لنعترف منذ البداية أن هناك أميّة رقمية وعدم دراية في الحماية والأمن السيبراني، ولنعترف أن كثيراً من الجرائم الإلكترونية تحدث بمحض رغبتنا وإرادتنا نتيجة غواية أو تغرير أو طمع.
لقد أصبحت أدوات وأساليب الهاكرز والإبتزاز الإلكتروني شبه متعارف عليها، وتتمثل في إعلانات موجهة تحمل تعابير مغرية أو صور جذابة خاصةً لفئات من المجتمع والتي تستهدف شريحة معينة لها اهتماماتها وأولوياتها ورغباتها، أو رسائل تحمل طابع الإغراء المادي والوعد بعوائد مالية مجزية ومبالغ فيها، والمطلوب الضغط على رابط ما، ثم الإشتراك الذي يتطلب مبلغاً بسيطاً في البداية يكون ضمن قدرات وإمكانات الفرد المالية. وفي بعض الأحايين يتم اللجوء إلى أسماء ذات ثقة ومعروفة لدى الفرد الضحية، بحيث يبني اعتقاداً أن الرسالة سليمة وصحيحة.
لقد ساهمت التكنولوجيا الرقمية في تطوير أدوات الإحتيال والنصب الرقمي عالي المستوى، حيث تتواصل فنون الإحتيال على الزبائن الإلكترونيين الذين كثيراً منهم من يدخل دوامة النصب بقدميه ورغبته وبناءً على أطماع وجشع وأحلام ساذجة في عائد مادي سهل أو في صيد جنسي جاهز أو لمجرد الفضول والتجربة. في كل تلك الحالات يكون الصيّاد الرقمي متحفزاً ومتأهباً للطريدة الإلكترونية التي دخلت بنفسها إلى قفص وشبكة المفترس الرقمي.
عندما نسمع عن عملية نصب بملايين الدنانير على أفراد شاركوا في منصة إلكترونية لا عنوان لها ولا أرقام هواتف ولا بريد إلكتروني وطبعاً لا مقرّ أو حيّز أو موقع ثابت لها، فقط مجرد رابط إلكتروني يدعى بمنصّةٍ إلكترونية، يقوم الفرد بالدخول إليها والتفاعل مع عديد من متطلباتها طمعاً في كسب المال السهل والسريع ودون بذل أي مجهود بدني أو فكري، فقط عليه إرسال أو تحويل بعض الأموال التي تتيح للجميع إمكانية النصب عليهم تبعاً لقدراته المالية ولحجم أطماعه في الربح السهل، فالمنصة تفتح المجال للمشاركة في مبالغ متواضعة قد تبدأ من 10 دولارات أو 10 دنانير، وتمتد لتصل إلى آلاف الدنانير.
إنها ذات العمليات التي تدعى بشجرة أو شبكة العنكبوت، حيث تعتمد على جذب أكبر عددٍ ممكن من المستغفلين، ويكون الحظ لمن يشارك في البدايات، حيث يتم فعلاً منحهم مبالغ وعوائد مادية تدلل على أن المشروع صحيح وموثوق، وأن هناك عوائد تم استلامها من الجهة الضامنة. حتى يصل الأمر إلى ما تدعى بالنقطة الحرجة والتي تعني أن المشروع وصل لأكبر عائد ممكن، وأنه في حال استمراره سيبدأ بالعجز وتلاشي المدخرات. عند هذه النقطة تتبخر الشركة الوهمية أو الرابط الإلكتروني الذي يتخفى خلفه أشخاص أو جهات لا يعرف أحد عنها شيئاً. وتنتهي عملية النصب ويبدأ المستغفلون بالندب والشكوى والصراخ عديم الجدوى، فلا توجد جهة يمكن التقدم إلى القضاء للشكوى بحقها، ولا يوجد ادنى أدلة يمكن التثبّت من صحتها.
إنها حكايات موجعة من الغفلة والسذاجة البشرية التي تختصر الموضوع بجملةٍ ذهبت مثل من الأمثال الدارجة « يوجد النصّاب عندما يوجد الطمّاع « .