بعض الناس يبتلى بمصيبة في نفسه او احد افراد عائلته ،وقد تكون هذه المصيبة على شكل مرض او اعاقة بدنيه ظاهره، وبدلا من ان يحمد الله ويصبر على ما اصابه، الا انه يحول هذه المصيبة -مهما كانت بسيطة حتى لو لم تعيقه عن العمل او ان كان لديه دخلا يكفيه - فيحولها الى مورد مالي سهلا يدر عليه دخلا اكبر من دخل العمل مستغلا تعاطف الناس معه ، فيقوم بالتسول ، واذا كانت الاعاقة او المرض ظاهرة في الجسد فانه يكشف عنها ليظهرها الى الناس وان لم تكن ظاهرة كالامراض الباطنية ،فانه يحمل تقارير او وصفة طبية مغطاة بلاصق يحفظها من التلف لفترة طويلة ، ويتجول وهو يشرح للناس معاناته باسلوب المبالغة و الاستجداء اويدخل الى المساجد ، خاصة ايام الجمع والاعياد ،وما ان يسلم الامام تنتهي الصلاة حتى يقف شارحا للمصلين حالته و طالبا المساعدة و الصدقات. ونظرا للمردود العالي للتسول وشيئا فشيئا يصبح التسول مهنته الرئيسية التي لا يقبل بديلا عنها ، وان تكدست امواله في البنوك.
واذا كان استثمار المصائب لممارسة التسول من قبل الافراد امرا مستهجنا فالامر يكون اكثر استهجانا عندما يمارس على مستوى الدولة، ولم ارى او اسمع عن دولة تفننت و اتقنت التسول كما اتقنته المملكة الاردنية الهاشمية،فمن المحال تكاد تمر حادثة دون ان يرتفع صوت عويل الحكومة ونواحها وتذرف دموع التماسيح بان الدولة على حافة الهاوية وان انهيارها بات امرا وشيكا ،متلاعبة بعواطف بعض من يصدقونها ويخافون على مستقبل بلدهم،تمهيدا للانقضاض على جيوبهم الخاوية اصلا، فتلجاء الى فرض الضرائب ورفع الاسعار وطلب الدين من البنوك المحلية و الدولية. اضافة الى ذلك ونظرا لتعدد الازمات في الدول المجاورة فقد وجدت الحكومات المتعاقبة الكثير من الظروف والاحداث الملائمة لاستثمارها و استغلالها على مدار ما يقارب القرن ، من النكبة الى النكسة واستقبال اللاجئين من فلسطينين والعراقين وسوريين الذين فتحت لهم الحدود ورحبت باستقبالهم على الارض الاردنية دون قيد او شرط مسبق، تمهيدا لاستثمار مصيبتهم ، وليس عطفا عليهم ورفقا بحالحم ، فهم استثمار ناجح وسهل وفي كل مرة يرتفع صوت الدولة الاردنية بالشكوى والتباكي الموجه الى دول الخليج خاصة والعالم عامه طلبا للمساعد،متذرعة بانها حملت على عاتقها عبء هذا اللجوء رغم قلة الامكانات ومحدودية الموارد ، نيابة عن العالم ويجب على العالم القيام بدورة الانساني تجاه هؤلاء اللاجئين و يدعم الدولة المظيفة لهم،و تستمر بالتباكي امام العالم طلبا للمزيد من المساعدات حتى اصبحت مضرب الامثال والتندر لكثرة تسولها، وبنفس الوقت تستمر بالانقضاض على جيوب المواطنين ودخولهم المتآكلة اصلا تحت نفس الذريعة،
الغريب في الامر ان مهما يكون حجم الدعم او الثمن الذي تحصل عليه الدولة كبيرا ، فلا تُعرف مصارفه وطرق توزيعة وانفاقه، وربما تكدس في جيوب بعض المتنفذين وارصدتهم البنكية ،تماما كما تتكدس اموال من امتهنوا التسول من المواطنين.