زاد الاردن الاخباري -
لن نقول هذا الكلام مرتين، ولكن كل ما حدث في الأردن خلال العامين الماضيين من حراك وشد ورخي مع النظام في كفة، وما يحدث في معان هذه الأيام في كفة أخرى، فقد بلغت السكين الرقبة، ولابد من الحكمة الشديدة، وتحرك جميع من يعنيهم الأمر من رأس الدولة إلى مسؤوليها ومجتمعها وإعلامها للحيلولة دون إنزلاق معان نحو المجهول !
الإهتمام بمعان اليوم أهم من الإهتمام والإنشغال بأي مكان آخر، والمعذرة فالجرح بالكف، ولكننا نتحمل حل مشاكل النظام السوري بمتابعة شؤون اللاجئين ورعايتهم من باب قومي وإنساني وأيضا نيابة عن العرب والعالم، فإذا حدث في معان مكروه اليوم، لا قدر الله، فمن سيهتم بنا ويرعانا؟
أولا ندعو جلالة الملك بشكل مباشر أو من خلال رئيس حكومته أن يتدخل ليس لتهدئة الخواطر في معان والجنوب بل لوضع حل جذري يضمن إعادة الأمن إلى المدينة الحبيبة في المرحلة الأولى، ثم تقديم حلول عاجلة وشافية وعملية لكل مشاكل معان، ولا بأس من إجتماع رئاسة الحكومة هناك، بحضور جميع الوزراء والتنفيذيين لوضع خريطة وخطة عمل قابلة للتطبيق تؤسس للتنمية الشاملة في المدينة وحل مشاكلها الكثيرة، التي تتشابه مع معظم مشاكل الجنوب، وعلى رأسها البطالة والفقر.
إعادة الأمن للمدينة هو بتحرك فوري لجميع أعضاء (الحكومة الأمنية المصغرة) التي عليها اليوم وليس غدا، أن تذهب وتعسكر في معان وتجلس مع رجالاتها بشكل مباشر وتناقش معهم كل المشاكل وتقوم بتصنيف المشاكل الأمنية بوعي شديد، بدءا من توضيح مشكلة الفيديو الذي يصور الإعتداء على جثث القتلى، والقبض على من ظهروا في الفيديو ومحاسبتهم أو القبض على من قام بفبركته (إذا صح هذا الإدعاء)، وكذلك توضيح تبادل إطلاق النار بين مواطنين وقوات الأمن، وتعزيز التواجد الأمني في المناطق الموسومة بالخط الأحمر، التواجد الحكيم غير الإستفزازي، وعدم اللجوء إلى أية إجراءات تصعيدية من أي نوع، وإيجاد طريقة لجمع السلاح الذي يكفي وجوده في يد العابثين والخارجين عن القانون لزعزعة أمن الدولة كلها.
سأعلق الجرس، وأذكّر دولة الدكتور عبدالله النسور، فلعل الذكرى تنفع المؤمنين، بأن كل ما يحدث في سوريا اليوم سببه عدم إيجاد حل لمشكلة صغيرة بدأت في درعا، واستطيع القول أنها كانت مشكلة أصغر بكثير مما يحدث اليوم في معان، حين اعتقلت الشرطة 15 طفلا كتبوا شعارات على الجدران، في شباط 2011، شعارات تطالب بالحرية، ولكن الجهل بإدارة الأزمة، والغباء في إحتوائها، والتعنت من قبل القيادة الأعلى، والغرور من رأس النظام السوري، دفع لإتساع دائرة المشكلة ثم إنتاجها وتفريخها لدوائر أخرى لم تتوقف حتى هذه اللحظة.
معان، أو كما كان والدي، رحمه الله، يحب أن يسميها، مدينة الحجاج، هي مدينة وادعة تنبض بالحب، والخير فيها كثير جدا، والشر فيها -وليس منها- قليل جدا، ولن نسمح أن ينتصر الشر، المبغض والحانق، على الخير المتأنق المتألق، وإذا حدث، لا قدر الله، فإننا نضع كل المسؤولية في رقبة الذين أرادوا المسؤولية، واختاروها بملىء إرادتهم.