جلس الحضور الذين يبلغ عددهم بحدود المائة شخص في إحدى القاعات التابعة لمؤسسة " شبه " حكومية في إنتظار بدء فعاليات دورة تدريبية تخص إحدى المؤسسات الاستثمارية الحكومية وبحضور عدد من وفود الدول العربية المشاركين فيها ، وفي لحظات الانتظار التي إستمرت لأكثر من ثلث ساعة وجد القائمين على الندوة في تشغيل " السي دي " فرصة للتنفيس عن الحضور الذين ما إنفكوا ينظرون لساعاتهم والوقت الذي مضى على موعد بدء الفعالية .
والشيء الملفت هنا أن ال " سي دي " حوى مجموعة من الأغاني الوطينة التي إشبعنا منها قتلا وضربا وتقيلع عيون وسيوف ومجنزرات وبقية العتاد العسكري ، ولكن الذي لفت الانتباه أن إحدى الاغاني كانت بدايتها صوت لطلقات الرصاص " رشاش " وبعدها بدأ المطرب في ترديد كلمات أغنيته عن إحدى فروع القوات المسلحة ، إذا نحن في جبهة حرب وليس في قاعة لتشجيع الإستثمار مع وجود عدد من الضيوف العرب .
وقصة إستخدام هذه الأغاني في القاعات الحكومية وقبل بدء موعد أية فعالية أصبحت تقليدا أعمى تقوم به كافة المؤسسات الحكومية ويتم إختيار مجموعة أغاني لاتخرج عن ساحة المعركة الحربية ، مع أن الغناء الوطني الأردني فيه الكثير من الأغاني التي لايمكن أن ينساها المواطن والتي مثلت تاريخا مهما لديه وتتغنى بالوطن " كوطن " وليس " كمدفع رشاش " و " قلع عيون " وقطع رؤوس " ، وهي أغاني عرفها الأردنيين منذ عهد الملك حسين رحمه الله وكان لها دورا كبيرا في شد إنتباه الشعب للكثير من معاني العشق والحب للوطن .
لنتوقف عن قياس حب الوطن فقط بصوت الرصاص وقلع العيون وصوت المجنزرات وبقية أدوات الحرب نحن في حالة سلم وأمان أيها القوم ، إلا إذا كنا فقط في حالة حرب مع أنفسنا لنعرف من يحب الوطن أكثر من الأخر ؟ .