بقلم : عدنان الرّواشدة
** إذا كان ثمّة من يعتقدون أنّ أشرعتهم المحطّمة سوف تحميهم من ( الطوفان ) , فهم لا يعلمون أبدا أنّ ( البحر ) لا تثنيه الشّعارات والإيماءات عن ابتلاع المبحرين في عرضه ... ولا توقف ( هيجان ) أمواجه المتلاطمة في وجوه المنافقين ( دواليب ) الحظّ أو رنين الألقاب أو قوائم ( الإستثناءات ) .
يطلقون ألسنتهم في الهواء , ويدّعون أنّ قلوبهم لم تزل ( تنصهر ) في جوف الوطن , وأنّهم وحدهم فقط من يتقن هذا (العشق ) ... تسترخي ( أشعارهم ) فوق أجنحتهم المتحرّكة , أو بين طيّات أجندتهم وملفاتهم حينما تكون ( الوطنيّة ) بالنسبة لهم مجرد علامة تجاريّة أو تصريحا ساري المفعول يتيح لهم الوصول إلى ( الهدف ) بسهولة ... يملؤون واجهات منازلهم ومكاتبهم وسيّاراتهم بالصّور والشعارات و( الأضواء ) المتوهّجة , يستخدمون ( الجغرافيا ) في دفن أخطائهم وكبائر خطيئاتهم ,ويتلاعبون بالمفردات ومواقع إعرابها في إخفاء جرائمهم ... يندسّون بين ( الأتقياء ) حين تفوح روائحهم أو تتساقط أقنعتهم , ويتعالون على غيرهم بإسم الوطن وقوانينه وحرماته وكأنه لا يستوعب إلاّ ضجيجهم وإستعراضاتهم فقط .
لم يعد في هذا الوطن من لم يزل تخدعه ( المظاهر ) , أو تبهره الألوان إلاّ اولئك الّذين يعيشون ويموتون داخل أسوارهم ,أو جمحت بهم الدّنيا إلى واد سحيق ... لم يعد للأسماء بريق , ولم يعد للضّاربين في الرّمل من يصدّقهم , ولم يعد للمستشيخين والمتكبّرين ممّن يتحرّكون في كلّ الإتجاهات من يتبعهم , ولم يعد أيضا لأولئك الّذين ( يتاجرون ) بالوطنيّة من يقبل على تجارتهم ... كل شيء أصبح تحت الشّمس , وكلّ ( خبيئة ) تكشّفت أقطابها ... ! .
لن تنطلي علينا أكاذيبكم , ولن تبدّل أقوالكم أفعالكم , ولن ( تقلب ) شعاراتكم مبادئكم , فالوطنيّة الحقّة ليست في قواميسكم ... من يعشق الوطن لا يدنّسه بيديه وأهوائه ... من يهوى هذا الوطن لا يتغوّل في أحضانه , ولا يتعدّى على حرماته أو يستبيح جبروته ... لستم أنتم من يهواه أو من يعشقه ... ولستم أنتم الّذين يحقّ لهم أن يستظلّوا في أفياء هذا الوطن .
ترى هل سيتجنّب الأشقياء في يوم ما العبور فوق ( عتبات ) العقاب , والإبحار في عباب بحر لا يرحم , أم أنّهم سيظلّون غارقين في أنفسهم , يطلقون ( أشعارهم ) ويتوهّمون أنّ الوطنيّة تباع وتشترى على أرصفة الشّوارع ؟ .
adnan_rawashdh@yahoo.com