لماذا نطالب بالحرية ؟ وماذا سوف تمنحنا الحرية ؟ يختلف مفهوم الحرية من شخص لآخر؛ إلا إن العامــــــــــــــــــــل المــــــــشترك في مفهوم الحـــــرية هو أن نقول ونكتب ما نشاء دون أن يمسنا سيف الرقيب أو سوط الجلاد.
فالحرية الحقـــــــيقة هي حرية الفــــــكر ، وحرية التعبير وبيان الــــــرأي هي نتيــــــــجة لحرية التفكير، وعندما تسلب أحد هاتين الصفتين ، التفـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــكير والتعبير يفــــقد الإنسان أهم خصائصه البشرية التي منحه الله، والتي بها يتميز عن غيره من الكائنات.
تعتبر الحرية إحدى أهم قضايا الشعوب وهي من أهم الأوتار التي يعزف عليها السياسيون، فالكل يطمح في لاستقلال لبلاده وأن يكون شعبه حرا في اتخاذ القرارات لمصلحة الشعب أو الجماعة أو المجتمع الذي ينتمي إليه ، بدون المساعدات والمنح من الدول الغربية لتنفيذ مخطاطاتها التنموية والسياسية والاستراتيجية والتي تهدف إلى تركيع الشعوب العربية للأمر الواقع.....
ويمكن تقديم تعريف عام للحرية يشمل جميع أنواع الحــــرية المـــــــــــــــــــــــــمكنة (الحرية هي غياب الإكراه) ولأخذ بعين الاعتبار التعقيد في مجال تـــــــعريف الحرية والبرهنة على وجودها أو عدم وجودها ونستحضر قولة الفيلسوف ألن (إن تقديم حجة على وجود الحرية سيقتل الحرية).
كما أن الحرية ليست علم يدرس أو مهارة تكتسب إنها نزعة وحاجة إنسانية هي كالطعام والشراب، فأنت لكي تعيش لا بد أن تأكل وتشرب، وكذلك لا بد أن تكون حراً لكي تعيش إنساناً لا حيواناً تقاد حيث يشاء الآخرون، وكما أنك تبحث عن الطعام والشراب وتسعى لتوفيره فالحرية كذلك يجب أن تبحث عنها وتسعى لتحصيلها
أعتقد جازماً بأن العدالة الحقة لا تتحقق في ظل الاضطهاد وحرمان الحقوق ومنع الممارسات الإنسانية ، فالحرية مقدمة أساسية لدفع الظلم وإزالته من المجتمع، وفي إقصاء الحرية يتعذر أن نتواصل مع المجتمع بصدق وإخلاص ومحبة، وهذا على المدى البعيد يؤثر تأثيراً سلبياً على تقدم المجتمع وتطوره ولذلك نجد أكثر المجتمعات تحضراً ورقياً أكثرها حرية.
إننا نخاف من الحرية لأننا لا نعرف قيمتها وأثرها، نخاف من الحرية لأننا لا نثق في الآخرين، نخاف من الحرية لأننا نفتقد القيم والمبادئ الرفيعة، نخاف من الحرية لأننا أنانيون متكبرون جاهلون لمعنى الحرية.
نخاف من الحرية لأننا نريد أن نستغل الآخرين لنحقق أهدافنا المتعارضة مع أهداف غيرنا...
تعرضت أنا شخصياً كاتب هذه السطور إلى ضغوطات من قِبل أشخاص قادرين على مضرتي بعدم الكتابة بأشياء ساخنة وحساسة ، فضطررت في هذا الزمن الرديء و عصر الجاهلية الحديثة أن أقف ، وأصبحنا عبيداً لحفنة من عكاريت وزعران في ظل دولة تتداعى الديمقراطية .
أثبت لنا التاريخ أن الحرية لا تهب أو تعطى وإنما تنتزع فالناس لا يمنحون الآخرين حقوقهم ما لم يطلبوها، فلم ينل الغرب حريته إلا بعد دماء الثورة الفرنسية.
إن خطوات التحرر من قيود العبودية،إدراك أن فكرك ورأيك،هو من أخص خصوصياتك مسلوب منك ومنتزع.
ومن فنون الدكتاتوريين أنهم يشعرونك أنك تعيش حراً طليقاً وأنت في قيودك، فلن تكون دكتاتوري حتى تتقن مهارة التحكم في عقول الناس وكيفية توجيه فكرهم، أنت لن تطالب بحريتك ما لم تشعر أنك مقيد مستعبد، وتعيش في حالة كبت فكري وقهر حسي، وكسر هذه القيود لا يحدث إلا بالقوة.
من أدرك حكمة الله من خلق الإنسان، و أدرك سر إيجاده، أدرك أن الإنسان ليس إلا مخلوقاً منفرداً بنفسه، مستقلاً عن غيره، لا ارتباط له بشيءٍ في الكون إلا ارتباطاً لتوجيه و إرشاد فقط لا أكثر.
من أجل ذلك منحه الله تعالى عقلاً يُميزه عن غيره من المخلوقات، و شرفه بهذا العقل، و جمَّله به كما كمَّله به، ليكون بالعقلِ طالباً و باحثاً، و ليكون به مميزاً كان به متميزاً، فمنحه بالعقلِ مجالاتٍ أوسَع للرؤية، و آفاقاً أكبر للإدراك، ليكون ناظراً بعمقٍ إلى سر وجوده، فيكون بذلك إثبات شهوده، فتوصَّل بالعقلِ إلى العلم بالكون و الحياةِ، و المعرفة بأسرار الوجود، و لولا العقلُ ما كان متأهباً و لا متأهلا لذلك، فكان العقل طريقاً و باباً، بل هو ملجأ و ملاذ للإنسان في تمحيص المعارف.
أن الحرية والكرامة متلازمان إلى حد بعيد وضروريان لبناء المجتمعات فالمفكرين والعلماء ابتعدوا عن التمرغ تحت اقدام الطغاة وخلقوا أنفسهم قومات الكرامة بالرضى بأقل ما يمكن من حاجات الحياة الضرورية ليقدموا إبداعهم إلى المجتمع أنه الصراع القاسي من أجل بناء الإنسانية .