سائحة تنجو بأعجوبة في مصر
أحكام بالسجن لأعضاء عصابة إجرامية في السلفادور
الجامعة الأردنية الرابعة عربيا والأولى محليا في تصنيف الجامعات العربية 2025
الأميرة دينا مرعد تزور مستشفى الجامعة وتطّلع على أوضاع أطفال غزة
بدء الاجتماع الأول للجنة الفنية للشباب والسلم والأمن
نقابة الخدمات العامة تثمن جهود الحكومة في ضبط العمالة المنزلية المخالفة
احتفال باليوم العالمي للدفاع المدني في الطفيلة
الفيصلي يفوز على شباب الأردن ويتأهل لنصف نهائي كأس الاردن
أسعار النفط تتجه نحو أسوأ أداء شهري منذ 2023
صلاح ليس الأول .. أعلى 10 لاعبين أجراً في كأس أفريقيا 2025
كأس أفريقيا .. زامبيا تخطف تعادلاً مثيراً أمام مالي
مقتل شخص جراء قصف لقوات "قسد" في حلب
اليابان تعتزم إعادة تشغيل أكبر محطة للطاقة الكهربائية في العالم
فصل مبرمج للكهرباء عن مناطق بمحافظات الشمال
الرمثا يفوز على الأهلي ويتأهل لنصف نهائي كأس الأردن
مجلس الوزراء الإسرائيلي يصوت على إغلاق محطة إذاعة الجيش
الحسين إربد يتعاقد مع المدرب البرازيلي فرانكو
المومني: معلومات مضللة تستهدف مشروع مدينة عمرة ولن نتهاون بمروّجيها
"الإعلام النيابية" تقر مشروع قانون الأوقاف المعدل
بقلم: المحامي محمد عيد الزعبي - في منظومة العدالة الحديثة، تقوم الدولة على احتكار وسيلة إنفاذ الحقوق، فتمنع الأفراد من استيفاء حقوقهم بأنفسهم، وتُحرّم جميع أشكال التهديد أو الضغط أو الحجز غير القانوني.
وهذا المنع مبدأ راسخ يقوم على فكرة أساسية هي:
> "الثقة في القضاء وقدرته على إعادة الحق لصاحبه ضمن إجراءات عادلة وآمنة."
غير أن هذا المبدأ – كما أي نص قانوني – يفقد شرعيته عندما يُطبق في سياق مختلّ، لا يُراعي عدالة الواقع، ولا يوفّر أدوات الحماية للطرف المظلوم.
أولًا: ليس كل مدين متعثّرًا
لقد شاع في السنوات الأخيرة خطاب قانوني وإعلامي يُعزز صورة المدين بوصفه ضحية، دون تمييز حقيقي بين من عجز عن السداد بسبب ظروف قاهرة، ومن يمتلك القدرة على الدفع ويتعمّد التهرب.
والقاعدة التي يجب تثبيتها:
> كل متعثر هو مدين، ولكن ليس كل مدين متعثرًا.
فكم من مدين ميسور يُخفي أمواله، أو يُسجّل ممتلكاته باسم غيره، أو يُغادر البلاد دون سداد التزاماته، بينما يبقى الدائن عالقًا في أروقة المحاكم لسنوات، لا يجد سبيلاً لاستيفاء حقه المشروع.
ثانيًا: إلغاء الحبس دون ضمانات… تشريع ناقص
لقد ألغى المشرّع الأردني الحبس في قضايا الديون المدنية، بدعوى التقدّم نحو نموذج إنساني أكثر احترامًا للكرامة الفردية.
لكن هذا الإلغاء، وإن بدا متقدّمًا من الناحية الحقوقية، إلا أنه افتقر إلى الضمانات التشريعية البديلة التي تُعالج أثره الخطير على التوازن العقدي بين الدائن والمدين.
فلم يصدر بالتوازي معه أي من الإجراءات التالية:
تفعيل شامل للحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة.
وضع قيود على سفر المدين المماطل أو تهريب أمواله.
تجريم صريح للمدين الذي يُخفي ذمته المالية.
إنشاء سجل وطني ائتماني لتصنيف المدينين بحسب التزامهم.
وهكذا، تحوّل الحكم القضائي إلى نصّ مع وقف التنفيذ، وتحول الدائن من صاحب حق إلى مستجدي عدالة!
ثالثًا: أضرار هذا التشريع على الدائن
إن إلغاء الحبس دون بدائل عملية ترك الدائن أمام سلسلة من الأضرار المتفاقمة، منها:
1. غياب وسيلة الردع: فبعد أن كان الحبس أداة ضغط قانونية لإجبار المدين على التسوية، بات الأخير لا يشعر بأي التزام حقيقي.
2. إطالة أمد النزاعات: فتأخر التنفيذ يزيد من التكاليف ويُرهق الدائن دون نتيجة.
3. اهتزاز الثقة بالقضاء: فحين تُعجز السلطة القضائية عن حماية الأحكام، يفقد الناس إيمانهم بدولة القانون.
4. تشجيع التهرّب: مما يفتح الباب لتسجيل الأملاك بأسماء الغير أو تهريب الأموال خارج الولاية القضائية.
5. أثر اقتصادي سلبي: حيث يتوقف الدائنون عن التعامل الائتماني خوفًا من ضياع حقوقهم، مما يُجمّد الدورة المالية.
6. اللجوء إلى وسائل غير قانونية: كالتهديد أو الحجز أو التشهير، وهي ظواهر تشكّل خطرًا على الأمن المجتمعي.
> وبذلك، فإن العدالة التي تُعجز صاحب الحق عن تحصيله، تتحوّل إلى شكل من أشكال الظلم المغلّف بالنصوص.
رابعًا: تجارب دولية في العودة إلى حبس المدين
شهدت العديد من الدول، التي كانت قد قلصت أو ألغت الحبس المدني، تراجعًا ملحوظًا عن هذا المسار بعد رصد الأضرار الناجمة عن تلك السياسات.
فعلى سبيل المثال:
فرنسا، التي كانت من الدول الرائدة في تقليل الحبس المدني، أعادت تطبيقه بشروط صارمة بعد زيادة حالات التهرب المالي وتدهور الثقة في النظام القضائي.
دول خليجية مثل الإمارات والكويت، عادت لتفعيل الحبس المدني كأداة ضغط قانونية على المدينين المماطلين بعد معاناة اقتصادية واجتماعية من إلغاء الحبس دون بدائل.
كذلك شهدت بعض الدول الأوروبية تطبيق حبس المدين في حالات محددة جداً وبإجراءات قانونية تضمن حقوق الطرفين.
وقد أدركت هذه الدول أن إلغاء الحبس بدون آليات إنفاذ بديلة وفعالة يؤدي إلى:
انهيار ثقة الدائنين بالنظام القضائي.
تفاقم ظاهرة التهرب المالي.
زيادة حالات استيفاء الحق بالذات.
إبطاء عجلة الاقتصاد بسبب عزوف البنوك والمؤسسات عن الإقراض.
خامسًا: حين تفقد العدالة أدواتها… يعود الناس إلى قانون الغاب
إن أخطر ما تفرزه هذه الفجوة التشريعية، هو انهيار الثقة العامة في المنظومة القضائية، وما يتبعها من تفشٍ لاستيفاء الحق بالذات، عبر مظاهر لا تخفى على أحد.
ورغم أن استيفاء الحق بالذات يُعد جريمة جزائية بنص القانون، إلا أنه في بعض الحالات تحوّل إلى رد فعل طبيعي على انسداد الأفق القانوني، وغياب الوسائل الفعالة لاستيفاء الحقوق بطرق مشروعة.
سادسًا: ما المطلوب؟
1. مراجعة تشريعية شاملة لإلغاء الحبس، تُعيد التوازن وتُقرن الرحمة بالعدالة.
2. إدخال أدوات تنفيذ مدنية فعالة تُغني عن الحبس وتردع المتهربين:
كمنع السفر،
وتجميد الحسابات،
وربط الإقراض بالسجل الائتماني.
3. تعزيز ثقافة التسوية والوساطة القضائية الملزمة.
خاتمة:
> العدل لا يُقاس بالنوايا، بل بالنتائج.
وإلغاء الحبس عن المدين دون توفير أدوات ردع موازية، إنما هو إفراغ للعدالة من مضمونها، وتشجيع ضمني على التهرّب من الالتزام.
وفي غياب وسيلة فاعلة لتحصيل الحقوق، يفتح الباب أمام الناس للعودة إلى قانون الغاب، واستيفاء حقوقهم بأنفسهم، ولو على حساب السلم القانوني والاجتماعي.