لا عزاء للفقراء .. !

هل صحيح أن الموت هو النهاية الوحيدة لعمر الإنسان وأن الأجل المحتوم هو نهاية ألرحله التي تبدأ من اللحظات الأولى من وصوله إلى هذه الدنيا ...؟
بعض من يقرأ هذا الكلام سيقول وما هو الجديد في ذلك ..؟!
إن طرح مثل هذا السؤال وفي هذا الوقت بالذات يحمل ابعاداً كثيرة نحياها بعلمنا او دون علمنا لكننا نحياها .. ودون إن أطيل فأنا أتصور أن هناك أمواتاً كثيرون بيننا حتى وان لم تكن الحياة قد فارقت أجسادهم بعد .!!!
ولعل في مقدمة هؤلاء الناس أولئك الجالسون في بيت العزاء الذي يتقبلون فيه التعازي بأنفسهم وهم على قيد الحياة .. شاب في ربيع العمر , وآخر كهل , وعجوز شمطاء كلهم يموت جوعاً في مدن الأحياء الأغنياء .. وأجسادهم تسير نحو الفناء ببطء شديد على مرآي ومسمع الأشهاد ..
وبعد .. كيف لنا اعتبار مثل هؤلاء أحياء وقد فقدوا أية صلة بالأمان وغرقوا في متاهات الجوع والحاجة بفعل من انغمسوا في وسخ الدنيا أو تمنطقوا بأخلاق وسلوك ينكرها التعامل النظيف بين البشر وحمل المسؤوليه بأمانه ..!!!! فمن اجل هؤلاء نقف على رؤوس أصابعنا فوق طرقات من نار هذه النار التي تلسع قلوبنا قبل أقدامنا لنقول ...
سلام على الجالسون والواقفون في بيت العزاء .. سلام على من يرقبونه من بعيد .. سلام على من يعضون على الحزن والجوع بالنواجذ .. سلام على من يلملم الدمع وما تناثر من حريق .. سلام على من تسلح بالصبر زاداً لأيام قادمات قاحلات .. سلام عليكم يا من تلتفون على أنفسكم ليلاً تبكون ظلم ذوي القربى .. سلام على الحناجر المبحوحة من أثر وتكرار كلمة ( لا ) .. سلام عليكم يا من أقبل رؤوسكم وأحتقر مضطهديكم .. سلام عليكم يا من نفضتم عن أجسادكم كسل الخوف وأصبحتم منارة وقودها الجوع والأسئلة .. سلام على ما تعلق بأرواحكم من وهن وبأقدامكم من لهاث .. سلام على كل من شلح همه على أعتاب الوطن ولم يجد من يستمع إليه .. سلام على كل من أشعل الكلمات كي يطفئ جمر الخوف ... !!! عزاء واحد يكفي ليظهر ما كنتم خبأتموه في بطون الوسائد وتحت الفراش من خبز ناشف وأمنيات .. تبارك حزنكم أيها الصابرون .. لا واحده تكفي لتكتشفوا أن الجوع قد حرك فيكم شيء من الغضب .. لا واحده تكفي لتؤكدوا أن أفواهكم لكم وليست لمن شربوا على أجسادكم نخب الخيانة ..! تيمموا , نعم تيمموا إن جفت ينابيع الماء في خيامكم وبيوتكم وأقيموا الصلاة يا من أقسمتم بهذ البلد أنكم ما بعتم ولا اشتريتم وما خنتم والد وما ولد فأنتم يا سادتي البلد وانتم الوالده وانتم الولد ..!
وتصبحون على حياة بعد موت ..!

MOQEEM98@YAHOO.COM