أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
الأحد .. ارتفاع آخر على الحرارة ‏حملة «ابتزاز» غير مسبوقة تستهدف بلدنا القرارات الجديدة لوزارة الاستثمار .. هل تُعيد الثقة للاستثمار في الأردن بدران: سقف طموحات الأردنيين مرتفع والدولة تسعى إلى التجاوب معها بالفيديو .. تحذير هام من الصحفي غازي المريات للشباب توق: إصلاح التعليم بالأردن مكلف جداً إدارة السير للأردنيين: هذا سبب وقوع هذه الحوادث طاقم تحكيم مصري لإدارة قمة الفيصلي والحسين 64 شهيدا ومئات المصابين بغزة السبت مديريات التربية في الوزارة الجديدة ستنخفض من 42 إلى 12 وزارة المالية تنفي ما تم تداوله على لِسان وزيرها محمد العسعس جثث شهداء في شوارع جباليا .. وارتفاع حصيلة ضحايا العدوان على غزة غانتس يمهل نتنياهو (20) يوما أو الاستقالة: بن غفير يهاجمه ولبيد يطالبه بعدم الانتظار إجراءات جديدة حول الفحص النظري والعملي لرخصة القيادة “حمل السلاح ليلحق برفيقه” .. مقطع متداول يظهر شجاعة المقاومة في جباليا (شاهد) أزمة حادة في الغذاء والدواء يعيشها النازحون بالقضارف السودانية مقابل تصعيد الاحتلال في عمق لبنان .. حزب الله يكرس معادلة جديدة لمواجهته الذكرى التاسعة لرحيل اللواء الركن فهد جرادات مكتب غانتس يهاجم نتنياهو بدء فرش الخلطة الاسفلتية للطريق الصحراوي من القويرة باتجاه العقبة
الصفحة الرئيسية أردنيات حدّثَني جدي - الجزء الثاني

حدّثَني جدي - الجزء الثاني

حدّثَني جدي - الجزء الثاني

13-01-2017 06:38 PM

زاد الاردن الاخباري -

تاليا الجزء الثاني من رواية "حدّثَني جدي" بالتعاون مع #الحكواتي.

- بسنة ال43 أجى أخوي الكبير من مدرسة الأيتام اللي بعثته أمي عليها بالقدس.. طبعا أجى و كان صاير شاب و طول بعرض زي حالاتي.. أو بدك تقول أنا اللي كنت زي حالاته.. و عالسريع راح سجل بالجيش و قبلوه.

أنا كان وضعي بختلف كثير عنه.. أيامها كان إلهم كم سنة فاتحين مدرسة إسمها مدرسة المطران.. سجلتني فيها أمي بعد ما خلصت صف رابع.. على أمل إني أنتسب للجيش بس أكبر.. أيامها كان أبو زيد خاله اللي بدخل الجيش.. شو بهذيك الأيام يعطوه معاش، غير شكل!!!

زي ما تقول كانوا أغلب اللي بنتسبوا للجيش من الجنوب و الوسط.. هذول كانوا أول ما يدخل الواحد فيهم ببدأ برتبة جندي، و خلال سنة يترفّع لمساعد ضابط.. بدون لا تدرّج و لا رتب.. بعدها يبتعثوهم لبريطانيا يتعلم إنجليزي و العسكرية عالنظام البريطاني و يرجع عين الله عليه.

هسه اللي زي حالاتنا كان الجيش يوخذنا إحنا الخريجين من طلاب مدرسة المطران هاي؛ و يعينوهم كَتَبِة و باللاسلكي و خياطين و غيره.. يعني فش مجال للترفيع زي البقية، و مع هيك الناس أيامها غالبيتها على قد حالها.. يعني أي وظيفة و بالجيش كمان؟؟ هوهوووو تعتبر دحّة.. مليحة كثير.

عاد اللي صار بال43 إنه أخوي تسجّل برتبة جندي ميكانيكي.. انجبر يروح عالعراق يحارب مع الإنجليز ضد العراقيين.. حاول و قتل حاله ينتقل على فرقة ثانية غير فرقته كانت رافضة تروح لهناك.. أيامها كان قايد الفرقة واحد من بيت العموري.. كان زلمة و قد حاله.. مات أخوي ينتقل لعنده بس عالفاضي.

بوقتها كان قايد الجيش كلوب باشا.. بقول لك يومها وقف قدام العسكريين و قعد يبكي و ينحب مثل النسوان على أساس يستعطف الجيش و يروحوا لغاد.. شغلة مصالح يا جدي الله وكيلك.. ولا الناس كلها عارفة من هذيك الأيام إنه إذا ألمانيا خسرت الحرب فلسطين راح تروح لليهود.

المهم بالمليحة أو بالعاطلة راحت الفرقة اللي فيها أخوي عالعراق و حاربوا مع الإنجليز.. و ما استفدنا إشي من قراية أخوي بالقدس و لا من شغله بالجيش.. و حالتنا صارت بالبلا.. الله لا يوريك هذيك الأيام.. قعدنا هيك لغاية سنة ال47 و سحبت حالي وعلى وين؟ على يافا.

كنت متعلم صنعة الخياطة و شاطر فيها.. دبرت لحالي شغل غاد عند خياط أرمني، مممممممم، نسيت إسمه الله يقطع إسمه.. كان ختيار هيك زي حالاتي هسه و خلاقه ضيقة كثير.. و الشغل معه عذاب بعذاب والله يا جدي.. بس المليح إنه خلاني أصير أنام بالمخيطة بعد ما يروح.. يعني عالقليلة مكان أتّاوى فيه و السلام.

أيامها كانت المخيطة قريبة من المينا.. فكنت أروح أسهر هناك مع هالبحّارة و الشّغّيلة و أتعرف عليهم و أسمع منهم.. و كمان هم كانوا يسمعوا مني و يتفاجؤوا بثقافتي و لما أقعد أناقشهم و يكتشفوا إنه عمري ما سافرت أصلا ولا شفت نص اللي هم شافوه من بلاد العالم.

ليش بقول لك هالوزير اللي سرقت منه الكتب كان إله فضل كبير علي.. من طريقتي بالحكي و السمعة اللي غالبية الناس بالمينا عرفوها عني صار إلي مكان بينهم.. و مكان محترم زي ما تقول.. عاد بالصدفة تعرفت على بحار مصري كان متعلم و متنور من جماعة الأزهر.. و صرت صحبة أنا و اياه.. كل ليلة يجيب شوية سمك نقعد نشوي و نوكل و نتسامر لبعد نص الليل.

و يوم عن يوم، حكيتله عن وضعي و حالتي.. قام وعدني يهربني لوحدة من البواخر و أسافر.. حكيتله أي مكان غير هون.. اتفقت أنا و اياه و فعلا أجى اليوم اللي بدها تطلع فيه الباخرة.. حملني شوال حمضيات على ظهري على أساس إني عتّال و دخلني عليها.. والله و زرقت من هون و هون، و تخبيت جوا.

بالصدفة كبس علينا بوليس المينا و أجوا يفتشوا الباخرة.. قال شو؟ واحد من البوليس مسروقة أواعيه و شاكين إنها مع واحد من العتالين.. شوف الحظ!!! نبّشوا الباخرة فوقها و تحتها و كَمَشوني.. و هات إقنع البوليس إني متخبي عشان أهرب مش عشان سرقت أواعي منهم.. صبي الخياط متخبي؛ شو بده يقنعهم.

أخذوني والله يا جدي عالحجز.. و أيامها لا بعرف حدا و لا حدا بعرفني.. و فلوس ما معي.. نمت بالحجز ليلتها و شفق علي واحد محبوس معي كان، و طعماني من أكله لما شافني ميت من الجوع.. لثاني يوم الصبح تا شرّف الختيار الأرمني.. طلع حضرته مخربط و معطي أغراض العسكري المسروقة لزبون ثاني بالغلط.. طلّعني و قعد يعتذر و يترجّاني أرجع للشغل عنده.. بس خلص، قرفته و قرفت الشغل عنده.

رجعت عالمينا لقيت الباخرة اللي كنت ناوي أهرب فيها رايحة و أخذت معها فرصتي إني أهاجر.. و جدك عالحديدة، صفيت بلا شغل و بلا فلوس.. و ألف و أدور حولين حالي منيش عارف وين أروح.. لغاية ما أخذتني رجلَي على الكراجات اللي بتيجي منها الشاحنات.. كانت الشاحنات هاي تيجي من كل مكان محملة بالحمضيات و الفواكه عشان ينقلوها.. إشي للمينا و إشي يروح لعمّان.

قعدت هناك قلت بلكي ألاقي حدا من سيارات نابلس أو أصادف حدا بعرفه من عمان.. الدنيا كانت صغيرة وك يا جدي.. وين ما مكان إلا ما تلاقي حدا بتعرفه.. عاد والله لقيت كم شاب من نابلس عواطليّه زي حالاتي، و سألتهم إذا بعرفوا حدا بده خياط.. و عدوني يحكولي إذا لقوا حدا و سحبت حالي و رجعت عالمينا بالليل.

يومها ما كنت شايف الفضا من الجوع.. بعدني مش ماكل ولا لقمة من ليلة ما كنت بالحبس.. كنت عارف إنه على أطراف المينا كانوا يخزنوا أكياس القطّين.. و بعرف مكانهم بالزبط.. والله تسحّبت على أطراف السياج و وصلت لواحد من الأكياس، و أتناولّك هالقطين عن جنب و طرف.. و من يومها لليوم ولا بطيق طعمه هالقطّين.. ما حطيته بثمي.

أنا أخذت المدير، صح؟

- أاا جدي أخذته أول ما وصلت لعندك!!!

- مليح.. شايف علي؟ أكلت هالقطّين تا قبّت ضلاعي منه.. و تسطّحت فوق الأكياس و نمت هذيك الليلة و أنا مش عارف بكرة شو أعمل.. تا بلش الضو يشقشق، سحبت حالي و تركت المينا قبل لا ييجوا العمال و البحارة.. و رجعت للكراج بلكي الله ييسرها معي.

وصلت لهناك ولا هم الشباب اللي شفتهم مبارح قدامي.. رجعت سألتهم عن الشغل، قاموا قالوا لي ليش ما تشتغل معنا؟ قلت لهم ما انتوا عواطليّه زي حالاتي، شو بدي أشتغل معك؟!!! قال ما عليك.. و فردوا يومها سفرة قدامي و جدك ميت من الجوع.. أكلت عن ثلاث أيام لقدام.. و حكولي روح هسه و إرجع علينا قبل المغرب عشان تبدأ شغلك.

و الله وفعلا، رحت معهم عالمسا و قعدنا نمشي بطرق بيافا أول مرة بشوفها.. و من هون لهون؛ ما ألاقي حالي ولا إحنا بحارة لليهود كلها بيوت فخمة و راقية.. أيامها كانت مولعة بفلسطين بين العرب و اليهود.. و بهذيك الليلة بالذات صوت الرصاص كان بكل مكان.

كنا ستة.. حكولي وقف هون و راقب هذا البيت من بعيد.. و تسحّبوا الخمسة عالبيت زي القرود بسم الله و أنا صافن فيهم.. اثنين منهم دخلوا الكراج، و الثلاث الثانيين تشعبطوا على واحد من الشبابيك و دخلوا جوا البيت.. و أنا برا بالشارع ما في حركة إلا بسة مرت من قدامي.. غير هيك ولا نفس.

يمكن مر خمس دقايق أما كإنهم عشر سنين قد ما كنت خايف.. أول مرة كنت بخاف يا جدي.. طلعوا الاثنين اللي دخلوا الكراج حاملين معهم بسكليتات اثنين، واحد صغير و واحد كبير.. و ضلينا نستنى بالثلاث اللي دخلوا عالبيت جوا.. شوي ولا هم نازلين كمان و محملين معهم أغراض ما عرفت شو هي.

و زي ما دخلنا عالحي تبع اليهود طلعنا.. أما أنا كنت نشفان من الخوف.. و الناس هسه قال مفكرة إني بعمري ما خفت و قلبي ميت.. من ليلتها عرفت إنه هالشغلة مش شغلتي بالمرة.. أعطوني الشباب حصتي كانت البسكليت الكبير.. قلت لهم مسامحكو بديش إشي.. المهم أعطوني ثلاث جنيهات و ما عدت شفتهم.

ضليت داير بالشوارع تا طلع الصبح.. رحت على مطعم و رمّيت عظمي بصحن فول و رغيف خبز كبير و الله طعمهم بثمي لغاية اليوم.. و بس خلصت طلبت فنجان سحلب.. والله يا جدي إني بكيت ساعتها.. من أول لقمة سحلب تذكرت أمي الله يرحمها و السحلب اللي كانت تعمله مع مية الورد ما كان حدا يعمله زيها.. و قعدت أبكي على حالي و شو اللي صار فيي.

تعوذت بالله من الشيطان و قمت تمشيت بشوارع يافا.. قلت إلا ما ربنا يرمي فرجه بطريقي و أنا ماشي.. و فعلا مشيت لغاية ما لقيت قدامي مكتبة للمطالعة، و بالمجان.. شوف كيف زمان كانت الناس تهتم بالكتب و القراءة.. هذا الحكي بالأربعينات ها.. أما تقول إني لقيت كنز قدامي.. من يوم يومي بحب القراءة.

دخلت عليها تقول ملاقي كنز قدامي.. ما حسيت على حالي ولا صاحب المكتبة بقول لي بدنا نسكّر.. والله كإنها لحظة مش يوم كامل.. طلعت و كملت مشي بهالشوارع و انا أتطلع على يافا بشكل ثاني بعد هالكم كتاب اللي تصفحتهم.. الكتب يا جدي بتنوّر البني آدم مش بس بعقله؛ حتى الناس و الشغلات اللي حوليك بتصير إشي ثاني، و إلها معاني ثانية.

المهم دخلت بالليل على فندق و سألت صاحبه إذا بده شغّيلة عنده.. قال لي لأ.. سألته عن سعر المبيت ليلة و شافني مبهدل و حالتي بالويل.. قال لي بشغلك عندي من الخمسة الفجر للصبح مقابل إنه يعطيني مكان أنام فيه.. و الله مسكت هالممسحة و المكنسة، غسلت له الحمامات و كنست الدرج و نظفت الغرف و ما خليت.

بآخر الليل قعدت على المكتب اللي بالمدخل منهنه عالآخر.. و ضليت على هالحالة ثلاث ليالي.. أطلع بالنهار أدور على شغل؛ و بالليل أشتغل بالفندق.. اشتغلت يوم واحد عند كوى، ما قبل يعطيني أجرتي فتركته.. بعدها اشتغلت ثلاث شهور عند واحد حلواني كان يعطيني نص جنيه كل آخر شهر.

ساعتها قلت ما في فايدة من كل هالمرمطة.. و صار وقت أرجع على عمان و قلت خليني أضل عند أمي أحسن لي.. رجعت والله و بقلبي غصة من اللي صار معي و الخيبة اللي أرجع فيها لأمي.. حتى أجرة ما كان معي أرجع.. ركبني واحد تبع شاحنة محملة فواكه لعمان فوق الفواكه.. و طول الطريق و أنا أفكر كيف بدي أفوت على أمي الله يرحمها.

هاتلك حبة مدير يا جدي.

- جدي و الله أخذتها.. شو بدك بالمدر كل شوي؟

- أنداري،، قوم اعمل لنا كمان كاستين شاي لعاد.. نشف ريقي و أنا بحكي.. بس ترجع بكمل لك.

الجزء الاول





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع