لن يكون الدرك عصا بيد وزير التربية والتعليم ، وحل مشكلة المدارس ليس حلا دركيا بطبيعة الحال .عنف المدارس والجامعات هو امتداد للعنف المجتمعي السائد وشكل من أشكاله المعقدة .والبحث عن حل لا يمكن ان يتم بمعزل عن علاج شامل للمعضلة ، لكن يبدو أن الحلول الأمنية أصبحت اقرب الحلول وأسهلها ،واقلها كلفة بالنسبة للمؤسسات الفاشلة والعاجزة عن معالجة مشاكلها الإدارية الداخلية.
ظاهرة التوتر المجتمعي التي نعاني منها تراثية وليست طارئة، كما أن الأحداث السارية حاليا توفر ظروفا معتكرة قابلة لاستدراج مزيدا من أسباب العراك الاجتماعي الجاذب للعنف ،وتهيئ التربة لتخصيب الشر وحدوث موجة جديدة من حالات الشجارالطلابي في المدارس سيضع الدرك في دوامة لا حدود لها من تحرشات الصبية وولدناتهم .
الواضح ان محاولات تمييع مهام الدرك تزايدت في الآونة الأخيرة ،وعلى معاليه التريث واقتلاع الفكرة من رأسه، والتفكير بمشروع وطني شامل لطرد الشر من المدارس ،فليس من المنتظر أن تحرك أي جهة رسمية أخرى ساكنا في الموضوع. فخضوع أجهزة الحكومة المختصة لسلسلة الأزمات المتلاحقة التي توالت على رأسها لم تدع لها مجالا لتصفح التقارير أو الالتفات إلى اللجان المختصة للحد من العنف التي حفيت ألسنتها وهي توجه النداءات للاستماع لتوصياتها دون أن تفلح بحفز الضمير الرسمي على القيام بشي ،ولم تقدم الحكومة ما يمكن إضافته لميزان حسناتها لترويض الظاهرة أو التخفيف من حدتها بعد أن وضعتها في ذيل اهتماماتها، وتمسكت وزارة الداخلية بشعار لخصته بجمله واحدة مفادها أنها مصممة على مكافحة الاحتقانات الاجتماعية بكل حزم ،وتردد هذا الشعار خلال السنوات الأخيرة مرارا لكن دون جدوى .
عموم التوقعات تشير إلى أن الأجواء مرشحة لحصول وقائع أكثر إيلاما وخطورة في حال اعتماد الدرك عريف صف ،و ستلاحق مشكلة توريطه بالمدارس نظر الحكومة كذبابة العين وسيجلب لها مزيدا من المتاعب .العلاج الآني الوحيد لمشكلة الوزارة هو الحزم واستحضار الجراءة في اتخاذ الإجراءات التدبيرية القاطعة بحق مثيري الشغب ،فما يميز المرحلة المقبلة تأثرها بمجمل التعقيدات الاجتماعية والسياسية الإقليمية المتمردة ،الأمر الذي يجعل احتمال تحول حالات العنف الاعتيادية إلى شرارة تفضي إلى شغب عارم وفتن احتمالا واردا ،وهناك فراغ مرتبط بعدم وجود إستراتيجية وطنية تستند إلى قراءة علمية تحاكي المستجدات للمباشرة بوضع حلول عملية نحن الآن بأمس الحاجة إليها أكثر من أي وقت مضى .
على أية حال لا نظن أن المدير العام لقوات الدرك سيخضع لانفعالات الغير وارتباك أفكارهم ولن يقبل بتشتيت قواته لحراسة مئات المدارس ، وسيحافظ على مقام الدرك الكريم ورسالته الأمنية الجليلة ،.فمجرد التفكير بهذه المسألة والله العظيم عيب.