أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
استعدادا للسيناريو الأسوأ .. إسرائيل تجهز مشفى تحت الأرض استشهاد (روح) بعد عدة أيام من إخراجها من رحم والدتها حماس: مستعدون لإلقاء السلاح والتحول لحزب سياسي إسرائيل تساوم بـ"اجتياح رفح" في مفاوضات غزة .. ووفد مصري إلى تل أبيب أوقاف القدس: 45 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى مسؤول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما مسيرة في وسط البلد دعمًا لـ غزة 34.356 شهيدا و77368 إصابة جراء العدوان الإسرائيلي على غزة الأمن يحذر من حوادث الغرق نتيجة السباحة بالأماكن غير المخصصة الأرصاد تحذر من السيول والانزلاق على الطرقات السبت دراسة: تحسن الرفاهية والصحة النفسية للأردنيين واللاجئين العراقيين منذ 2020 أسعار النفط ترتفع عالميـا الإسعاف والإنقاذ يواصل انتشال جثامين شهداء من مقابر جماعية في مجمع ناصر الطبي متحدثة باسم الخارجية الأمريكية تعلن استقالتها احتجاجا بشأن غزة فتح باب اعتماد المراقبين المحليين لانتخابات النيابية المعايطة: لن تكون الانتخابات مثالية رسو سفينة قبالة سواحل غزة لتجهيز رصيف لإدخال المساعدات الاحتلال يحبط محاولة تهريب مخدرات إلى الأردن مقتل إسرائيلي بقصف جنوبي لبنان شبهات بسرقة الاحتلال الإسرائيلي أعضاء لضحايا المقابر الجماعية في خان يونس
الصفحة الرئيسية مقالات مختارة وطن الكل يزحف فيه نحو الكرسي

وطن الكل يزحف فيه نحو الكرسي

11-01-2023 11:43 PM

الأستاذ الدكتور رشيد عبّاس - قال لي أحدهم: هل أنتم دولة منتجة أم مستهلكة, قلت له: مستهلكة حتى النخاع, قال لي: اذن معظم كراسيكم تبقى مشغولة غير فارغة طيلة الوقت, قلت له: عفواً لم أفهم ماذا تقصد, قال: أقصد أن الدول المنتجة تبقى معظم كراسيهم فارغة غير مشغولة طيلة الوقت.. أنتهى الحوار بيننا وانصرفت مسرعاً أبحث عن كرسي.
مشهد الكرسي في وطني مشهد غريب عجيب يدعوا للتأمل والقلق في آن واحد, وأكثر من ذلك أرى أن موضوع الكرسي في وطني يحتاج بكل صراحة إلى إجراء مزيد من الدراسات النفسية المعمّقة والعمل على استقطاب أشهر علماء النفس لتفسير كثير من الظواهر المتعلقة بهذا الكرسي, كيف لا والكل دون استثناء يزحف ليل نهار على كرسي كي يجلس.
وقد يستغرب أو ربما يستهجن البعض منا من أن بعض صور الأطفال لدينا وقبل الولادة بـ(40) يوماً التقطت لهم صور وهم على وضعية وعلى هيئة الجلوس على كرسي ولكل من الجنسين الذكر والأنثى, وقد خالفوا بهذه الظاهرة الغريبة جميع أطفال العالم!
وأكثر من ذلك فقد تم رصد طريقة واتجاه حبو الأطفال عندنا وعند بقية أطفال العالم, وقد تبيّن أن معظم الأطفال عندنا تحبو مسرعة اتجاه الكرسي! في حين أن بقية أطفال العالم تحبو اتجاه الكرة المتحركة أو الكرات الملونة.
كيف لا وقد لوحظ أيضاً أن طلبة الصف الأول في مدارسنا عندما يخرج المعلم من غرفة الصف, يتهافت معظم الطلبة الصغار على كرسي المعلم للجلوس عليه, ومن لم يستطع منهم الوصول إليه نجد أن في قدمه كسر أو خدر.. انها ظاهرة تستحق الوقوف والتوقف عندها.
الأمر عند الكبار أكثر تعقيداً.. فالجميع يلتّف ويدور حول هذا الكرسي دورة كاملة, ومن يجلس عليه متمسّمر لدرجة التشنّج, ومن غادره بات يحاولُ العودة إليه, ومن لم يجلس عليه بعد يحفر بالأربع للوصول إليه, وفي نفس الوقت هناك كرسي متعب, تجده يجلس عليه مستنفرون ويقف عنده متأملون ويزحف نحوه آخرون.. كل ذلك في آن واحد.
حزين عليك يا وطني.. تركنا فيك «المجرفة» و«الطورية», وتركنا فيك «الشاعوب» و«المذراة» وخلعنا على أرضك الثوب الأسود والسروال الأبيض والعقال والكوفية ولبسنا البدلات السوداء المخططة والقمصان البيضاء والكرفتات الحمراء.. تركنا على أرض الوطن شاي الحطب المعطّر وشربنا شاي الضغط العالي وترامينا نتفّتل حول كرسيه المثقلة, وكتبنا بالخط الرقعي على أبواب مكاتبنا المرتجفة.. الكرسي أولاً.
وطن الكل يزحفُ على كرسيه.. الجار والمجرور, الفاعل والمفعول, الناصب والمنصوب, الجازم والمجزوم, الكاسر والمكسور, الساكن والمسكون.. وأكثر من كل ذلك.. الضام والـ(مضموم), وطن كرسيه متنازع عليه.. ولذا يبست بذوره في الارض قبل أن تنمو, وسقطت أزهاره فجراً قبل أن تُعقد, والواقفون فيه الواقفون حول الكرسي سكارى وما هم بسكارى, وطن كرسيه مطموع فيه.. فالكل فيه يطلب كرسي, والكل فيه يسحب كرسي, والكل فيه يشد الكرسي, والكل فيه يحلم ويتحالم ويحتلم بالكرسي.
وطن الكل فيه مشغول بالكرسي خوفاً عليه وطمعاً فيه, والكل فيه يبكي على كراسيه حكراً, والكل فيه يحفر تحت كرسيه ليغتنم الفرصة, وطن نتهافت فيه على الكرسي لن تنجح فيه (شتلة), وسيصبح الكرسي فيه من قش, وسنتباكى يوما عليه قائلين: كراسي القش كم سكبت لنا رطبا وحَباً.. العالم اليوم يتجه نحو إنتاج سِلال من الغذاء المتنوع الطبيعي, وليس إنتاج كراسي دوّارة متنازع عليها, نريد زحفاً نحو الإنتاج, وليس زحفاً نحو الاستهلاك, يا من تخافون على كرسي الوطن!
ويبقى السؤال, لماذا لدينا إدمان وعقدة الكرسي, كرسي الوظيفة.. قبل الولادة وبعدها؟ الجواب - والله أعلم- يكمن في طبيعة العلاقة ما بين طريقة (الوحام) وتشكّل تطلعات الجنين.
دمتم بخير.








تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع