آثار سلبية محتملة على سوق العمل بعد وقف إعفاءات السوريين
فريق مكافحة الإرهاب المائي يحصد لقب “المحارب المائي” في ختام منافسات الكتيبة الخاصة/71
عشيرة أبو سنيمة تنشر صور أبنائها الذين قتلوا أبو شباب - بيان
(خضرجي) يقتل أجيره في الأزرق .. جريمة مروعة وقعت صباح اليوم - تفاصيل
تعديل المرحلة الثانية من خطة ترمب .. هل ينقذ وقف النار بغزة؟
البكار : 6 آلاف عاملة هربت من منازل الأردنيين
الأردن .. القضاة: 284 ألف زائر لمهرجان الزيتون الوطني حتى الخميس
يديعوت: مقتل ياسر أبو شباب بضرب مبرح من عناصر داخل عصابته
الاستراتيجيات الأردني يصدر تقريراً عن فرص الاستثمار في الاقتصادات الآسيوية
زعيم الطائفة الدرزية في (إسرائيل) ينتقد حماية ترمب للشرع
النشامى يترقبون قرعة كأس العالم 2026 في أول مشاركة تاريخية للمونديال
قصف إسرائيلي على ريفي درعا والقنيطرة في سورية
نقيب المقاولين: طرح الثقة بمجلس النقابة "غير قانوني" في اجتماع السبت
هيئة النزاهة: استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد
الرئيس اللبناني: هدف المحادثات مع إسرائيل تجنب شبح حرب ثانية
أسعار الغاز الطبيعي تصل إلى أعلى مستوياتها في ثلاث سنوات
من السجن إلى الملعب .. لاعب برازيلي يخوض النهائي بسوار المراقبة
ميدالية برونزية لمنتخب التايكواندو في بطولة العالم تحت 21 عاما
الأرصاد العالمية: 2024 العام الأكثر حرارة في الوطن العربي
زاد الاردن الاخباري -
تصدّرت قضية "مياه تنورين" العناوين في لبنان بعدما أعلنت وزارة الصحة اكتشاف بكتيريا مضرّة في بعض عبواتها.
ما بدا في البداية إجراءً وقائياً روتينياً تحوّل خلال ساعات إلى أزمة وطنية، هزّت ثقة اللبنانيين بأشهر علامة مياه في البلاد.
وفيما نفت الشركة الاتهامات ودافعت عن جودة منتجها، اتّسع الجدل ليطال أداء الأجهزة الرقابية نفسها، وسط أسئلة عن سلامة المياه التي يشربها الناس يومياً.
كيف بدأت القصة؟
مساء 13 تشرين الأول/أكتوبر 2025، أصدرت وزارة الصحة اللبنانية قراراً مفاجئاً يقضي بوقف عمل شركة "ينابيع مياه تنورين" مؤقتاً وسحب منتجاتها من الأسواق. القرار وقّعه وزير الزراعة نزار هاني بصفته وزيراً للصحة بالوكالة، بسبب وجود الوزير الأصيل ركان ناصر الدين خارج البلاد في زيارة رسمية.
وأوضح البيان الوزاري أن الخطوة جاءت بعد صدور نتائج فحوصات مخبرية أظهرت وجود بكتيريا تعرف باسم "الزائفة الزنجارية" في بعض العبوات. واعتبرت الوزارة أن هذه البكتيريا تشكل خطراً، إذ قد تسبب التهابات في الجهاز التنفسي أو البولي لدى الأطفال وكبار السن ومرضى نقص المناعة.
وأكدت الوزارة أن القرار اتّخذ حرصاً على سلامة المستهلكين، وأنه يشمل منع توزيع أي منتجات جديدة حتى استكمال الإجراءات اللازمة، مع إلزام الشركة بسحب جميع عبواتها من الأسواق خلال 72 ساعة تحت طائلة الملاحقة القانونية.
وسرعان ما انتشر الخبر على نطاق واسع، فأثار صدمة بين اللبنانيين الذين يعتمد كثير منهم على المياه المعدنية المعبّأة كمصدر رئيسي للشرب في المنازل والمطاعم، وتعدّ "مياه تنورين" واحدة من أكثر السلع استهلاكاً بين المواطنين. وتحوّلت مواقع التواصل إلى ساحة قلق وتساؤلات، فيما باشرت بعض البلديات سحب العبوات فوراً، وأعلن محافظ بيروت أنه وجّه فرق الرقابة إلى تنفيذ القرار بالتنسيق مع وزارتي الصحة والاقتصاد.
عادت وزارة الصحة في اليوم التالي ببيان توضيحي بعد تصاعد الجدل، أكدت فيه أن قرار وقف العمل بشركة "ينابيع مياه تنورين" قانوني بالكامل، لأن الوزير بالوكالة يملك صلاحية التوقيع أثناء غياب الوزير الأصيل، نافيةً ما تردّد عن "تزوير في التوقيع أو صلاحية منقوصة".
وجاء في البيان أن الوزارة "تتابع بمسؤولية فحص عينات إضافية من مياه تنورين في مختبرات مختلفة، وهي بانتظار النتائج النهائية ليبنى على الشيء مقتضاه"، موضحة أن التحقيق العلمي لا يزال جارياً لتحديد ما إذا كان التلوث محصوراً بدفعات محددة أم أوسع من ذلك.
كما أعلنت الوزارة أنها بدأت أخذ عينات من معظم شركات تعبئة المياه الأخرى المتداولة في الأسواق، للتأكد من مطابقتها للمواصفات الصحية، مشيرة إلى أن الهدف "ليس استهداف شركة بعينها، بل حماية المستهلك اللبناني وضمان سلامة المياه المعبّأة في البلاد".
وفي ختام البيان، أكدت الوزارة أنها سترفع الإجراء فوراً عن شركة "تنورين" إذا تبيّن أنها اتخذت كل الخطوات الضرورية لضمان جودة منتجاتها وسلامتها. وصرّح الوزير نزار هاني بأن الأزمة "غير مستعصية ويمكن معالجتها"، مضيفاً أن الهدف من القرار "وقائي وتنظيمي، لا عقابي".
كيف ردّت الشركة؟
أصدرت شركة "ينابيع مياه تنورين ش.م.ل." بياناً في الليلة نفسها نفت فيه بشكل قاطع وجود أي تلوث في منتجاتها، مؤكدة أنها لم تتبلغ رسمياً بنتائج الفحوصات، وأنها علمت بالقرار عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. وعبّرت الشركة عن "استغرابها من الطريقة التي أُعلن بها القرار قبل إبلاغها رسمياً أو منحها فرصة الردّ الفني".
وأوضحت الشركة أن نتائج فحوصاتها الداخلية الأخيرة أظهرت مطابقة منتجاتها بالكامل للمواصفات اللبنانية والدولية، مشيرة إلى أن مختبرات "معهد البحوث الصناعية" كانت قد أصدرت قبل أسبوع من الأزمة تقريراً يؤكد خلوّ مياهها من أي تلوث جرثومي، بما في ذلك بكتيريا "الزائفة الزنجارية" التي أشارت إليها وزارة الصحة.
وعقدت الشركة مؤتمراً صحافياً في 14 تشرين الأول/أكتوبر في مقرها لشرح ملابسات القضية، ووضع الرأي العام أمام التفاصيل الكاملة حول جودة مياهها، مؤكدة "ثقتها بوعي اللبنانيين وحرصها على الشفافية في التعامل مع أي التباس".
وخلال المؤتمر، قالت إدارة الشركة إن "قرار وزارة الصحة جاء متسرعاً في الإعلان، وكان يفترض التواصل مع الشركة بشكل رسمي قبل نشره"، معتبرة أن ما جرى "قد يكون ناتجاً عن خطأ في إجراءات فريق الترصد الوبائي التابع للوزارة أو في طريقة أخذ العينات".
ما المؤكد حتى الآن؟
بين بيان وزارة الصحة وردّ شركة "تنورين"، يعيش اللبنانيون حالة من الالتباس بين القلق والثقة. تؤكد الوزارة أن العينات التي خضعت للفحص أظهرت فعلاً وجود تلوث في بعض الدفعات، وأنها تواصل التحقق من نطاق المشكلة، فيما تصرّ الشركة على أنها تمتلك نتائج علمية معاكسة صادرة عن مختبر رسمي لبناني تؤكد سلامة مياهها وخلوّها من أي بكتيريا.
بلدية تنورين، وهي بلدة جبلية في جرود البترون شمالي لبنان، طالبت رسمياً بإعادة الفحوص المخبرية للتأكد من النتائج، مشددة على أنها "لن تتهاون إذا تبيّن وجود خطر على صحة الناس، لكنها في الوقت نفسه ترفض المساس بسمعة المنتج الوطني من دون دليل قاطع".
وفي موازاة ذلك، وسّعت وزارة الصحة نطاق الرقابة ليشمل جميع شركات تعبئة المياه في لبنان، ما جعل القضية تتجاوز "تنورين" لتتحول إلى اختبار شامل لمنظومة سلامة المياه المعبّأة في البلاد.
ويشير خبراء الصحة إلى أن البكتيريا المكتشفة قد تكون خطرة على فئات محددة، مثل الأطفال وكبار السن ومرضى نقص المناعة، لكن وجودها في بعض العبوات لا يعني بالضرورة انتشار عدوى جماعية، خصوصاً مع اتخاذ إجراءات سريعة لعزل الدفعات الملوثة.
ما دلالات الأزمة؟
تتجاوز أزمة "مياه تنورين" حدود الجدل التقني حول جودة منتج واحد، لتتحول إلى قضية تمسّ الثقة في واحدة من أكثر السلع استهلاكاً في لبنان.
في بلد يعاني منذ سنوات من ضعف البنية التحتية للمياه العامة، يعتمد معظم السكان على المياه المعبّأة كمصدر رئيسي للشرب. وتُعدّ "تنورين" من أبرز العلامات التجارية وأكثرها حضوراً في الأسواق، وغالباً ما يُوصى بها في المستشفيات والعيادات لاعتدال تركيبتها المعدنية. لذلك، فإن أي شبهة تلوث، حتى لو كانت محدودة، كفيلة بإثارة قلق واسع بين اللبنانيين.
القضية كشفت أيضاً حاجة ملحّة إلى نظام رقابة فعّال وشفاف يضمن سلامة المياه، ويضبط العلاقة بين الشركات والجهات الرقابية الرسمية. فلو توفرت آليات أكثر دقة في الفحص والتنسيق، لما تحوّل خلاف علمي إلى أزمة رأي عام بهذا الحجم.
ومع انتظار نتائج الفحوص الجديدة، يبقى اللبنانيون بين احتمالين: أن تكون الأزمة مجرّد التباس تقني سرعان ما يُطوى، أو أن تشكّل جرس إنذار حقيقياً يعيد فتح النقاش حول سلامة قطاع المياه المعبّأة في لبنان وضرورة إصلاحه من الأساس.