تشاءُ الصدف أن ألتقي بالدكتور والباحث عبد الله الناصر الخصاونه في منزل الكابتن الطيار راضي التل في أجتماع عقد في منزل الاخير لأجل إيجاد أتحاد للصحافة الالكترونية ، ويومها تلقيت دعوة كريمة من الدكتور عبد الله الناصر لحضور مؤتمر لإشهار دراسة أجراها عن السجناء وإدماجهم في المجتمع المحلي والدراسة جاءت في كتاب بعنوان "صدمة الافراج".
يحتوي الكتاب على معلومات قيمة عن المساجين القابعين في السجون الأردنية ، والغريب في هذه الدراسة هو نوع و كم المعلومات الإنسانية التي تحتويها ، حيث لأول مرة في حياتي أسمع عن "نزلاء الشتاء" على أن الأسم رومانسي جداً وله إيحاءات "من تحت لتحت" ولكن في الحقيقة هو مؤلم فكلمة " نزيل " التي تقطلق على زبائن الفنادق تقال " للمساجين " مليئة هذه الحياة بالمفارقات الجميلة أحيانا والصاعقة أحيانا أُخرى ، فقط يتوجب علينا ان نغض البصر قليلا عن سبب وجود كلِّ منهما في المكان الذي هو فيه ، فنزيل الشتاء في السجون هو شخص بلا مأوى وبلا طعام أو شراب ، يعاني من اضطرابات نفسية انهزامية يفضل ارتكاب جريمة يُسجن بموجب جُرمها على أن يبقى طليقاً حراً ، تخيلوا كيف يقايض أنسان حريته بماء وطعام وشراب ومأوى فالسجن أفضل لأنه سيجد " كل شي ببلاش ... لاهم كاز ولا غاز" ... او كما قال عمي المرحوم عبد المجيد "لا أجار دار ولا وقّّاد نار ".
عموما في تلك الدراسة تطرق الدكتور عبد الله الناصر وبشكل أساسي لما يعانيه المساجين وأهاليهم بعد الافراج عنهم سواء أكان الافراج بعد إنقضاء محكوميتهم أو صدور عفو ، حيث تبدأ المعاناة الحقيقية لمعظم هؤلاء المساجين في الانخراط في مجتمعهم الذي لم يغادروه منذ زمن بعيد، يجد المسجون نفسه معزولاً يواجه "المجتمع الذئب" ، لا أحد يريد ان يتزوج ابنته ولا أحد يريد توظيفه "ما قُلنا خرّيج حبوس".
الهدف من الدراسة كان ايجاد برامج توعية وتأهيل لإدماج هؤلاء المساجين وأهاليهم بالمجتمع المحلي ومحاولة نشيطة من الدكتور عبد الله الناصر لمحو ذلك التاريخ الأسود من سجل السجين في ظل أنظمة وتشريعات لا يجد فيها المواطن عملاً دون شهادة عدم محكومية فكلمة "السجن للرجال" ما عادت تُقنع أحداً ... كل هذه الدراسة وهذه البرامج لتخليص السجين وأهله من "صدمة الافراج" نعم فالأفراج وانتهاء مدة المحكومية تتحول الى صدمة ويجب النهوض بالسجين واهله للخروج منها.
قريباً الشعب الأردني عن بكرة أبيه سيعاني من "صدمة الافراج" اذا ما أطلق سراح من تم زجهم بالسجون أو طلبوا للتحقيق من الفاسدين تحت ضغط عائلاتهم.
"ها كيف لعاد ... !!!"