شكراً لدولة الإمارات العربية المتحدة لسببين:
أولهما لأنها قدمت المنحة المالية في وقت حرج نعاني فيه وخلاله بوضع مالي واقتصادي صعب نحتاج حقاً لدعم الأشقاء والأصدقاء، وها هي الإمارات تتقدم مشكورة لتلبية بعض من احتياجات الأردن.
وثانيهما لأن الإمارات تقدم هذه المنحة ونحن نتفق معها وقد نختلف في هذه السياسة أو تلك، نحو هذا العنوان أو ذاك، بشأن اليمن وسوريا وليبيا والإخوان المسلمين أو غيرها من العناوين الاجتهادية الخلافية التي تسود المشهد السياسي العربي، وهذا ينطبق علينا وعلى الإمارات في التعامل مع هذه القضايا، ولكن ذلك لم يكن موضع ابتزاز أو شروط للتلبية، بل بقيت عناوين ما يجمعنا أقوى وأكثر مما يُفرقنا.
وهذا ما يجب أن تفهمه كل الأطراف العربية، فالتحديات مشتركة سواء ضعفت نسبتها أو قويت، لدى هذا البلد العربي أو ذاك، فالعدو الوطني والقومي الإسرائيلي يحتل أراضي ثلاثة بلدان عربية، ويتطاول على مقدسات المسلمين والمسيحيين في القدس وسائر فلسطين، ولهذا السبب الأردن مستهدف في برنامج المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، ولذلك يقف الأردن رأس حربة سياسية: 1- في دعم صمود الشعب الفلسطيني على أرضه، 2- وفي دعم نضاله لاستعادة حقوقه في وطنه، وهي سياسة وطنية قومية ندفع كُلفتها لحماية أمننا الوطني في مواجهة سياسات حكومات المستعمرة الإسرائيلية.
والعرب الذين لا يتضررون من العدو الإسرائيلي مباشرة، يتضررون من السياسات الإيرانية، والبعيد عن إيران يواجه السياسات التركية، والذي لا تجمعه الجغرافيا السياسية مع المستعمرة وإيران وتركيا، يُعاني من سياسات أثيوبيا المائية المؤذية.
وحصيلة ذلك أننا جميعاً كعرب في خندق المواجهة مع آخرين وجيران يُفترض أن تسود بيننا وبينهم المودة وحُسن الجوار وتبادل المنافع والتوازن بدلاً من الأطماع والتدخلات وفرض المصالح ومعاملة العرب كرجل مريض ينتظرون وراثته، بل يعملون على الإسراع في وراثته وهو حي، فيعملون على إضعافه وشل قدراته وامكاناته بالتآكل الذاتي عبر تفجير المعارك الداخلية كما هو حاصل في العراق وسوريا واليمن وليبيا والصومال، وهي خدمات إما خبيثة أو غبية تُقدم للآخرين مجاناً، فبدلاً من تعزيز التنمية وتلبية الخدمات وبناء مجتمعات عربية متداخلة متطورة يتم استنزاف العرب بحروب بينية، ومعارك جانبية لا فائدة منها بل عنوانها الضرر والضعف والهزال.
سيبقى الأردن عنواناً للوطنية أسيراً لمصالح شعبه أولاً، وبما يتفق ولا يتعارض مع مصالح العرب القومية ثانياً، ونجوع ولا ننحني ولا نتآمر على ذاتنا وعلى أشقائنا ... وسنبقى كذلك.