجري في الشارع من مسيرات أصبح محكوماً إلى حد كبير بنظرة النخب السياسية والحزبية أكثر مما هو محكوم بمتطلبات الشارع. ومع ذلك فهو حراك أصيل وحقيقي، ولهذا استطاع أن يستمر لكل تلك الفترة، سواء من قبل الحراكات الشعبية في الطفيلة والكرك وذيبان وإربد وعمان، أو من قبل الحركة الإسلامية التي أظهرت إصراراً واضحاً على تحقيق إصلاحات دستورية حقيقية.

المشكلة في مطالب الحراكات أنها تركز على الدستور وقانون الانتخاب، على اعتبار أن السلطة المقبلة المنتخبة بشكل حر ستتكفل بحل كل المشاكل الأخرى. وهذا الرأي له وجاهته، ولكنه يغفل مسألتين: البعد التعبوي التحشيدي، حيث يمكن تحفيز عدد أكبر من المواطنين عند طرح مطالب معيشية في مقابل أعداد قليلة عند طرح مطالب دستورية وسياسية تبدأ من وادي عربة ولا تنتهي عند الدقامسة، وهي الشعارات التي تتناقض مع المبرر نفسه حيث يمكن حلها فعلاً بعد الوصول للديموقراطية الحقيقية. والمسألة الثانية هي أن الوضوح النظري من البداية يحدد هوية الثورة. وعدم طرح شعارات واضحة للمرحلة التالية يجعل كافة الاحتمالات ممكنة، بما فيها تكرار المأزق التاريخي لديموقراطيات أمريكا الجنوبية (انتخابات حرة وفقر مدقع)، أو على الأقل تكرار سيناريو هبة نيسان عام 89، حيث أجريت انتخابات ورخصت الأحزاب وبقي حال الناس سيئاً.

وما زاد الأمور سوءاً أنه وفي سعي لإظهار صبغتها الوطنية في الحراك تجاهلت اللجان المحلية المطالب المتعلقة بمناطقها ومحافظاتها وبغياب التنمية عنها.

ومن ناحية أخرى تتجاهل معظم لجان الحراك، باستثناء ذيبان وإربد (وحديثاً السلط)، سؤال الهوية الوطنية ومخاوف التجنيس. ويصر قادة لجان الحراك الشعبي في الجنوب على "التعالي" على هذا السؤال حتى لا يتهموا بالعنصرية، وخشية تقسيم الشارع الذي من الواضح أنه منقسم أصلاً، حيث أنه سؤال يواجهون به يومياً في محيطهم ومجتمعاتهم. وهو سؤال يشكل أحد أهم معقوقات اتساع الحراك الشعبي، كما أن النظام استطاع استغلال المخاوف المتعلقة به لتحريض جزء من المجتمع (شرق الأردنيين) على الحراك الشعبي، حيث صوره النظام كحراك يقوم عليه جزء آخر من المجتمع (الأردنيون من أصل فلسطيني)، وفي نفس الوقت استطاع النظام تخويف الجزء الآخر من الجزء الأول بأن صورهم (أي شرق الأردنيين) بأنهم ينتظرون الفرصة المناسبة للانقضاض على ذوي الأصول الفلسطينية.

وفي رأيي الشخصي فإن مغزى الثورة الأردنية يأتي في الإطار التالي:

الوصول إلى صيغة دستورية تضمن تشكيل الحكومات عبر مجلس الأمة، وتعميم الانتخاب بطريقة أو بأخرى على شقي مجلس الأمة (النواب والأعيان)، وإعادة النظر في عدد من الثغرات الموجودة في التعديلات الدستورية المقترحة، وإضافة ما يضمن عدم تسلط أية جهة في المستقبل، وخمصوصاً من ناحية تعديل الدستور، وبذلك نكون وصلنا فعلياً إلى تطبيق مقولة "الشعب مصدر السلطات" وضمنا استمرار تداول السلطة.
الوصول إلى قانون انتخاب يقوم على القائمة الوطنية والقائمة المحلية، وأن يتم توزيع المقاعد على المحافظات بعيداً عن عقلية المحاصصة والمخاوف، واعتماداً على معايير التوزيع العالمية والتي تراعي عوامل الجغرافيا والسكان والتنمية والإثنية وغيرها.
محاسبة حقيقية لرموز الفساد المعروفين، وخصوصاً الكبار منهم، واسترداد أموالهم لصالح خزينة الدولة، وهو ما يعطيها فسحة من الوقت للقيام بعدد من المشاريع الاستراتيجية التي تنقذ البلاد من مأزقها المالي والاقتصادي.
إعادة هيكلة الرواتب بما يرفع من مداخيل عموم الموظفين، وتوفير السلع الأساسية بأسعار معقولة.
إعادة هيكلة الاقتصاد الأردني كاقتصاد اجتماعي يرمي وراء ظهره كل مسلمات تحرير السوق. وهذا يتطلب إعادة النظر في عقود بيع الشركات الوطنية، أو إعادة التفاوض مع الشركات المالكة.
وضع خطة إنقاذ تنموي (صناعي وتجاري وزراعي) عاجلة للمحافظات الجنوبية، والأغوار، وذيبان، ثم باقي المحافظات، حيث تكاد تنعدم الفرص التنموية في تلك المناطق.
حصر منح الجنسيات أو سحبها بالقانون كما هو معمول به في كافة دول العالم، وليس بالتعليمات كما هو معمول به حالياً، بما يضمن وقف كل من التجنيس السياسي والسحب العشوائي للجنسيات. وتأجيل منح المرأة حق تجنيس أبنائها وزوجها لحين الوصول إلى حل نهائي بخصوص حق العودة.
وقف كافة أشكال التمييز ضد أي مواطن أردني من أي أصل، سواء في المؤسسات الحكومية أو في القطاع الخاص.
التجهيز بروية وعلى مهل لمؤتمر وطني ممثل للجميع لمناقشة موضوعات الهوية الوطنية الأردنية والمواطنة وحق العودة والعلاقة مع فلسطين بما في ذلك فك الارتباط، والوصول لنتائج عليها إجماع وطني.
ربما يبدو أن النقاط كثيرة، ولكن لنتذكر لائحة ميدان التحرير الشهيرة التي علقت عليها مطالب الثورة، ولنتذكر أيضاً أننا أمام ثورة ذات إيقاع بطئ يسمح –بل ويتطلب- مناقشة العديد من المسائل في آن واحد.


مخاوف

هناك ما يثير القلق في سير الأمور حتى الآن في الأردن، وخصوصاً من الناحية الشعبية. فهناك قطاعات لا بأس بها تبدي نزوعات غير ديموقراطية، وغير مدنية، وأحياناً مذهبية وطائفية.

مثلاً، يرفض قطاع واسع من الأردنيين مطالبات الثورة البحرينية. بالطبع لأن صبغتها شيعية. لا يمكن تبرير المطالبة بالإصلاح في الأردن، وتأييد ما يجري في سوريا، وفي نفس الوقت الوقوف ضد الحراك الشعبي في البحرين. لا شك أن المظاهرات في البحرين فقدت طابعها الوطني الجامع، ولكن ذلك لا يفقدها مشروعيتها ما دامت تعبر عن ظلم. المشكلة أن من يتبنون هذه المواقف لا يخفون تخوفهم من السيطرة الشيعية، وفي نفس الوقت يؤيدون الثورة السورية على اعتبار أنها ثورة للسنة ضد العلويين الشيعة. وهو موقف مذهبي لا-مدني واضح يلقي بشك عميق على التزام صاحب هذا الموقف بالديموقراطية والمدنية في الأردن، وبمدى إمكانية ائتمانهم على مستقبلنا.

ونرصد أيضاً في ساحتنا تياراً لحسن الحظ أنه غير مؤثر. وهو يرفض استحقاقات الديموقراطية حتى "لا يأتي رئيس وزراء من أصل فلسطيني". هكذا وبهذه الصراحة، ومستنداً إلى تجربة أيلول، رافضاً الاعتراف بأردنية ذوي الأصول الفلسطينية. وبكل صراحة أيضاً ينبغي أن يسمع أصحاب هذا الرأي أن هذا رأي عنصري، وأن الأردن لن يدخل المستقبل إذا قيض لهم أن يصبحوا مؤثرين. الدول العظمى هي في الغالب دول ائتلافات عرقية وثقافية وحضارية مختلفة. بالطبع لا بد من حسم مسألة الهوية، ولكن لا بد من الانفتاح التام بين جميع مكونات المجتمع، وإلا بقي أعرج، عينه دائماً على الداخل وليس إلى الأمام.

وإضافة إلى هذا وذاك هناك تيار غير مؤثر أيضاً، وهو يريد حصة للأردنيين من أصل فلسطيني في الحكم. ويتناقض هذا المطلب بشكل أساسي مع دعوات مجتمع القانون والعدالة وتكافؤ الفرص، والاختيار على أساس الكفاءة والبرنامج. وأصحاب هذا التيار يريدون أن يجعل جزءاً من المجتمع يتحرك على أساس علاقة غير فكرية أو سياسية لبسط السيطرة السياسية على الأردن، وهو تيار في منطقه يفكر بنفس طريقة الصهاينة حيث يرتكز إلى أن الأردن بلا شعب وأن سكانها الأصليين بدو غير متحضرين، وأن الأردنيين من أصل فلسطيني هم من بنوا الأردن. ومن الواضح أيضاً أن هذا الكلام لا يحتاج لرد فهو تكرار للمنطق الاستيطاني الصهيوني.

التيارات الثلاثة كلها خطرة، وربما هي أخطر من قوى الشد العكسي في النظام نفسه. وينبغي أن يعزل الحراك الشعبي نفسه عن هذه التيارات، وأن يكون واضحاً في التمايز عنها ونبذها. فصعود أي منها يعني دخول البلاد في صراع طويل، قد يستمر لسنين، إضافة إلى العودة إلى الخلف بدلاً من التقدم إلى الأمام.

ختاماً، الثورة الأردنية تجري الآن على قدم وساق، وستكون أنجزت مهامها خلال الشهور القليلة القادمة، ومن المفترض أن تبدأ القوى الحية بالتفكير في مرحلة ما بعد الثورة، وفي خيارات الأردن الاستراتيجية المتعلقة بجواره، وخصوصاً في جهة الغرب، حيث من الواجب إعادة النظر في استراتيجية المواجهة مع العدو الصهيوني، والتخلص من معاهدة وادي عربة ابتداءاً وعلى مراحل، والتفات لتكوين تحالفات مع الديموقراطيات الشعبية الجديدة التي تشكلت وستتشكل في المنطقة.





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع