أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
الأمن": العثور على جثة أربعيني قرب كلية عجلون بين الاحراش بعد الإبلاغ عن فقدانه منذ عدة أيام 700 ألف دينار لصيانة وافتتاح طرق غرب إربد كم ينفق الأردنيون سنويا على الدخان؟ هل يشمل اتفاق التهدئة خروج قادة حماس من غزّة؟ ارتفاع عدد الشهداء بقصف رفح إلى 25 بينهم 10 نساء و5 أطفال فصل مبرمج للتيار الكهربائي عن مناطق في وادي الأردن الصفدي يبحث ونظيره البريطاني جهود وقف إطلاق النار في غزة ثلاثةُ مليون زائر لتلفريك عجلون في 10 أشهر .. وزيادة ساعات العمل ثلاجات الأدوية مهددة بالتوقف في غزة والشمال 3778طنا من الخضار والفواكه ترد للسوق المركزي اليوم سلطة وادي الأردن تزيل اعتداءات على آبار المخيبة بكين: لا اهتمام لدينا بانتخابات الرئاسة الأمريكية انخفاض قيمة الصادرات والمستوردات حتى شباط 2024 الخصاونة يلتقي نظيره القطري على هامش المنتدى الاقتصادي بالرياض إصابة الوزير غانتس بكسر في قدمه التربية: إغلاق غرف الطلبة الموهوبين المستقلة للانتخاب تطلق شعار انتخابات مجلس النواب 2024 استقرار مؤشر البورصة في نهاية تعاملاته اليومية الصفدي: نتنياهو لا يريد السلام بلينكن: لم نطلع على خطة تضمن توفير الحماية للمدنيين برفح
الصفحة الرئيسية مقالات مختارة بين الاخضر والازرق، متصلون ولكن متفرقون؛

بين الاخضر والازرق، متصلون ولكن متفرقون؛

25-04-2022 08:38 AM

الدكتور المهندس أحمد الحسبان - ما يقارب نصف سكان الارض يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي الاليكترونية، وبمختلف انواعها: فيسبوك أزرق الايقونة، واتساب اخضرها، سناب شات، ماسنجر، تيكتوك، توتيتر، انستغرام وغيرها، فلا تكاد تخلو دقيقة - بل ثانية - على مدار الساعة من اشغال مزدحم لتلك المنصات والمواقع، الكل متصل، ولكن لوحده يجلس مع الماكنات الحميمية كما تسميها شيري تيركل استاذة علم الاجتماع في معهد MIT التكنولوجي الامريكي، وتقصد عالم الروبوتات والاجهزة الذكية، لتخرج بمؤلفات قيمة - أهمها كتابها (وحدنا معا)، تناقش فيه اثر وسائل التواصل الاجتماعي الاليكترونية في حياتنا الواقعية من الناحية النفسية.

الشباب من جيلي y و z - جيلي الالفية الثالثة - وخاصة في الشرق الاوسط والشمال الافريقي يهاجرون الأخضر والازرق تدريجيا نحو التطبيقات الاكثر سرعة واثارة، تاركينهما ورثة للمخضرمين من من جيل x - جيل الملينيوم /الثمانينيات - وأجيال الرعيل القديم ممن (تشعبطوا) بقطار التكنولوجيا بعد انطلاقه بسرعه، هؤلاء الذين تداركوا انفسهم للحاق بالركب الذي هم بالرحيل من عصر الماكنة الميكانيكية الى عصر الاليكترونيات وانترنت الاشياء وثورة تكنولوجيا الاتصالات، ولكنهم بقوا بين الفيسبوك الازرق والواتساب الاخضر يتأرجحون، ويمضون جل اوقاتهم على قروبات الواتس او صفحات الفيس النمطي المائل للهجران من جيل الشباب، مما سيقطع آخر عرى الوصل بين الاجيال المتعاقبة ويجهض ولادات تناقل الخبرات بينهما، الامر الذي يبدو انه لا حاجة له في هذا العالم، فالمعظم يتعلم لوحده اليكترونيا بلا مرجعيات أقدم، ولا خبرات تراكمت لتذروها الرياح.

لقد أسر الازرق والاخضر قلوب وعقول المخضرمين، لا بل عزلهم عن بعضهم البعض أيضاً، فأمسوا متصلين طوال الوقت - بلا آخر ظهور يذكر الا لسويعات على الاكثر - ولكنهم متفرقون، كل في بيته يطالع ماكنته الحميمية، يقبع جانبا ويعاقرها معظم الوقت، يجامل هذا و يتابع ذاك، ويشاركهم افراحهم والاتراح، ولكن بدون مشاعر حقيقية او ملامح حزن جادة او فرحة تنطلق من عمق القلب، بل ويتقلب بين تلك الأحاسيس بنفس الوقت، فينعى ويبكي ميتا بصفحة ما، و يضحك لنكتة بعدها بثواني، كالذي (يتصهون بعزا)، فلله دره ما اقدره على نفاق النفس الاليكتروني، وكيف يجرؤ على ذلك نفسيا، نعم متصلون ولكن متفرقون جسديا ونفسيا.

ومما زاد الطين بلة، سنتي الكورونا - ال ٢٠ و ٢١ بعد الالفين - اعمقت طعنا عزلتنا، لدرجة اننا لا نرغب باظهار كلمة (متصل) امام الطرف الأخر، تهربا من رد آني عليه، وهروبا من بدء محادثة تخترق عزلتنا المفضلة، فاستجاب الاخضر الواتساب - لاحقا بمثيله الازرق الفيسبوك - لاخفاء هذه الميزة ايضا، اننا نتعمق بالعزلة والتفرق لدرجة الانطوائية - لكننا نحب ان نضل (متصلون) لمعرفة اخبار غيرنا بدون ان نشعرهم بوجودنا اليكترونيا معهم، وهذا آخر درجات النفاق الاليكتروني المعاصر.

كل هذا أمسى حقيقة لا ينكرها منا أحد - شيبا وشبابا، بل ويمارسها الكل وبكل احترافية، ولم يعد مخفيا على احد او لافتا لاهتمام آخرين؛ هل قرأت الرسالة بخطين زرق ام لا؟ ، الاهم انه غير متصل لحظياً، لكن ما هو اهم من ذلك هو نوعية ما نشاهد ونقرأ، فجميع ما نقرأ هو اخبار اعيد تدويرها، وتكاثر تناقلها وتداولها على الاخضر والازرق، لدرجة انها لم تعد صحيحة، وقد تكون مغلوطة او مضخمة اكثر من اللازم، وهجرت الجرائد الاليكترونية الموثقة، ولم يرتادها الا القليل، فتغيب المعلومة المعتمدة الصافية بلا اضافات، ويعيش الناس بالقشور ولذيذ البهارات، بل ويشاركون بتناقلها بسرعة الضوء بلا تحقق ولا تثبت من صحتها، فكم من مظلوم بخبر مفبرك، وكم فيديو منتج مرات المئات، وكم من ملكية فكرية انتهكت محارمها، لقد قتلنا النسخ واللصق واعادة التوجيه وترديد التافه من المقولات والاخبار، ورحم الله الحقائق اذ تموت بين طياتها بلا بواكي ولا قراء - كما كانت حقائق قبلا.

مقصد القول؛ ان كانت الدول العظمى قد غزت العالم سابقا بجيوشها، واستحلت اراضيها، ونهبت خيراتها، وغيرت انظمة الحكم في بعضها، فقد غزتها حاليا بحروب بالوكالة، ونهبت اكثر مما نهبت سابقا، نهبت العقول والقلوب والوحدة، وابدلت مكانها الفرقة مع الحضور، والعزلة مع التواصل، والخديعة مع الحقيقة، ولكن بأسلحة الاجهزة الذكية والماكنات الحميمية فقط، لتبقى الشعوب متصلة مع بعضها ولكن متفرقة عن بعضها كذلك، لترى مصارعها وهي صامتة راضية.

خلاصة القول؛ اذا ما استمرت الحال (وحدنا معا)، ولم نهجر الناعقين - الاخضر والازرق، ستصل بنا الحال الى حالات انفصام مجتمعي بين الاجيال، واخرى بين الجيل الواحد ذاته - المتصل المتفرق. وستغيب ثقافات الحقيقة بالجرائد الاليكترونية كما غابت وتغيب الورقية قبلها ايضا، فالعزلة تزيد واللاتواصل الحقيقي ينمو، والبعد عن الانسانية الحقة ينحى منحنى خطيرا - باتجاه الهاوية.

الدكتور المهندس أحمد الحسبان








تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع