أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
الأردن .. نجل منفذ عملية الكرامة القيسي يعلن استعادة جثمان والده الخميس .. طقس بارد نسبيًا واستقرار نسبي على درجات الحرارة 8.5 مليون إشتراك خلوي في الأردن ’زاد الاردن’ تهنيء بعيد الميلاد المجيد إعلام عبري: إسرائيل ستعيد جثمان منفذ عملية معبر الكرامة خلال ساعات مستشفى الجامعة الأردنية: وقعنا مع رئاسة الوزراء مخالصة مالية بخصوص الديون المترتبة للمستشفى إحالة 16 شخصا أثاروا النعرات الدينية والطائفية لمحافظ العاصمة كشف تفاصيل الضربات الجوية على أوكار المخدرات جنوبي سوريا نيويورك تايمز: جلادّو الأسد بطشوا بسوريا واليوم يعيشون في رغد متخفّين ويتهرّبون من العدالة وزير الصحة يقوم بزيارة ليلية مفاجئة لطوارئ مستشفى السلط الفراية من بيت لحم: مواقف الأردن ثابتة في دعم الشعب الفلسطيني القوات المسلحة تُحّيد عدد من تجار الأسلحة والمخدرات على الواجهة الحدودية الشمالية للمملكة وليد المصري ينجح في حشد مذكرة عليها تواقيع 80 نائب لتخفيض مخالفات السير (صور) “حماس” تنشر روايتها الثانية حول معركة “طوفان الأقصى” ما حقيقة بيع المتر المكعب من مياه الناقل الوطني بثلاثة دنانير؟ اتفاق جديد في مياه اليرموك لتعزيز حقوق العاملين ورفع المزايا الملكة تهنئ بعيد الميلاد المجيد .. "تملأ أنواره حياتكم بالطمأنينية والسلام" مقتل ثلاثة أشخاص في الساحل السوري خلال اشتباكات مع قوات الأمن ولي العهد: من أرض السلام نتمنى لكم أعياداً مليئة بالمحبة والطمأنية وزيرا الشباب والبيئة يبحثان خطة استراتيجية النظافة الوطنية
الصفحة الرئيسية عربي و دولي نيويورك تايمز: جلادّو الأسد بطشوا بسوريا واليوم...

نيويورك تايمز: جلادّو الأسد بطشوا بسوريا واليوم يعيشون في رغد متخفّين ويتهرّبون من العدالة

نيويورك تايمز: جلادّو الأسد بطشوا بسوريا واليوم يعيشون في رغد متخفّين ويتهرّبون من العدالة

24-12-2025 10:32 PM

زاد الاردن الاخباري -

يُظهر تحقيق لصحيفة “نيويورك تايمز” حول أماكن وجود كبار المسؤولين السوريين الذين فرّوا بعد سقوط النظام أن كثيرين منهم ما زالوا أحرارًا، تحميهم الثروة ودولٌ مضيفة متساهلة.

توفّر الشقق السكنية التابعة لفندق “فور سيزونز” في موسكو غرف جلوس تزيّنها ثريات كريستالية، وإطلالات على الكرملين، وإمكانية الوصول إلى خدمة “كونسيرج” جاهزة لحجز أي شيء، من عروض باليه البولشوي الافتتاحية إلى رحلات بطائرات خاصة.

وتُسوَّق هذه المساكن، التي تصل كلفة الإقامة فيها إلى 13 ألف دولار أسبوعيًا، على أنها “مثالية للتجمعات العائلية وحفلات الكوكتيل والفعاليات التجارية”.
أو ربما، في حالة بعض مجرمي الحرب الأكثر طلبًا في العالم، تصلح لتكون بدايةً من فئة الخمس نجوم لحياة المنفى.

لعقود، قام الرئيس السوري بشار الأسد وحلفاؤه بتعذيب مئات الآلاف من الناس وإخفائهم قسرًا. وبقوة سلاح الجو الروسي، خاضوا حربًا استمرت 13 عامًا لقمع انتفاضة شعبية.

كثير من أعوان الأسد دفعوا رشى للصعود إلى طائرات شحن مكتظة متجهة إلى موسكو، ثم جرى إسكانهم في مساكن عسكرية، وكان من بينهم جميل حسن

لكن في ديسمبر/كانون الأول 2024، دفع هجوم خاطف شنّته فصائل المعارضة بالسيد الأسد ودائرته الضيقة إلى الفرار نحو روسيا، حيث أعادوا تجميع صفوفهم في واحد من أفخم العناوين في موسكو. ووفقًا لشهود ومعارف كانوا على صلة بمن حضروا تلك الأيام، أرادت السلطات الروسية وجودهم جميعًا في مكان واحد لغايات المراقبة الأمنية.

شوهد ماهر الأسد، البالغ 58 عامًا، شقيق بشار ورئيس قوات الصدمة المرعبة منذ زمن- الفرقة الرابعة المدرعة- في صالة الألعاب الرياضية بالفندق، وهو يهمهم بكلمات عن “العار”، بحسب مسؤول سابق. أما آخرون فكانوا يتأملون مستقبلهم فوق موائد إفطار فاخرة، كما روى ثلاثة من أفراد “مرافقي الفندق” المرتبطين بدائرة النظام.

وقد تمكن تحقيق أجرته “نيويورك تايمز” من تحديد أماكن وجود عدد كبير من كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين المرتبطين بأكثر الفصول دموية في تاريخ سوريا الحديث، بمن فيهم علماء طوّروا أسلحة كيميائية، ورؤساء أجهزة استخبارات متهمون بالتعذيب، وكشف تفاصيل جديدة عن ظروفهم الحالية وبعض نشاطاتهم الأخيرة.

سعت الصحيفة إلى فهم مصير 55 من قادة النظام السابق الذين اختفوا حين سقط الأسد من السلطة، وخلصت إلى أن كثيرين منهم يعيشون عامًا أول في المنفى بين حياة مرفهة أو اختفاءٍ حذر، وأن الغالبية الساحقة منهم تبدو وقد أفلتت من العدالة.

كانت هناك حفلات عيد ميلاد باذخة لبنات الأخوين الأسد في فيلا بموسكو وعلى متن يخت في دبي، وفقًا لأقارب وأصدقاء ومنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.
ويقول شخصان مقربان من علي مملوك، رئيس جهاز مخابرات سابق كان في قمة الهرم الأمني، البالغ 79 عامًا، إنه يعيش في شقة بموسكو على نفقة روسيا ويتجنب الظهور، رافضًا استقبال معظم الزوار.
أما غسان بلال، البالغ 59 عامًا، والذي يُعد أحد “أقطاب” إمبراطورية المخدرات التابعة للنظام، فهو موجود في موسكو أيضًا، لكنه، بحسب ثلاثة ضباط سابقين، يدعم نمط حياة مريحًا لعائلته في الخارج، من إسبانيا إلى دبي.

غير أن كثيرًا من أعوان الأسد حظوا ببداية أقل رفاهًا. فقد دفعوا رشى للصعود إلى طائرات شحن مكتظة متجهة إلى موسكو، ثم جرى إسكانهم في مساكن عسكرية. وكان من بينهم جميل حسن، البالغ 73 عامًا، المدير السابق لاستخبارات القوات الجوية والمتهم بقيادة منظومة منهجية لتعذيب السجناء وإعدامهم، بحسب ثلاثة أشخاص قالوا إنهم التقوه منذ ذلك الحين.

وبينما توزع بعضهم خارج روسيا إلى الإمارات العربية المتحدة ولبنان، لم يغادر آخرون سوريا أصلًا وبقوا فيها متخفّين.

وفي المقابل، تُرك ضحايا أكثر من خمسة عقود من حكم عائلة الأسد يتساءلون: أين ذهب الأشخاص الذين يقفون خلف بعض أسوأ الفظائع في هذا القرن؟ وهل سيواجهون العدالة يومًا؟

كان الرجال الـ55 الذين تناولهم تحقيق الصحيفة يتمتعون بقوة هائلة، لكن حضورهم العلني كان محدودًا. وكانت لديهم عقود لإتقان فن إخفاء الهوية عبر أسماء مستعارة وجوازات سفر “مُشتراة”. وجميعهم خاضعون لعقوبات دولية؛ ويواجه بعضهم مذكرات توقيف دولية.

ولسدّ فراغات كثيرة حول مصائرهم، فتّشنا في فيلات مهجورة كان يستخدمها النظام، ونقبنا الإنترنت المفتوح، وتشاورنا مع ناشطين ومحامين سوريين يلاحقون جلادي الأمس. وأجرينا مقابلات مع جهات إنفاذ قانون دولية ومع مسؤولين سابقين في النظام. وفي بعض الحالات، واجهنا هؤلاء وجهًا لوجه.

تمكّن عملنا الصحافي من تحديد أماكن وجود نصف هؤلاء “المنفذين” تقريبًا. ولم نجد سوى شخص واحد بدا أنه محتجز. أما الآخرون، فقد اختفوا تمامًا أو تركوا أثرًا ضئيلًا.

وكان كل من قابلناهم تقريبًا يتحدثون بشرط عدم الكشف عن هوياتهم، لأنهم منخرطون في جهود سرية لملاحقة العدالة أو يخشون الانتقام- سواء من رموز النظام السابق أو من ضحايا جرائمهم.

يقول المحامون والناشطون الذين يسعون لتعقب مرتكبي جرائم حقبة الأسد ومحاسبتهم إنهم يصطدمون بغياب الإرادة السياسية. فالحكومة السورية الجديدة تركز على تثبيت السيطرة على البلاد. وبعض الحكومات الأجنبية- بحسبهم- تتردد في تسليم حلفاء قدامى، أو تفضّل استخدام الفارين كمصادر استخباراتية.

موجات تسوق ومساكن سوفيتية
بالنسبة لبعض أفراد نخبة النظام، بدت الأشهر الأولى في موسكو وكأنها نوع من “سياحة المنفى”.

ظهر جمال يونس، 63 عامًا، والمتهم بإصدار أوامر مباشرة بإطلاق النار على متظاهرين غير مسلحين، في فيديو نُشر على الإنترنت وهو يقود سكوترًا حول الملعب الوطني الروسي. وقد أكد معارف من بلدته صحة الفيديو.

وشوهد وزير الدفاع السابق علي عباس، 64 عامًا، ورئيس الأركان السابق عبد الكريم إبراهيم، 62 عامًا- وكلاهما متهم بالتعذيب والعنف الجنسي خلال الانتفاضة السورية- يتجولان في مركز “إيوروبين مول” الأوروبي اللامع ذي الطوابق الثمانية في موسكو، بحسب أحد المعارف القدامى.

أما كفاح ملحم، 64 عامًا، فبحسب شخصين على تواصل معه، يعيش في فيلا كبيرة في موسكو مع صهره غسان إسماعيل، 65 عامًا. ويُتهم الجنرالان السابقان في الاستخبارات بالإشراف على تعذيب المتظاهرين واحتجازهم.

الغالبية الساحقة من أعوان الأسد أفلتوا من العدالة، ويعيشون بين منفى مرفّه أو اختفاء حذر، بينما يواصل الضحايا التساؤل ما إذا كان هؤلاء سيحاسَبون يومًا ما

وكان ملحم واحدًا من القلة التي استطاعت الصحيفة التواصل معها للحصول على تعليق. وقد أرسل ردًا مطولًا ينفي فيه اتهامات بجرائم ضد الإنسانية. وزعم أن أي تجاوزات ارتكبها نظام الأسد “تتضاءل” مقارنة بجرائم ارتكبها قادة سوريا الجدد، الذين قادوا سابقًا جماعةً مرتبطة بـ “القاعدة”، قبل أن يسلكوا مسارًا أكثر اعتدالًا.

وكتب:”هذا ليس بهدف التغطية على جرائم النظام السابق أو انتهاكاته، اذكروا هذه الجرائم بصدق وعدالة، ولكن هل تعتقدون حقًا أن النظام السابق يمكن مقارنته بالقاعدة؟”. وأضاف أن الحالات الموثقة للتعذيب والإعدام الجماعي في سجون مثل صيدنايا “مفبركة”.

وعندما سُئل عن حياته في روسيا، قال ملحم فقط: “نعيش كمواطنين عاديين”.

وبالنسبة لأشخاص اعتادوا الامتياز والسلطة طويلًا، لم يخلُ المنفى الروسي من الإهانات.

فالمسؤولون الذين اعتادوا إسكات خصومهم بوحشية أصبحوا هم أنفسهم من يجري تكميمهم. فقد طالبت روسيا بحظر صارم على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أو التحدث علنًا، بحسب عدة مسؤولين سابقين وأقاربهم. كما تقيد البروتوكولات الأمنية حركة كثير من كبار المسؤولين بشدة، وفقًا لهم.

ولم ترد السلطات الروسية على أسئلة الصحيفة بشأن وجود مسؤولين من عهد الأسد على أراضيها.

واقعٌ أكثر إذلالًا بدأ بالنسبة لأكثر من 1,200 ضابط سوري عندما هرعوا، وأحيانًا دفعوا رشى، للصعود إلى طائرات “إليوشن” المتجهة إلى موسكو من قاعدة روسية على الساحل السوري. وعند وصولهم، قال من تحدثوا إليهم إن الضباط ملأوا طلبات لجوء مؤقت، ما جعل كثيرين يشعرون بأن وضعهم في روسيا هشّ.

لم ينل هؤلاء الضباط معاملة “فور سيزونز”، فقد جرى إرسالهم إلى منشآت تعود إلى الحقبة السوفيتية، غالبًا على هيئة سكن شبيه بالمهاجع: ثلاثة إلى أربعة أشخاص في الغرفة الواحدة، وفقًا لأربعة ضباط سابقين. وكانوا يتذمرون من الطعام الروسي ومواعيد الوجبات الصارمة.

وبينما جمعهم المكان قسرًا، كانوا أحيانًا يسوّون حسابات قديمة.

في حادثة حظيت بحديث واسع داخل إحدى تلك المساكن في موسكو، ضرب بعض الضباط الغاضبين وبصقوا على آصف الدكر، 60 عامًا، قائد الشرطة العسكرية المتهم بالإشراف على تعذيب السجناء، والمتهم كذلك من كثير من مرؤوسيه بابتزازهم. وقد روى القصة الضباط الأربعة، وأكدها أيضًا مساعد ما زال على تواصل مع الدكر.

وبعد أسابيع في المنفى، قال عدة أشخاص على صلة بالضباط إنهم عُرض عليهم خياران:
إما الخروج والعيش بحرية بأموالهم الخاصة، أو البقاء على إعانات الدولة مع توزيعهم في أنحاء روسيا. وقيل إن بعض من اختاروا الخيار الثاني انتهى بهم المطاف في مناطق بعيدة تصل إلى سيبيريا.

وقال نظراء من رموز النظام إن كثيرًا من كبار القادة تمكنوا من تأمين شققهم الخاصة، وغالبًا كانت فاخرة.

أحد الذين لم يتمكنوا في البداية كان أوس أصلان، 67 عامًا، وهو لواء يُشتبه في إشرافه على عمليات قتل جماعي وقمع عنيف ضد المدنيين. نُقل إلى قازان، على بعد نحو 450 ميلًا شرق موسكو، بحسب ثلاثة أصدقاء وضابط زميل قالوا إنه أخبرهم بأنه لا يملك مدخرات يعتمد عليها.

لكن الحياة المذلة المعروضة عليه دفعته، وفقًا لهم، إلى تغيير موقفه سريعًا. وبعد أشهر، ظهر مجددًا في شقة بموسكو تُقدَّر قيمتها بملايين الدولارات.

وقال أحد أصدقائه في دمشق مازحًا: “حاول أن يتظاهر بأنه فقير… لكنه لم يستطع الاستمرار. الآن يعيش أفضل أيامه.”

إنفاق دول الخليج
قال عدة أشخاص من داخل النظام إن الإمارات العربية المتحدة كانت ملاذهم المفضل، بسبب اللغة العربية المشتركة والطقس الدافئ ونمط الحياة الراقي.

وكان كثير من كبار المسؤولين السوريين على علاقات جيدة مع القيادة الإماراتية ذات الطابع السلطوي، والتي أبدت استعدادًا لاستضافة بعضهم، ولكن بشروط.

فقد ألزمت السلطات الإماراتية قادة سوريين فارّين بتوقيع تعهد بعدم الإدلاء بأي تصريحات سياسية، وأبلغتهم أيضًا بعدم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أو لفت الأنظار إلى أنفسهم، بحسب مسؤولين سوريين سابقين قبلا بتلك الشروط.

ولم ترد السلطات الإماراتية على أسئلة الصحيفة بشأن وجود مسؤولين من عهد الأسد في البلاد.

علي مملوك يعيش في شقة بموسكو على نفقة روسيا ويتجنب الظهور، رافضاً استقبال معظم الزوار

ومن بين من تعقبهم التحقيق إلى الإمارات محمد الرحمون، 68 عامًا، وزير داخلية سابق ورئيس سابق لاستخبارات القوات الجوية، متهم بالإشراف على اعتقالات جماعية وعمليات قتل خارج نطاق القضاء.

تحدثنا إلى ثلاثة أشخاص قالوا إنهم التقوا الرحمون في الإمارات. وبعد سقوط النظام بفترة قصيرة، أظهرت حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي، تحققت الصحيفة من صحتها، أن ابنته تبيع مجوهرات، وأن ابنه بدأ مشروع ورشة لإصلاح السيارات الفاخرة في دبي.

ويعيش في الإمارات أيضًا رجال أعمال بارزون شاركوا في إدارة ثروة عائلة الأسد، ويتردّدون على مطاعم ومقاهٍ فاخرة، وفقًا لعدد من رجال الأعمال السوريين ومسؤولين سابقين.

لكن، بحسب الأشخاص أنفسهم، طلب مسؤولون إماراتيون من كبار القادة الحكوميين والعسكريين ألا يقيموا في البلاد، رغم أنهم ظلوا قادرين على الاستثمار فيها.

إحدى هذه الحالات هي الجنرال السابق غسان بلال، بحسب ضابطين زميلين وصديق للعائلة. وتتّهمه عقوبات أمريكية وأوروبية بتسهيل تهريب الكبتاغون، وهو أمفيتامين شديد الإدمان قُدّرت عائداته للنظام بأكثر من 5 مليارات دولار.

في دمشق، زارت الصحيفة عقارين ضخمين قال جيران إنهما يعودان لبلال، أحدهما يضم مسابح وحمّامًا تركيًا وسينما خارجية وصورًا عائلية على الجدران.

وفي أغسطس/آب، أصدرت فرنسا مذكرة توقيف بحق بلال، متهمةً إياه وستة مسؤولين آخرين بإصدار أوامر لاستهداف المدنيين خلال حصار وحشي لمدينة حمص عام 2012. كما اتهمهم محققون بتدبير تفجير عام 2012 الذي أسفر عن مقتل المصور الفرنسي ريمي أوشليك والمراسلة الحربية الأمريكية ماري كولفن.

ومع ذلك، قال ضابطان زميلان إن الجنرال السابق استثمر في عقارات إماراتية منذ سقوط النظام، بما في ذلك شراء فيلاتين في “النخلة”- أرخبيل اصطناعي تتناثر فيه الفنادق والمساكن الفارهة.

وتعيش زوجته وأبناؤه جزءًا من العام في إسبانيا، حيث تملك العائلة عقارًا، بحسب الضابطين وصديقين للعائلة. وقال هؤلاء إن العائلة حافظت على هذا النمط لسنوات. وتدرس ابنة بلال في جامعة خاصة شمال مدريد، وفقًا لأصدقاء العائلة، ويبدو أنها تنشر عن دراستها على حساب تواصل اجتماعي، وقد شاهدها صحافي من “التايمز” أثناء زيارته للحرم الجامعي.

ورفضت وزارة الخارجية الإسبانية التعليق، قائلة إنها “لا تستطيع تقديم بيانات عن أفراد بعينهم”.

جنرال آخر، ياسين ضاحي، 64 عامًا، واجه مشكلات صحية ومالية في دبي، بحسب إحدى بناته.

كان ضاحي قد تقاعد قبل سقوط النظام، لكنه كان يرأس الفرع 235 في إدارة المخابرات العسكرية بدمشق، وهو المعروف بين السوريين باسم “فرع فلسطين”، سيّئ السمعة بالتعذيب المنهجي والإخفاء القسري.

انتظر ضاحي يومين رحلة إجلاء روسية، لكن، وهو يعاني من مرض قلبي ويخشى على سلامته، قرر بدلًا من ذلك الالتحاق بعائلته في دبي بتأشيرة سياحية انتهت صلاحيتها الآن، وفق ما أخبرت ابنته.

وقالت إنه، خوفًا من الترحيل، لم يعد قادرًا على طلب العلاج في أي مستشفى، وهو “قريب من نفاد المال”.

وأضافت أنه يخشى العودة إلى سوريا، جزئيًا لأن صهره، وهو مهندس في القصر الجمهوري، قُتل فيما يبدو بعمل “عدالة شعبية” انتقامية.

مطاردة الأشباح
هناك فئة أخرى من مسؤولي النظام السابق: أولئك الذين لم يفرّوا. بعضهم مختبئ. واحد على الأقل في الحجز. وآخرون “مختبئون على مرأى”.
أحد الجنرالات الذين بقوا في سوريا هو عصام حلاق، الذي أشرف على سلاح الجو السوري من 2010 حتى أكتوبر/تشرين الأول 2012، وهي الفترة التي بدأ فيها نظام الأسد استخدام الغارات الجوية ضد شعبه لقمع الثورة.

بعد سقوط النظام، شكّل حلاق وعدة ضباط متقاعدين لجنة للمحاربين القدامى وسعوا للعمل مع قادة سوريا الجدد. وعرضوا خبراتهم التقنية في صيانة الدبابات والطائرات على وزارة الدفاع الناشئة، بحسب ثلاثة ضباط زملاء.

لكن هذا التعاون لم يدم. وبعد أشهر، قال الضباط إن الحكومة الجديدة قررت التعامل فقط مع الضباط الذين تقاعدوا قبل بدء الانتفاضة الشعبية عام 2011، وأن توفر معاشات لهم.

وقالوا إن حلاق أصبح الآن معدمًا، ويتجنب الظهور في شقته بدمشق خوفًا من اعتقاله. ورفض عبر وسيط أن يُجرى معه حوار.

ومن بين الـ 55 شخصية التي حققنا فيها، اكتشفنا واحدًا فقط بدا أنه محتجز: طاهر خليل، 70 عامًا، الذي كان رئيس مديرية المدفعية والصواريخ، وأشرف- وفق الاتحاد الأوروبي- على استخدام الأسلحة الكيميائية وغيرها من الضربات ضد مناطق مدنية.

لسنوات كان خليل “شبحًا”؛ إذ كانت صورته وتفاصيل سيرته شبه مجهولة للعامة. لكننا عثرنا على صورته وتاريخ ميلاده وبلدته في ملفات موظفين حكومية.

قادنا ذلك إلى صافيتا، مسقط رأسه، على بعد نحو 90 ميلًا شمال غرب دمشق. وهناك قال مسؤول أمن محلي، قدّم نفسه فقط باسمه الحركي، إن خليل اعتُقل في فبراير/شباط بعد أن حاول بدايةً الإفلات من الانتباه عبر تقديم نفسه كمتقاعد مسالم.

شارك المسؤول صورة لخليل وهو محتجز وتفاصيل داعمة أخرى، وقال إنه محتجز في دمشق.

ولم تعلن الحكومة السورية رسميًا عن اعتقال خليل، وهو ما قد يشير إلى أنها ما تزال تتصارع مع كيفية التعامل مع مثل هذه الحالات.

قال ناشطون ومحامون يتعقبون رموز النظام السابق إن جهودهم تصطدم بغياب الإرادة السياسية، إذ تتردد بعض الحكومات الأجنبية في تسليمهم وتفضّل استخدامهم كمصادر استخباراتية

“ضمير مرتاح”
في قلب حي دمشقي تاريخي، وتحت عناقيد كروم مزهرة، يقبع مبنى حجري أنيق يعرفه كثير من السوريين، فقد كان خلفيةً في مسلسل تلفزيوني شعبي حديث.

لكن قلة تعرف أنه أيضًا منزل عمرو الأرمنازي، 81 عامًا، المدير السابق لمركز الأبحاث الذي طوّر برنامج الأسلحة الكيميائية السوري. تقاعد في 2021، وبدا أنه يعيش براحة.

فتح الباب مرتديًا رداء حمّام، ودعا صحافيًا من “التايمز” إلى شقة أرضيتها من الرخام ومغطاة بسجاد شرقي، مستعدًا للحديث عن كل شيء، من سيرته الشخصية إلى تاريخ سوريا، إلا العمل الذي دفع 33 دولة إلى منعه من الدخول.

وبحسب العقوبات الأمريكية والأوروبية والبريطانية، لعب الأرمنازي دورًا رئيسيًا في إنتاج أسلحة كيميائية استُخدمت ضد مدنيين سوريين.

ووفقًا لمحققين اثنين في الأمم المتحدة قيل لهما ذلك، خضع الأرمنازي لاستجواب لدى الوكالة الأممية المعنية بإنفاذ الحظر الدولي على الأسلحة الكيميائية. لكنهما قالا إنه لم يُستجوب بشأن جرائم حرب محتملة.

ولا يُعرف ما إذا كانت السلطات السورية قد استجوبت الأرمنازي. وقد انضم إلى مجلس أمناء جامعة سورية في يوليو/تموز، بحسب منشور للجامعة على فيسبوك.

ويُعد الأرمنازي واحدًا من عدة حالات لمسؤولين بارزين من حقبة الأسد يبدو أنهم أحرار داخل سوريا، دون توضيح رسمي ما إذا كانوا قد بُرِّئوا أو عقدوا صفقات تعاون مقابل تساهل.

قالت وزارة الإعلام السورية إن الحكومة لم تمنح حصانة لرموز النظام السابق. لكنها لم ترد على طلبات متعددة لمزيد من المعلومات عن وضع شخصيات رفيعة، أو عن التحقيقات في جرائمهم.

وقال مسؤولان سوريان، طلبا عدم الكشف عن اسميهما لأنهما غير مخولين بالتحدث علنًا باسم الحكومة، إن أولوية الحكومة هي محاسبة من أمروا بالهجمات أو نفذوها، وليس العلماء الذين “مكّنوا” وقوعها.

لكن الأرمنازي “كان أكثر بكثير من مجرد موظف بيروقراطي”، يقول نضال شيخاني، مدير “مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سوريا” وكذلك منظمة “Same Justice” المعنية بأبحاث انتهاكات حقوق الإنسان. وأضاف أن الأرمنازي كان “المهندس الأكبر” للمركز، “لطموحاته العلمية وإرثه الأكثر ظلمة”.

وخلال زيارتين لمنزله، رفض الرجل، البالغ 81 عامًا، مرارًا الحديث عن ماضيه. لكنه أصرّ على نقطة قالها تقريبًا كل مسؤول سابق وصلنا إليه. قال إن ضميره مرتاح.








تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع