زاد الاردن الاخباري -
بسم الله الرحمن الرحيم - والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم أَرِنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرِنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، ولا تجعلنا يا ربنا ممن قلت فيهم : ﴿الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ اللهم آمين .
كثر الكلام في الآونة الأخيرة على نسب الإمام عبد القادر الجيلاني مولداً الحسني الهاشمي القرشي نسباً ، و ذلك بإستعراض بعض الطعون بنسب هذا الشيخ و الإمام الحنبلي .
فقمنا أنا و زميلي د.عبد الرحمن الزرعيني بوضع هذه الطعون على طاولة الدراسة و التحقيق لنخرج بنتيجة قطعية بطلان هذه الطعون .
التعريف بالشيخ عبد القادر الجيلاني (470 - 561 هـ) :-
هو أبو محمد محيي الدين عبد القادر بن أبي صالح موسى الملقب بجنكي دوست بن عبدالله بن يحيى الزاهد بن محمد بن داوود بن موسى بن عبدالله بن موسى الجون بن عبدالله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم .
أما ردودنا على الطعون بنسب هذا الشيخ الجليل فتتلخص فيما يلي :
■أولاً : الرد على القول بأن الشيخ عبدالقادر الجيلاني لم يكن مشهور بالنسب الهاشمي في زمانه :
نقول هناك عدة مصادر تؤكد شهرة نسبه ومنها :
١) يقول أبو محمد عبدالله ابن قدامة المقدسي المتوفي عام ٦٢٠ هجري و هو من تلامذة السيد الشيخ عبد القادر الجيلاني : "ألبسني الإمام قطب المعارف الولي أبو محمد عبد القادر بن أبي صالح موسى العلوي الحسني الجيلي الكيلاني قدس الله روحه" . ينقل ذلك شمس الدين ابن ناصر الدين الدمشقي بسنده .
- المصدر : ابن عبد الهادي الحنبلي في كتابه (بدء العُلقة بلبس الخرقة/ص ٦١-٦٢).
|وقفة| : و أما المقصود بكلمة "ألبسني" يعني ألبسني خرقة المشايخ التي تعني أن فلان أصبح مؤهلاً للتصدر للوعظ و الإرشاد ، و هذه الخرقة تكون عبارة عن عمامة من الصوف و منها أُطلق أسم الصوفية أو التصوف . و موضوع لبس خرقة الصوف ليس حديث العهد ، فقد ذكر سبط ابن الجوزي المتوفي ٦٥٤ هجري في كتابه ( مرآة الزمان في تواريخ الأعيان/ الجزء ٢١ / ص ٧٨ ) :
" و كان الشيخ عبد القادر قد لبس خرقة المشايخ من أبي سعيد المخرمي، و لبس المخرمي من أبي الحسن علي بن محمد القرشي ، .......إلخ " .
فيبدو أن لبس الخرقة في ذاك الزمان مشابه لأخذ الإجازة من المشايخ والعلماء في زماننا ، كأخذ الإجازة بقراءة القرآن الكريم غيباً أو رواية الحديث الشريف.
و ما يؤكد ذلك ما ذكره الإمام الذهبي ت ٧٤٨ هـ في كتابه ( تاريخ الإسلام / الجزء ١٣ / ص ٧٨٦ ) أن العاقولي آخر من لبسَ الخرقة من الشيخ عبد القادر الجيلاني :
" يوسُف بن المُظَفَّر بن شجاع، أبو مُحَمَّد العَاقُوليّ ثمّ البَغْداديُّ الأَزَجيّ الصَّفَّار الزّاهد، [المتوفى: ٦٢٤ هـ ] :
تلميذُ الشيخ عبد القادر ومريدُه. سَمِعَ من أحمد بن قَفَرْجَل، وابن البَطِّي، وأحمد بن المُقَرَّب، وجماعة. وحدَّث. ولَهُ كلام حَسَن في التّصوّف والحقيقة. وكان صالحًا، زاهدًا، عابدًا، يُتَبَرَّك به. وهُوَ آخِرُ من لَبِسَ الخِرْقَةَ من الشيخ".
بل إن الإمام الذهبي نفسه لبس الخرقة من المشايخ ، حيث قال في كتابه ( سير أعلام النبلاء/ الجزء ٢٢ / ص ٣٧٧ ) :
"ألبسني خرق التصوف شيخنا المحدث الزاهد ضياء الدين عيسى بن يحيى الأنصاري بالقاهرة ، وقال : ألبسنيها الشيخ شهاب الدين السهروردي بمكة عن عمه أبي النجيب" .
نعود : إلى موضوع سند ابن قدامة المقدسي الذي نقله الإمام ابن ناصر الدين الدمشقي :
نجد أن الإمام ابن ناصر الدين الدمشقي توفي ٨٤٢ هجري يذكر نسب الشيخ عبد القادر الجيلاني في كتابه ( توضيح المشتبه / الجزء الثاني/ ص١٩٧ ) حيث قال : "هو العارف الولي الكبير السيد الشريف محيي الدين أبو محمد عبد القادر بن أبي صالح جنكي دوست بن عبدالله بن يحيى بن محمد بن داوود بن موسى بن عبدالله بن موسى بن عبدالله بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب الحسني الجيلي ".
قلتُ : هذا يؤكد صحة السند ، و يؤكد أن نسب الشيخ عبد القادر إلى الحسن بن علي كان مشهور في حياته بشهادة تلميذه ابن قدامة .
[ملاحظة] الإمام ابن ناصر الدين الدمشقي من العلماء الثقات و أهل الصدق و التحري بشهادة علماء السير و التراجم .
حيث قال عنه المقريزي في كتابه ( السلوك لمعرفة دول الملوك / الجزء ٧ / ص ٤٢٣ ) :
" سمع على شَيخنَا أَبُو بكر بن الْمُحب وَغَيره وَطلب الحَدِيث فَصَارَ حَافظ بِلَاد الشَّام من غير مُنَازع وصنف عدَّة مصنفات وَلم يخلف فِي الشَّام بعده مثله ". و قال السخاوي عنه في كتابه ( الضوء اللامع/ المجلد الثامن / ص ١٠٤-١٠٥ ) أنه قام بتأليف كتاب بعنوان ( الرد الوافي على مَن زعم أن من أطلق على ابن تيمية شيخ الإسلام كافر ) دافع به عن شيخ الإسلام ابن تيمية عندما كفره العلاء البخاري وحصلت له نتيجة ذلك محنة عظيمة.
و السيد محمد مرتضى الزبيدي في كتابه ( أمالي في الحديث و الأدب / ص ٣٨ ) أيضاً ينقل بالسند عن ابن قدامة المقدسي ت ٦٢٠ هجري عن : " محيي الدين أبو صالح عبد القادر بن جنكي دوست موسى بن عبدالله الحسني الجيلاني البغدادي" . و هذا السند أيضاً يؤكد شهرة نسب الشيخ عبد القادر الجيلاني في حياته .
٢) نسخ مغربية من كتاب الفخري في انساب الطالبيين لعزيز الدين الازورقاني المروزي المتوفى ٦١٤ هـ تذكر نسب الشيخ عبد القادر الجيلاني إلى موسى الجون ، منها :
︎نسخة في [ الخزانة العامة في الرباط / رقم 1428 ك / تحت اسم مختصر من أصول الانساب للازورقاني ] .
︎و نسخة في [ الخزانة الناصرية / رقم 2827 ] .
︎و نسخة في [ الخزانة الحسنية / رقم 1234 / مفهرسة خطأً للفخر الرازي ].
جميع هذه النسخ ذكرت نسب الشيخ عبد القادر الى موسى الجون.
بينما في النسخة المشرقية لم يُذكر نسبه ، وتجدر الإشارة هنا أن هناك فروقات بين النسخة المشرقية و هذه النسخ المغربية ؛ حيث يظهر وجود بعض العبث في محتوى النسخة المشرقية . و الأمر الذي يرجح صحة النسخ المغربية بما يخص نسب الشيخ عبد القادر الجيلاني أن ابن جزي الكلبي الغرناطي ينقل عن الأزروقاني حرفياً و من ضمن ما نقله نسب الشيخ عبد القادر الجيلاني الذي كان من أصل الكتاب .
- المصدر : كتاب ( التحقيق الجيلاني/ دراسة مختصرة لنسب الشيخ عبد القادر الجيلاني/ ص ٢٧ ).
٣) مرآة الزمان في تواريخ الأعيان لسبط ابن الجوزي المتوفي ٦٥٤ هجري / الجزء ٢١/ ص ٨٠ :
" هو سيدنا شيخ الإسلام ، تاج العارفين، محيي الدين، أبو محمد عبد القادر بن أبي صالح موسى بن عبدالله بن يحيى الزاهد بن محمد بن داوود بن موسى بن عبدالله بن موسى الجون بن عبدالله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، الهاشمي العلوي الحسني الجيلي الحنبلي ".
٤) التذكرة في الأنساب المطهرة لإبن مهنا العبيدلي تم تأليفه عام ٦٥٧ هجري / ص٤٩ :
" عبد القادر الجيلاني بن موسى بن عبدالله بن يحيى بن محمد بن داوود ".
٥) مخطوط كتاب معجم شيوخ الدمياطي لشرف الدين عبد المؤمن الحافظ الدمياطي المتوفي عام ٧٠٥ هجري ، المخطوط الأصل في دار الكتب الوطنية بتونس ، لوح ١٣٢ ب :
في ترجمة "فضل الله بن عبد الرزاق بن عبد القادر بن جنكي دوست بن عبدالله بن يحيى الزاهد بن محمد بن داوود بن موسى بن عبدالله بن موسى الجون بن عبدالله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب.... كذا أملى علي نسبه هكذا إلى علي أبو المحاسن ".
٦) بهجة الأسرار و معدن الأنوار لعلي بن يوسف بن جرير اللخمي الشنطوفي المتوفي عام ٧١٣ هجري / ص ١٧٣ ينقل بالسند :
" أخبرنا الفقيه العالم أبو المعالي أحمد ابن الشيخ المحقق ابي الحسن علي ابن أحمد بن عبد الرزاق بن عيسى الهلالي البغدادي ، قال : أخبرنا قاضي القضاة أبو صالح نصر ،قال : أخبرني والدي عبد الرزاق ،قال : سألت والدي الشيخ محيي الدين عن نسبه ، قال : عبد القادر بن أبي صالح موسى جنكي دوست بن عبدالله بن يحيى الزاهد بن محمد بن داوود بن موسى بن عبدالله بن موسى الجون بن عبدالله المحض و يلقب بالمجل ابن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ".
٧) مجمع الآداب في معجم الألقاب لعبد الرزاق بن أحمد بن الفوطي المتوفي عام ٧٢٣ هجري / المجلد الخامس / ص ٦٩ :
" محيي الدين أبو محمد عبد القادر بن أبي صالح جنكي دوست الجيلي ، له نسب في بني الحسن بن علي، الفقيه المحدث العالم الزاهد " .
٨) ذيل مرآة الزمان لقطب الدين اليونيني المتوفي عام ٧٢٦ هجري / ص ١٠٠٢ :
" أبو محمد عبد القادر بن أبي صالح موسى جنكي دوست بن عبدالله بن يحيى الزاهد بن محمد بن داوود بن موسى بن عبدالله بن موسى الجون بن عبدالله المحض بن الحسن المثنى ".
٩) برنامج التجيبي لأبي القاسم التجيبي السبتي المتوفي عام ٧٣٠ هجري / ص ١٧٥ :
" عبد القادر بن أبي صالح بن عبدالله بن يحيى الزاهد بن محمد بن داوود بن موسى بن عبدالله بن المحض بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، الحسني الجيلي".
١٠) الأنوار و كنز الأسرار في نسب آل النبي المختار لإبن جزي الكلبي الغرناطي المتوفي عام ٧٤١ هجري / تحقيق الزرعيني / ص ٩٥ :
" السيد داوود بن موسى بن عبدالله الرضي له ثلاثة بنين محمد و موسى و الحسن بنو الرومية . و انتهى عقبه عند السيد عبدالقادر الجيلاني ".
• و في النسخة التي حققها مهدي رجائي / ص٥٧ :
" السيد الشيخ عبد القادر الجيلاني بن موسى بن عبدالله بن يحيى بن محمد بن داوود بن موسى الثاني بن عبدالله الرضا بن موسى الجون بن عبدالله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب ".
١١) تتمة المختصر لإبن الوردي المتوفي عام ٧٤٩ هجري / الجزء الثاني/ ص٦٩ :
" أحداث سنة ٥٦١ هجري : فيها في ربيع الآخر توفي الشيخ عبد القادر بن أبي صالح الجيلي بغداد...... قلت - يعني ابن الوردي - هو الشيخ محيي الدين أبو محمد عبد القادر بن أبي صالح موسى جنكي دوست بن عبدالله بن يحيى الزاهد بن محمد بن داوود بن موسى...".
١٢) مسالك الأبصار في ممالك الأمصار لإبن فضل الله العمري المتوفي عام ٧٤٩ هجري / الجزء الثامن / ص ١١٧ :
" الشيخ عبدالقادر بن أبي صالح عبدالله جنكي دوست الجيلي الحنبلي : طلع من هاشم بن عبد مناف في الذوائب، و كرع منه في الغدير لم يرفق بالشوائب ، و كان من الشرف في شامخ قلاله ، و راسخ النسب العلوي في كرم خلاله ".
١٣) الوافي بالوفيات للصفدي المتوفي ٧٦٤ هجري / الجزء التاسع عشر / ص ٢٦ :
" 《الجيلي الشيخ المشهور》 عبد القادر بن عبدالله بن أبي صالح جنكي دوست بن أبي عبدالله، ينتهي نسبه إلى الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ".
١٤) فوات الوفيات لإبن شاكر الكتبي المتوفي ٧٦٤ هجري / الجزء الثاني / ص ٣٧٣ :
" عبد القادر بن أبي صالح جنكي دوست ينتهي نسبه إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما ".
- و يظهر أن هناك تصحيف في رفع نسبه للحسين بن علي رضي الله عنهما و الصواب أن نسبه للحسن بن علي بن أبي طالب.
١٥) مرآة الجنان وعبرة اليقظان لأبي محمد عبدالله بن أسعد اليافعي اليمني المكي المتوفي عام ٧٦٨ هجري / الجزء الثالث / ص ٢٦٤ :
" فهو الشيخ محيي الدين أبو محمد عبد القادر بن أبي صالح موسى بن أبي عبدالله بن يحيى الزاهد بن محمد بن داوود بن موسى بن عبدالله بن موسى الجون بن عبدالله المحض بن الحسن المثنى بن أمير المؤمنين أبو محمد الحسن بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضوان الله تعالى عليهم ، سبط أبي عبدالله الصومعي الزاهد و كان يعرف به في جيلان ".
نقول : الشيخ عبد القادر الجيلاني توفي عام ٥٦١ هجري و هؤلاء العلماء إما معاصرين له أو قربين من زمانه مما يؤكد شهرة نسب الشيخ عبد القادر ، و نلاحظ أنهم كلهم ماتوا قبل أن يؤلف ابن عنبة كتابه عمدة الطالب الذي يتحجج به البعض للتشكيك و الطعن بنسب الشيخ عبدالقادر الجيلاني .
■ثانياً : الطعن بنسب االشيخ عبدالقادر الجيلاني الموجود في كتاب عمدة الطالب لأبن عنبة :
يقول جمال الدين ابن عنبة في كتابه عمدة الطالب في نسب آل أبي طالب المؤلف عام ٨١٣ هجري في نسب الشيخ عبدالقادر الجيلاني : " لم يدّعِ الشيخ عبدالقادر هذا النسب و لا أحد من أولاده و إنما إبتدأ بها ولد ولده أبي صالح القاضي نصر بن أبي بكر بن عبدالقادر و لم يقم عليها بينة و لا عرفها أحد على أن عبدالله بن محمد بن يحيى رجل حجازي لم يخرج من الحجاز!!
و هذا الأسم أعني جنكي دوست أعجمي صريح كما تراه و مع ذلك كله فلا طريق إلى إثبات هذا النسب إلا بالبينة الصريحة العادلة و قد أعجزت القاضي أبا صالح و أقربها عدم موافقة جده عبدالقادر له!!"
- الرد عليه :
١) : - بخصوص أن عبدالله بن محمد بن يحيى رجل حجازي لم يخرج من الحجاز!
نقول هذا طعن بنسب ابن عنبة نفسه لأن ابن عنبة من نسل محمد (الوارد من الحجاز الى العراق و نزل الحاير) بن عبدالله بن محمد بن يحيى!!
فكيف يطعن ابن عنبة بنسب الشيخ عبدالقادر الجيلاني بحجة أن عبدالله بن محمد بن يحيى رجل حجازي لم يخرج من الحجاز؟!
فهل الهجرة مقبولة لمحمد جد ابن عنبة و مرفوضة لاخيه موسى جنكي دوست والد الشيخ عبدالقادر ؟!
٢) :- بخصوص" و هذا الإسم أعني جنكي دوست أعجمي صريح كما تراه "!
نقول هناك أسماء أعجمية كثيرة تخص سادة من آل البيت :
١- كلوبرين : ابو علي مهدي كلوبرين بآمل و هو أسم مدينة بجيلان (نفس محافظة جيلان التي منها الشيخ عبدالقادر الجيلاني) (الفخري في أنساب الطالبيين ص ١٣٩ ).
٢- إبن ناخن : و أعقبوا بطبرستان و البصرة و جيلان، أحدهم حمزة المعروف بـ "إبن ناخن" ( الفخري في أنساب الطالبيين ص ١٤٧ ).
٣- ومن الألقاب الأعجمية أيضاً السيد محمد الملقب ششديو ، قال ظهير الدين البيهقي المتوفي عام ٥٦٥ هجري في كتابه ( لباب الأنساب والألقاب والأعقاب / ص ٨٦ ) :
" [نقيب صغانيان]
السيد الأجل أبو الفضل علي بن الحسين بن عبد الله بن الحسين بن محمد ششديو ابن الحسين بن عيسى بن محمد البطحاني ابن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما " .
٤- و من الأسماء الأعجمية أيضاً السيد محمد بن مانكديم :
و قد ذكره ظهير الدين البيهقي المتوفي عام ٥٦٥ هجري في كتابه ( تاريخ بيهق - تعريب / ص ٤٢٢ ) :
" [٢٣٢] السيد الإمام محمد بن مانكديم بن زيد العلوي الحسنيّ السّيلقيّ ، وهو محمد بن مانكديم بن زيد السّيلقيّ الحسنيّ، توفي في شهور سنة أربع وثلاثين وخمس مئة " .
و هناك ألقاب لسادة بطبرستان ذكرهم ابن عنبة نفسه في أكثر من موضع مثل :
( اميركا ، سراهنك ) . و جنكي دوست لقب كمثله من الألقاب أطلق على السيد موسى والد الشيخ عبدالقادر الجيلاني و معناه حسب المعاجم الفارسية مُحب الحرب أو مُحب الجهاد .
فهل نطعن بهؤلاء السادة فقط لأن أسمائهم و القابهم أعجمية؟!
٣) :- بخصوص " عدم موافقة جده عبدالقادر له" !
نقول أن القاضي نصر ( ٥٦٤ - ٦٣٣ هجري) و الشيخ عبد القادر توفي عام ٥٦١ هجري أي أن نصر ولد بعد وفاة جده عبد القادر بثلاث سنوات! ؛ فكيف يزعم أن جده لم يوافقه؟!
الشيخ عبد القادر أساساً لم يكن حياً عندما ولد حفيده الذي يقول ابن عنبة أنه أشهر النسب الحسني الهاشمي للشيخ عبد القادر ، كما أن الشيخ عبد القادر لم ينتسب أساساً لنسب آخر حتى نفترض أن الموافقة بالنص تعني إتفاق النسب.
والأهم من كل ذلك أن هناك نسخة لمخطوط كتاب عمدة الطالب الصغرى تؤكد أن النص المشكك بنسب الشيخ الجيلاني في النسخ الأخرى تم قص منه جزء من كلام ابن عنبة، و تبين أن ابن عنبة كان يرد على أحد الطاعنين بنسب الشيخ عبد القادر و يقول بعد عبارة ( و هذا الإسم أعجمي صريح كما تراه ) أن هذا الطعن غرض فاحش على الشيخ و الشيخ عبد القادر مشهور بالشرافة. و قد أسماها محقق كتاب عمدة الطالب الأيراني مهدي رجائي (النسخة ص) كما ترون في أسفل ص ٨٣ من كتاب عمدة الطالب الصغرى تحقيق مهدي رجائي .
قلت : من الطبيعي أن يدافع ابن عنبة عن نسب الشيخ عبد القادر الجيلاني و يرد على الطاعن ، لأن جد ابن عنبة و هو عنبة الأكبر بن محمد الوارد من الحجاز إلى الحاير و الشيخ عبد القادر الجيلاني يلتقيان بالنسب عند عبد الله بن محمد بن يحيى الزاهد بن محمد (ابن الرومية) بن داوود الأمير . فالشيخ عبد القادر أقرب لإبن عنبة من جميع ذرية الحسن بن علي بن أبي طالب ، فكيف يشكك بنسبه بهذه الحجج التافهة و هو عمدة النسابين ؟!
والذي يجعلنا نتأكد أن هذه هي النسخة الصحيحة لكتاب عمدة الطالب إعتراض الإيراني المدعو شهاب الدين المرعشي ( صاحب المكتبة المرعشية في مدينة قم الإيرانية التي تم فيها أغلب تحقيقات كتاب عمدة الطالب ) في رسالة نقده لكتاب النفحة العنبرية في أنساب خير البرية على السيد محمد كاظم أبو الفتوح اليماني الموسوي (من أعلام القرن التاسع الهجري) مؤلف كتاب النفحة العنبرية لأنه أثبت نسب الشيخ عبد القادر الجيلاني الهاشمي في كتابه النفحة .
حيث يقول المرعشي منتقداً أبو الفتوح :
"ثم إن المؤلف قد زلت قدمه و عثر دون الوصول إلى الحق في موارد من هذه النسخة منها كتصحيحه نسب الشيخ عبد القادر الجيلاني غوث العامة كما وقع في هذا الوهم صاحب العمدة أيضاً".
السؤال الذي يطرح نفسه من هو صاحب العمدة الذي يقصده المرعشي الذي صحح نسب الشيخ عبد القادر الجيلاني؟!
بالتأكيد لا يوجد إلا كتاب عمدة الطالب في نسب آل أبي طالب لمؤلفه جمال الدين أحمد ابن عنبة .
- المصدر : ( كتاب النفحة العنبرية في أنساب خير البرية/ ص ٨-٩ ).
و قد زودنا السيد سليم حلبية الحسيني جزاه الله خير الجزاء نسخة مخطوطة لكتاب عمدة الطالب في نسب آل أبي طالب تدعى ( نسخة الدامادي ) و ترجع كتابتها و نسخها لأحد أحفاد إبن عنبة مؤلف كتاب عمدة الطالب يقول فيها أن إبن عنبة تزوج من خديجة الجيلانية حفيدة القاضي نصر حفيد الشيخ عبد القادر الجيلاني و يثبت فيها نسب الشيخ عبد القادر إلى الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ويقول أن هناك من تلاعب به وزوره الى طعن!.
علماً أن ( نسخة الدامادي ) إعتمدها و أشار إليها أعلام المحققين من أهل السنة والجماعة كالسيد محمد مرتضى الزبيدي الحسيني و من الشيعة اغا بزرك الطهراني و شهاب الدين المرعشي النجفي .
■ثالثاً : كتب ملفقة للطعن بنسب السيد عبد القادر الجيلاني :
لقد تعرض نسب الشيخ عبد القادر الجيلاني الحسني الهاشمي لطعون كاذبة لا أساس لها من الصحة ، و كان الدافع الحسد لأهل هذا البيت الحسيب النسيب والحقد عليهم ، فمرةً نجد الطعن في مخطوطات الروافض المليئة بالدس و التزوير رفضاً للأنساب الهاشمية المنتمية لأهل السنة والجماعة ككتاب عمدة الطالب في نسب آل أبي طالب لأحمد إبن عنبة الذي ثبت بالدليل القاطع أنه كتاب مزور و محرف ، و مرةً تنشأ هذه الطعون بسبب أكاذيب المتصوفة و خزعبلاتهم التي ما أنزل الله بها من سلطان ، فقد إبتدعوا الطوام بعد وفاة الشيخ عبدالقادر الجيلاني ؛ بل حتى بعد وفاة أولاده و اولاد اولاده . و من هذه الإفتراءات : بعض الكتب قال عنها العلماء و المؤرخين أنها من تلفيق أبو الهدى الصيادي الرفاعي (ت ١٣٢٨ هـ ) ، و كان الدافع الرئيسي وراء قيام الصيادي بتلفيق هذه الكتب إثبات نسب الشيخ أحمد الرفاعي و الطعن و الحط من نسب الشيخ عبد القادر الجيلاني ، و كأن الشيخ أحمد الرفاعي الحسيني بحاجة لهذه الكتب الملفقة و هو الحسيب النسيب !!.
و قد ذكر عبد الرحمن بن سليمان الشايع (توفي ١٣٨٠ هجري ) في كتابه ( جناية الصيادي على التاريخ ) أسماء لكتب ملفقة من قبل الصيادي تطعن بنسب الشيخ عبد القادر الجيلاني :
١) كتاب صحاح الأخبار في نسب السادة الفاطمية الأخيار المنسوب لسراج الدين المخزومي / - المصدر : كتاب جناية أبو الهدى الصيادي على التاريخ - ص٦٧ .
٢) كتاب غاية الإختصار في البيوتات العلوية المحفوظة من الغبار المنسوب لتاج الدين ابن زهرة الحلبي / - المصدر : كتاب جناية أبو الهدى الصيادي على التاريخ - ص٧١ .
٣) كتاب بحر الأنساب أو الثبت المصان المنسوب لإبن الأعرج الحسيني نقيب واسط / - المصدر : كتاب جناية أبو الهدى الصيادي على التاريخ - ص ٥٨ .
وأيضاً قال السيد عبد الرزاق كمونة الحسيني في كتابه ( موارد الإتحاف في نقباء الأشراف / الجزء الأول / ص ١٢٥ ) : " كان بين محمد أبي الهدى الصيادي و سليمان الكيلاني منافرة و سعى في طبع مختصر أخبار الخلفاء لإبن الساعي و كتاب غاية الإختصار و دس فيها ما يوجب الطعن بنسب الشيخ عبدالقادر الجيلاني ".
■رابعاً : نسب الشيخ عبد القادر الجيلاني و مشجرات العمري :
يتداول الطاعنون بنسب الشيخ عبد القادر الجيلاني نصاً يتحججون به على بطلان نسب الشيخ الجيلاني الهاشمي و يملئون به المواقع الإلكترونية والمنتديات بقصد النيل من هذا النسب و الإساءة إليه و فحوى النص ما يلي :
" قال العمري في ( مشجراته ) (٥٧) : نسبوا هذا الشيخ محي الدين عبد القادر الكيلاني الى عبد الله بن محمد بن الرومية يقال لولده بنو الرومية كما يقال محمد المذكور ، ولم يدَّع الشيخ عبد القادر هذا النسب ولا احد من أولاده وإنما ابتدأ بها ولده القاضي أبو صالح نصر بن ابي بكر بن عبد القادر ولم يقم عليها البينة ولا عرفها له أحد على ان عبد الله بن محمد بن علي رجل حجازي لم يخرج من الحجاز وهذ الاسم أعني جنكي دوست أعجمي صريح كما تراه فلا طريق في إثبات هذا النسب الا البينة العادلة وقد اعجزت القاضي ابا صالح واقترن بها عدم موافقة جده الشيخ عبد القادر وأولاده له والله سبحانه وتعالى أعلم" .
الرد على هؤلاء الطاعنين :-
١) :- هذا النص موجود في كتاب صحاح الأخبار في نسب السادة الفاطمية الأخيار المنسوب لسراج الدين الرفاعي المخزومي / الصفحات ٥٧ - ٥٨ ، و هذا الكتاب من جملة الكتب التي قام بتلفيقها أبو الهدى الصيادي كما أسلفنا . / المصدر : كتاب جناية أبو الهدى الصيادي على التاريخ - ص ٦٧ .
و نلاحظ أن هذا النص هو نفس النص المنسوب لجمال الدين ابن عنبة في كتابه كتاب عمدة الطالب وقد تم الرد عليه فيما سبق .
٢) :- من يكون هذا العمري صاحب المشجرات ؟!
بعد البحث الطويل و التقصي لا وجود لشخص عالم بالأنساب و له مؤلفات فيها معاصر للشيخ عبد القادر الجيلاني أو أبنائه أو أحفاده أو حتى قريب من زمن حياة الشيخ عبد القادر الجيلاني إلا السيد نجم الدين علي بن محمد العلوي العمري المعروف بإبن الصوفي صاحب كتاب "المجدي في انساب الطالبيين" المتوفي عام ٤٥٩ هـ، و المعلوم أن الشيخ عبد القادر ولد عام ٤٧٠ هـ ! ، ثم أن هذا النص غير موجود في كتابه المجدي .
■خامساً : ما ورد في كتاب غاية الاختصار لابن زهرة الحلبي :
حيث يقول في صفحة 46 (( والى بني الجون يدّعي النسب بيت الشيخ عبد القادر الكيلاني المدفون بباب الازج ببغداد رحمه الله ، يدّعون النسب الى محمد بن داود بن موسى بن عبد الله بن موسى الجون. أظهر أولاد الشيخ العجائب ورووا عنه من الاخبار ما لا يصح نقله ولا يجوز اعتقاده ، وقام بعضهم بعد إنقراض الخلافة العباسية وإمكان إدعاء كل شيء يدّعي النسب للحسن السبط عليه السلام وفشت دعواهم وأهل النسب لا يقولون بها ويصرّحون بكونهم أدعياء. والشيخ عبد القادر رحمه الله كان رجلاً جليلاً صالحاً لم يدّع هذه النسبة وادعاها احفاده وهو من بطون بشتبر من فارس، والله العالم )).
الرد عليه :
أولاً : كتاب غاية الإختصار ملفق ذكر ذلك المحقق محمد صادق بحر العلوم في (صفحة 29) بعد تحقيق متين ومطول خلص فيه أن الكتاب لا تصح نسبته لإبن زهرة الحلبي وأن مصنفه قد يكون من أهل القرن السابع إلا أن الكتاب تعرض للدس والتلفيق بإضافة نصوص تقدح بنسب الشيخ عبد القادر الجيلاني وتنتصر لأنساب أخرى.
ثانياً : ولنفترض جدلاً صحة نسبة هذا النص ! فلا زال مشتملاً على الكثير من المغالطات التي تسقط الإحتجاج به ، فمن ذلك قوله أن دعوة إنتساب الشيخ عبد القادر إلى الحسن بن عليه رضي الله عنه قامت بعد إنقراض الخلافة العباسية وتعطل النقابة ، وهذه مغالطة كبيرة جداً حيث أنه و من المعلوم أن أول من أظهر النسب هم أسرة الشيخ عبد القادر و أبنائه و أحفاده و على رأسهم قاضي القضاة نصر بن عبد الرزاق بن عبد القادر الجيلاني ، وقد توفي رحمه الله سنة 633 هـ أي قبل سقوط الخلافة العباسية في بغداد سنة 656 هـ بثلاثة وعشرين عاماً ! فأين إبن زهرة (على فرض صحة نسبة الأثر له) عن هذه الحقيقة، هنا على الأقل يثبت أن كاتب هذا النص ليس عنده دراية في الأمر الذي يكتب فيه.
■سابعاً : نسب الشيخ عبد القادر الجيلاني و أبو العون السفاريني :
في كتاب أبناء الإمام في مصر و الشام ص ٢٧ يقول فيها : "حدثني العالم العلامة و الحبر الفهامة بحر العلوم الشريفة و منبع المعارف اللطيفة و مورد الأخبار الكريمة شيخي و استاذي الفاضل عبدالغني بن إسماعيل النابلسي أن في الشام قوماً جعلوا للشيخ القطب أبي محمد محي الدين عبدالقادر الجيلاني نسباً موصولاً تارةً بالحسن و أخرى بالحسين سبطي رسول الله صلاة الله و سلامه عليه فهو عندهم عبدالقادر بن موسى بن عبدالله بن جنكي دوست بن يحيى بن محمد بن داوود بن موسى بن عبدالله بن موسى بن عبدالله بن الحسن المثنى بن الحسن السبط أو هو من ذرية إسماعيل بن جعفر الصادق و كلاهما غير صحيح و قد أخترع بآخره و لم يثبت أن الشيخ رحمه الله إدعى هذا النسب و لا ثبت أن أحد من أولاده فعل ذلك.. و ينكر."
الرد على أبو العون السفاريني أو على محقق كتاب أبناء الإمام في مصر و الشام :
بدايةً إحتمال كبير أن يكون هذا النص منحول على السفاريني و من ثم على النابلسي، و لا يعرف في أي كتاب موجود هذا النص بعد التحري و البحث الطويل، و هو نص ركيك و عليه تساؤلات و منها :
١- هل غاب عن الشيخ عبد الغني النابلسي المتوفي ١١٤٣ هـ أن هذه الدعوة قديمة جداً و أول من أشهر النسب الحسني الهاشمي للشيخ عبدالقادر هم الشيخ عبدالقادر و أولاده و أحفاده و ليس "قوم في الشام" كما يزعم السفاريني إن صحت نسبة النص إليه ؟!
٢- هل غاب عن الشيخ عبد الغني النابلسي أن شهرة نسب الشيخ عبدالقادر حسنية و ليست حسينية و لم ينسبه أحد إلى إسماعيل بن جعفر الصادق؟!
٣- هل غاب عن الشيخ عبد الغني النابلسي أن الشيخ عبدالقادر الجيلاني ينتسب لموسى بن عبدالله بن محمد بن يحيى الزاهد؛ نفس تسلسل النسب لإبن عنبة . و ليس لموسى بن عبدالله بن جنكي دوست لأن جنكي دوست لقب لوالد الشيخ عبدالقادر و معناه حسب المعاجم الفارسية "مُحب الحرب أو مُحب الجهاد" ؟!
٤- كما هو معروف عن الشيخ عبد الغني النابلسي أنه كان صوفي المشرب و قادري الطريقة و قد أخذ الطريقة القادرية عن نقيب اشراف حماه الشيخ عبدالرزاق بن شرف الدين الكيلاني ؟!
٥- ثم إن الشيخ عبدالغني النابلسي يذكر نسب الشيخ عبدالقادر الجيلاني إلى الحسن بن علي بن أبي طالب في كتابه ( كوكب المباني و موكب المعاني بشرح صلوات الشيخ عبد القادر الجيلاني / ص ٢٦٥ ) .. فكيف ينكره بهذا النص الركيك ؟!
■ثامناً : نسب الشيخ عبد القادر الجيلاني و نسب ابن عنبة حسب كتاب الأصيلي لإبن الطقطقي :
على هامش مخطوطة مشجر الأصيلي لإبن الطقطقي و ليس من ضمن المشجر ؛ حيث أن كتاب الأصيلي هو بالأصل مشجر نسب ، وردَ : " و إلى هذا التاريخ ؛ و هو شهر رمضان المبارك سنة ثمانية و تسعين و ستمائة [٦٩٨ هجري] لم يُقم البينة الشرعية بصحة نسبه " ، ( لم يُقم البينة : إشارة إلى نصر حفيد الشيخ عبد القادر ) وفي بعض المخطوطات وردت العبارة ( لم تَقم البينة الشرعية بصحة نسبه ) ، و هناك عدة أمور يجب أن نأخذها بعين الإعتبار بخصوص هذا النص المنسوب لإبن الطقطقي :
أولاً : إن كانت العبارة ( لم يُقم البينة الشرعية ) كما في بعض المخطوطات : إشارة إلى نصر فهذا إفتراء و كذب لأن نصر في تاريخ ٦٩٨ هجري كان قد شبع موتاً ، فقد توفي رحمه الله عام ٦٣٣ هجري .
ثانياً : أغلب النسخ التي حوت التعليق المنسوب لإبن الطقطقي على نسب الشيخ عبد القادر الجيلاني حوت أيضاً على تعليق إبن عنبة على نسب الشيخ أحمد الرفاعي ، و كما هو معلوم أن إبن الطقطقي توفي عام ٧٠١ هـ ؛ يعني قبل أن يولد إبن عنبة ، فما هذا العبث؟!
و كيف نسلم لمخطوطات لم يتورع الناسخون من أن يضيفوا عليها زيادات لأناس ولدوا بعد وفاة مؤلف الكتاب؟!
ثالثاً : و إذا فرضنا صحة نسبة النص إلى ابن الطقطقي ، فهذا يعني أن ابن الطقطقي لم يكن على دراية بنسب الشيخ عبد القادر الجيلاني كونه جيلاني من بلاد جيلان في اقليم طبرستان، و هذا أيضاً ما أشار إليه جعفر الأعرجي في كتابه مناهل الضرب ص٢٥٢ حيث قال" ثم إنه رجل كيلاني لم يضره إذا لم يعرف نسبه أحد من أهل بغداد، و هو غريب فيهم، و إنما يعرفه اهل كيلان، و قد أثبته العرفاء في جرائدهم، و أثبتوا نسبه...... إلخ" .
رابعاً : و الأمر المهم للغاية عندما ذكر ابن الطقطقي محمد الوارد من الحجاز الى الحاير جد إبن عنبة قال : " لم يثبت النسابون نسبه و نسبوه (في صح)"!
و عبارة (نسبوه في صُح) عند ابن الطقطقي تعني بطلان النسب المذكور.
ولذلك نقول : هناك إحتمال كبير أن يكون الكلام حول نسب الشيخ عبد القادر في هذا المشجر مدسوس من قبل أحد مالكي المخطوطة ، و الذي يجعلنا نعتقد ذلك أن ابن الطقطقي ذكر نسب ابن عنبة من ضمن المشجر و ضع بمحاذاته تعليقه " لم يثبت النسابون نسبه و نسبوه في صُح " ، و لكنه لم يذكر نسب الشيخ عبد القادر من ضمن المشجر كما فعل مع نسب ابن عنبة . فالغالب أن أحد مالكي المخطوطة قام بدس الطعن بنسب الشيخ عبد القادر ، و قد سايره بذلك محقق المخطوطة الإيراني مهدي رجائي حيث جعل الطعن في متن الكتاب المطبوع و لم يذكر أنه مجرد نص على هامش المشجر .
و يعترف الإيراني مهدي رجائي محقق الكتاب في صفحة ١٦ أن مشجر الأصيلي تم التعليق و الزيادة عليه من قبل منصور الدكشتي الشيرازي صاحب المدرسة المنصورية بشيراز في إيران و أيضاً تعاليق و زيادات لحفيده صدر الدين الدشكتي .
و يقول الباحث و المحقق عبد الرحمن الزرعيني الحسيني في كتابه ( التحقيق الجيلاني/ دراسة مختصرة لنسب الشيخ عبد القادر الجيلاني - ص ٤٨ ) : أنه إطلع على نسخة لمشجر الأصيلي محفوظة في مكتبة الملك عبدالعزيز آل سعود و لا وجود لهذا النص فيها ، بل فيها إثبات نسب الشيخ عبد القادر للحسن بن علي رضي الله عنهما في متن المشجر صفحة ٣٧ .
■تاسعاً : نسب الشيخ عبد القادر الجيلاني و الإمام الذهبي :
يحتج بعض الإخوة على السادة الجيلانية بأن الإمام الذهبي رحمه الله لم يذكر نسباً حسنياً هاشمياً للشيخ عبد القادر و لكنه نسبه بالجيلي و الجيلاني و إعتبروا ذلك لمزاً بنسب الشيخ عبد القادر ، بدايةً وقبل الرد على هذه الشبهة يجب توضيح عدة أمور :
أولاً :- ترجمة قاضي القضاة السيد أبا صالح نصر بن عبدالزراق بن عبد القادر الجيلاني الذي يقولون أنه من صرّح عن النسب الحسني الهاشمي للشيخ عبد القادر عند الإمام الذهبي :
حيث ترجم له في كتابه ( سير أعلام النبلاء / ص ٣٩٨ / جزء ٢٢ ) :-
١- كان له قبول تام عند العوام و السلطان.
٢- كان حسن السيرة.
٣- سلك الطريقة المستقيمة.
٤- أقام ناموس الشرع ، ولم يحاب أحدا.
٥- كان يمضي إلى الجمعة ماشياً تواضعاً منه.
٦- روى الكثير من الأحاديث الشريفة.
٧- كان ثقة متحرياً.
٨- له في المذهب اليد الطولى.
٩- كان لطيفا متواضعا ، مزاحا كيسا.
١٠- كان مقداما رجلا من الرجال.
١١- كان من أهل الولاء للمؤمنين و من أهل البراء من الكافرين.
١٢- روى عنه بالإجازة الفخر بن عساكر ، وإبراهيم بن حاتم ، وفاطمة بنت سليمان، والقاضي الحنبلي ، وسعد الدين ، وعيسى المطعم ، وأبو بكر بن عبد الدائم ، وأبو العباس ابن الشحنة ، وأبو نصر ابن الشيرازي ، وآخرون .
١٣- كان من السادة الحنابلة على مذهب الإمام أحمد بن حنبل.
ثانياً - لو فرضنا أن من أشهر النسب الحسني للشيخ عبد القادر الجيلاني هو حفيده قاضي قضاة بغداد السيد نصر بن عبدالزراق بن عبدالقادر الجيلاني فقط ، نقول هو عند الإمام الذهبي من الثقات و أهل الصدق و التحري .
ثالثاً - قال الإمام الذهبي عن نسب الشيخ عبدالقادر الجيلاني في كتابه (تاريخ الإسلام / الجزء ٣٩ / ص ٨٧ ) :
" و زاد بعض الناس في نسبه إلى أن وصله بالحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: ابن أَبِي عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن يحيى الزّاهد بْن مُحَمَّد بْن دَاوُد بْن مُوسَى بْن عَبْد اللَّه بْن مُوسَى بْن عَبْد اللَّه المحض بْن حَسَن المثنّى بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه" .!
و لكن!!!
السؤال الذي يطرح نفسه ، من يقصد ببعض الناس ؟!
بالتأكيد هم العلماء الفضلاء من أهل التراجم و علم الأنساب.
فمِن العلماء الذين ذكروا النسب الحسني الهاشمي للشيخ عبد القادر هو شرف الدين عبد المؤمن الحافظ النسابة الدمياطي المتوفي عام ٧٠٥ هجري في مخطوط كتابه معجم شيوخ الدمياطي حين ترجم لشيخه : "فضل الله بن عبد الرزاق بن عبد القادر بن جنكي دوست بن عبدالله بن يحيى الزاهد بن محمد بن داوود بن موسى بن عبدالله بن موسى الجون بن عبدالله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب.... كذا أملى علي نسبه هكذا إلى علي أبو المحاسن ".
- المخطوط الأصل لكتاب معجم شيوخ الدمياطي في دار الكتب الوطنية بتونس ، لوح ١٣٢ب .
و المعلوم أن الحافظ الدمياطي من شيوخ الإمام الذهبي . و قد قال الذهبي يصف شيخه الدمياطي في كتابه ( طبقات الحفاظ / الجزء الرابع/ ص ١٤٩ ) :
"وكان صادقًا حافظًا متقنًا جيد العربية غزير اللغة واسع الفقه رأسًا في علم النسب دينًا كيسًا متواضعًا بسامًا محببًا إلى الطلبة مليح الصورة نقي الشيبة كبير القدر".
فعندما قال الذهبي عن نسب الشيخ عبد القادر الجيلاني : "و زاد بعض الناس في نسبه إلى أن وصله بالحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه" فهو يقصد العلماء كالحافظ الدمياطي و أمثاله و ليس عوام الناس .
ثم إن هذا يؤكد أنْ ليس فقط نصر بن عبدالزراق بن عبد القادر الجيلاني من ذكر نسب الشيخ عبد القادر للحسن بن علي بن أبي طالب و إنما هناك آخرون من آل بيت الشيخ عبد القادر كحفيده السيد فضل الله كما ذكر الحافظ الدمياطي في معجم شيوخه .
■عاشراً : نسب الشيخ عبد القادر الجيلاني و الحافظ الدمياطي :
يتقول بعض المدلسين على الحافظ النسابة الدمياطي رحمه الله انه قال عن نسب الشيخ عبد القادر الجيلاني غير متصل قطعاً بالحسن بن علي بن أبي طالب و اعتبروا هذا النص طعناً بنسب الشيخ عبد القادر الجيلاني !!
و نرد عليهم و على من يحذو حذوهم بما يلي :
أولاً : هذا النص ليس على المتن بل على طرف الصفحة (انظر الصورة المرفقة بالإسفل و السهم الأحمر يشير إليها) و الخط فيه إختلاف واضح تماماً.
ثانياً : النص يقول : " أملاه علي من لفظه و حفظه و ليس بمتصل فإن بين الزاهد و محمد بن داوود".... يعني ان بين الزاهد و محمد بن داوود اسم ساقط و هو توهم منه لأن الإسم الساقط هو " محمد " و هو بين عبدالله و بين يحيى الزاهد في التسلسل الذي أورده، و بغض النظر عن موقع هذا الإسم فإن الواضح لكل من يعرف القراءة والكتابة انه يتحدث عن إسم ساقط و ليس عن نسب باطل!!
قلتُ : منذ متى يبطل النسب بسقوط إسم من عمود النسب؟!
و يكشف لنا هذا النص المستوى العلمي الضحل الذي يتمتع به هذا الطاعن، فالأمر هنا على حالين، إما أنه لا يعرف القراءة، أو أنه لا يفهم ما يقرأ.
ثالثاً : يؤكد النص أن نسب الجيلاني لم ينفرد به القاضي نصر بل كذلك آخرون من آل بيت الشيخ عبدالقادر الجيلاني .
■الحادي عشر : بخصوص الزعم بأن الشيخ عبدالقادر الجيلاني لم يقول أنه هاشمي :
يرد على هذه الشبهة العلامة ابن الفوطي توفي (٧٢٣هـ) في كتابه (معجم الآداب/ ج٥ - ص٧٠) : "و رأيت نسبه متصلاً بالحسن بن علي بن أبي طالب، ولكن الشيخ محيي الدين لم يكن يعتد به، و كان يمنع أولاده من التلفظ به".
لاحظوا ماذا قال العلامة ابن الفوطي : "وكان يمنع أولاده من التلفظ به"!!
و هذا طبيعي لرجل ولد في جيلان من بلاد العجم بإقليم طبرستان من بلاد فارس جاء إلى بغداد وحيداً غريباً طالباً للعلم و كان زاهداً عابداً ناسكاً متواضعاً أن لا يعتد بنسبه الشريف، ملتزماً أمر جده النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم حين قال : (( لا يأتيني الناس بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم )).
ثم إن هذه كانت عادة الرعيل الأول من أبناء الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، حيث قال أبو العباس محمد بن يزيد المُبّرد المتوفي عام ٢١٠ هجري في كتابه ( الفاضل/ ص ١٠٣ - ١٠٤ ) :
" أن علي بن الحسين ( زين العابدين ) كان إذا سافر كتم نسبه و ستر وجهه، فقيل له في ذلك، فقال: أكره أن أخذ برسول الله مالا أعطى مثله، و كان يقول : ما أكلت بنسبتي من رسول الله درهماً قط".
فالأرجح و الأصوب أن يُقال أن الشيخ عبد القادر الجيلاني كان لا يعتد بنسبه لأنه يعلم أنه لن ينفعه عند لقاء الله يوم القيامة ، لا أن يُقال أن الشيخ عبد القادر لم يقول أنه هاشمي.
و من الأسئلة التي تطرح أيضاً لماذا لم نجد ذكر لوالد الشيخ عبد القادر السيد موسى الملقب بجنكي دوست و جده عبد الله بن محمد بن يحيى في كتب معاصرة لهما ؟!
١) نقول أن هذا الفرع هاجر من الحجاز الى بلاد جيلان البعيدة جداً الواقعة في طبرستان ، و جيلان حسب الخرائط تقع على الحدود مع روسيا ، و شيء طبيعي أن لا تذكرهم الكتب في حياتهم لصعوبة الوصول إليهم و معرفة أخبارهم .
٢) يقول أبو الفرج الأصفهاني المتوفي عام ٣٥٦ هجري (أي قبل ولادة والد الشيخ عبد القادر الجيلاني السيد موسى الملقب بجنكي دوست) في كتابه ( مقاتل الطالبيين/ ص ٥٦٥ ) :
" على أن بنواحي اليمن في هذا الوقت و بنواحي طبرستان جماعة من آل أبي طالب قد ملكوا عليها ، إلا أن أخبارهم منقطعة عنا لقلة من ينقلها إلينا ، بل لعدمهم و فقدانهم ، و ينبغي أن تكون لهم أخبار قد فاتتنا و لم نقدر على علمها ".
︎قلت : و عليه يكون والد الشيخ عبدالقادر و جده من هؤلاء الذين ذكرهم أبو الفرج الأصفهاني الذين انقطعت أخبارهم بسبب الهجرة البعيدة . و أصحاب النوايا السليمة تكفيهم شهادة الشيخ عبد القادر وأولاده و أحفاده على صحة نسبهم فهم من الثقات و أهل الصدق . و يعلمون أن الإدعاء لغير الآباء محرم شرعاً و هم خير من إلتزم أوامر الشرع و تجنب ما نهى عنه .
و قد قال النسابة جعفر الأعرجي عن الشيخ عبد القادر الجيلاني في كتابه (مناهل الضرب/ ص٢٥٢ ) : " ثم إنه رجل كيلاني لم يضره إذا لم يعرف نسبه أحد من أهل بغداد، و هو غريب فيهم، و إنما يعرفه اهل كيلان، و قد أثبته العرفاء في جرائدهم، و أثبتوا نسبه...... إلخ" .
طيب ما الذي يثبت صدق الأعرجي ؟!
︎ قلتُ : أهل جيلان يشهدون بصدقه .
حيث يقول سبط ابن الجوزي المتوفي عام ٦٥٤ هجري في كتابه ( مرآة الزمان في تواريخ الأعيان/ الجزء ٢١ / ص ٨٠ ) :
" و قال أبو سعد الهاشمي الجيلي و أم الخير بنت أبي بسام الجيلية عندما ولد الشيخ عبد القادر : و اشتهر ببلدنا في ذلك الوقت أنه ولد للأشراف ولدٌ لا يرضع في نهار رمضان ".
■الثاني عشر : أما القول بأن الشيخ عبد القادر الجيلاني من قبيلة بشتير :
نقول لا يوجد قبيلة بهذا الإسم و هي من إفتراءات مَنْ يحاول التشكيك بنسب الشيخ عبد القادر الجيلاني، و بشتير أسم بلدة في جيلان ، حيث قال ياقوت الحموي (توفي ٦٢٦هـ) في كتابه (معجم البلدان/ الجزء الأول/ ص٤٢٦ ما يلي :-
"بُشتير : بالضم؛ و التاء المثناة المكسورة و ياء ساكنة :
موضع في بلاد جيلان ينسب إليه الشيخ الزاهد الصالح عبدالقادر بن أبي صالح الحنبلي البشتيري".
■الثالث عشر : الدور الكبير لدولة إيران الصفوية بالطعن و التشكيك بنسب الشيخ عبد القادر الجيلاني :
لا يخفى على أحد ما فعله ا الشاه عباس الصفوي حاكم دولة إيران في عموم المسلمين في بغداد حين هاجمها و إستولى عليها عام ١٠٣٢ هـ ، لقد بذل قصار جهده في إهانة المسلمين فيها و التطاول على دمائهم و رموزهم و مقدساتهم و أموالهم و أعراضهم حتى أُطلق على ما فعله في بغداد أسم " مذبحة بغداد " .
و كان ممن تعرض له و أتباعه ضريح الشيخ عبد القادر الجيلاني الهاشمي.
حيث يقول المحبي في كتابه (خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر / الجزء الأول / ص ٣٨٣) :
"حكى الشيخ عثمان الخياط أنه ( أي الشاه عباس الصفوي ) رفس برجله صندوق ( أي قبر ) الشيخ عبدالقادر و ألقى عمامته عن الصندوق و سمر بابه ( أي أوصده بالمسامير ) و إتخذ تسكينه ( أي مقامه و تكيته ) إصطبلاً للخيل و الجمال و فعل بقبر الإمام أبي حنيفة أكثر من ذلك، فقال له السيد دارج و كان نقيب أشراف بغداد : الشيخ عبدالقادر شريف فلِمَ تهينه ؟! فقال جماعة من أتباع الشاه إسماعيل الصفوي ليس بشريف ، و قال له رجل نزل بباب الأزج إجعل للشيخ إهانة عظيمة يهلك بها أهل السنة و هي أن تسد جميع المراحيض في باب الأزج و تسد باب مزار الشيخ عبد القادر و تفتح من القبة طاقة على قبر الشيخ فجميع من كان مراده أن يبول و يتغوط تنزل فضلاته على قبر الشيخ ".
و نستفيد من هذا الكلام أن الشيخ عبد القادر الجيلاني كان مشهور بالشرافة قبل استيلاء عباس الصفوي على بغداد بإعتراف نقيب أشرافها في ذلك الزمان، و سبب الطعن بنسبه لإغاظة أهل السنة والجماعة الذين كانوا يعظمون و يحترمون و يحبون الشيخ الجيلاني .
■الرابع عشر : القول أن الإنتساب للشيخ عبد القادر الجيلاني هو انتساب طريقة و ليس انتساباً حقيقياً :
أولاً : الجدير بالذكر أن الناس قبل دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب التميمي النجدي رحمه الله كانوا إما صوفية بطرقها المختلفة أو شيعة إثنا عشرية أو زيدية أو إسماعيلية أو غيرها من الطوائف و المذاهب إلا من رحم ربي ، و هذا كان من أهم الإسباب التي دعت الشيخ محمد بن عبدالوهاب لنشر دعوته . و من يقرأ في كتب الشيخ محمد بن عبدالوهاب يتيقن من ذلك، و من يقرأ في كتب التراجم و السير يجد عائلات هاشمية كثيرة صريحة النسب كانت صوفية أو شيعية . و عليه لا علاقة لطرق العبادة و المذاهب و الطوائف بالأنساب. لذلك من السفه و الحماقة و الغباء التعميم على أن كل المنسوبين للشيخ عبد القادر الجيلاني هم أتباع طريقة .
و مثال على ذلك ؛ أسرة الأمراء الهواشم و هي الأسرة التي حكمت الحجاز قبل الأشراف القتادات، فقد كان جدهم الأمير الشريف محمد بن أبي هاشم رافضي معادي لأهل السنة والجماعة، و معلوم أن نسبهم الهاشمي من أصرح أنساب بني هاشم فلم يخلوا كتاب أنساب من ذكرهم. حيث ذكر العلّامة يوسف بن تغري الاتابكي في كتابه (النجوم الزاهرة في ملوك مصر و القاهرة / ص١٠٩) : " أن سبب موت هيّاج بن عبيد بن الحسين الحطيني أن أحد الرافضة شكاه إلى صاحب مكة محمد بن أبي هاشم، قال : إن أهل السنة يستطيلون علينا بهيّاج، و كان صاحب مكة المذكور رافضياً خبيثاً، فأخذه و ضربه ضرباً عظيماً على كبر سنه، فبقي أياماً و مات و قد نيّفَ على الثمانين سنة، و دفن إلى جانب الفضيل بن عيّاض، رحمة الله عليهما، و لما مات قال بعض العلماء : لو ظفرت النصارى بهيّاج لما فعلوا فيه ما فعله به صاحب مكة هذا الخبيث! ".
فهل نطعن بنسب الأمراء الهواشم لأن جدهم كان رافضي خبيث ؟!
ثم على ماذا تنقمون من الشيخ عبد القادر و تتطاولون عليه و على نسبه بحجة أن أهل البدع و الضلال و القبورية تستروا بطريقة سُميت بإسمه ؟!
ألم تقرأوا في تاريخ مكة المكرمة قبل ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله؟!
نعم مكة مسقط رأس قريش وبني هاشم !
يقول الشيخ محمد بن عبدالوهاب التميمي النجدي في كتابه ( الدرر السنية / م٧ / ص ٩٧ ) :
" إن فساق مكة حشو الجنة مع أن السيئات تتضاعف فيها كما تتضاعف الحسنات، فإنقلبت القضية حتى آل الأمر إلى الهتيميات المعروفات بالزنا، و المصريات يأتون وفوداً يوم الحج الأكبر كل من الأشراف معروفة بغيته منهن جهاراً و أن أهل اللواط و أهل الشرك و جميع الطوائف من أعداء الله و رسوله آمنين فيها ، و أن من دعا أبا طالب آمن و من وحد الله و عظمه ممنوع من دخلوها و لو استجار بالكعبة".
قلت : إذا كان هذا حال مكة و أهلها فما بالكم بحال الناس في بقية البلدان؟!
ثانياً : يقول النسابة جعفر الأعرجي توفي عام ١٣٣٢ هجري أي قبل ١١٠ سنوات من الآن، في كتابه (مناهل الضرب في معرفة أنساب العرب / ص ٤٤٦) :
" من كان من ذرية الشيخ عبد القادر الجيلاني عليه علامة الشرف دون غيرهم من القادريين ممن ليس من نسله".
يقصد الأعرجي : أن أحفاد الشيخ عبد القادر الجيلاني كانوا مميزين عن أتباع الطريقة القادرية في زمانه .
و أخيراً نحن لا ننفي وجود الإنتساب طريقةً و لكن نطالب التمييز بين الحقيق و اللصيق ، و هذه وظيفة علماء الأنساب الأتقياء الأنقياء .
- بقلم : د.مازن سعيد مبارك الزعبي - إربد .
◇◇◇◇◇◇◇