أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
استشهاد 141 صحفيا في غزة منذ بداية الحرب خبير عسكري أردني يرجّح اقتحام رفح الاثنين أو الثلاثاء واشنطن: الجيش الروسي استخدم "سلاحاً كيميائياً" ضدّ القوات الأوكرانية غزة: خطر كبير يتهدد خزان بركة الشيخ رضوان بسبب تدفق المياه العادمة التعاون الاقتصادي والتنمية ترفع توقعاتها للنمو العالمي لعام 2024 الملك ينبه إلى العواقب الخطيرة للهجوم على رفح مستوطنون متطرفون يهاجمون تجمع عرب المليحات البدوي غرب أريحا "عمل الأعيان" تلتقي لجنة "العمل النيابية العراقية" ببغداد مذكرة تفاهم لتعزيز خدمات التجارة العربية البولندية الحنيفات :تغير المناخ وأمن الغذاء أبرز تحديات قطاع الزراعة تقرير أممي: حرب غزة أدت إلى تراجع التنمية البشرية في فلسطين 17 عاما بلاغ مرتقب بعطلة رسمية الشهر الحالي وزارة العمل:يحق للعامل الحصول على 14 يوم اجازة لأداء فريضة الحج الاحتلال يعتقل 8550 فلسطينيا في الضفة منذ 7 أكتوبر اليونيسف تحذر من "كارثة" حال هاجم الاحتلال رفح بلينكن: يستحيل وقف الحرب شمال "إسرائيل" ما دامت مستمرة بغزة تراجع قيمة مستوردات المملكة من الأدوات الآلية و الآلات الكهربائية الملك يعقد لقاء مع الرئيس الإيطالي ويؤكد ضرورة وقف الكارثة الإنسانية في غزة الحبس 3 سنوات بحق صاحب أسبقيات اعتدى على إمام مسجد بـ"موس" في الأردن أكثر من 80 مستوطن اقتحموا المسجد الأقصى صباح اليوم
الصفحة الرئيسية مقالات مختارة إكذب حتى يصدقك الناس

إكذب حتى يصدقك الناس

03-08-2023 11:04 AM

يُعَدُّ فن الدعاية وسياسة الكذب فصلاً مهماً في فصول التاريخ الحديث، وقد اتخذ أكثر الأحيان صور مختلفة عن أسلوب الكذب الصريح، فكان الحل في أن يكون التعبير دبلوماسياً، أي يؤطر المضمون بكلمات غامضة، ولا تشير إلى معنى واضح أو إجابة محددة المعالم، لكن أسلوب الكذب والدعاية المزورة كان ملفتاً للنظر في بعض الأنظمة السياسية، وكان أشهرها على الإطلاق نظام الدعاية الإعلامية.

يُعَدُّ جوبلز وزير الدعاية النازية ورفيق أدولف هتلر أحد الأساطير في الإعلام الكاذب، وهو صاحب الشعار الشهير «اكذب حتى يصدقك الناس»، واعتمد من خلال الكذب الترويج المستمر لمنهج النازية وتطلعاتها، واستخدم الحرب النفسية لتحطيم الخصوم من الجانب الآخر. وقد أكدت ظاهرة جوبلز هذه أن إحتكار وسائل الإعلام قد يملك القول الفصل في الحروب الباردة والساخنة على المدى القصير. لكن آثارها السلبية تكون كارثية نتيجة الإفراط في إستخدامها على المدى الطويل، فالمجتمعات تفقد ثقتها في الخطاب المتشنج والأحادي حين يطول، لكن خوفها من البطش من قبل السلطة يدفعها إلى الصمت وعدم التعبير، ولو كان النظام قريباً من حافة الانهيار، وقد كان انهيار برلين فصلاً تاريخياً مهماً في فشل أسلوب الدعاية، فالأحادية ومنهج الترويج الزائف عادة ما ينتهي في صورة مروعة.

كان جمال عبدالناصر والإعلامي أحمد سعيد ثنائياً آخر في فنون الحروب الدعائية واعتماد سياسية الكذب في تاريخنا العربي الحديث، فقد كان سعيد بوقاً للدعاية والدجل لأفكار الزعيم وآرائه في الآخرين، وأجاد أحمد سعيد في فنون الكذب عبر إذاعة صوت العرب عندما نقل بيانات عسكرية منسوبة لمصادر عسكرية تخبر عن انتصار ساحق لمصر وعن إسقاط عشرات الطائرات الإسرائيلية، في الوقت الذي شهدت فيه جميع الجبهات هزيمة ساحقة للجيش المصري من قبل الجيش الإسرائيلي وقصف للطائرات المصرية وهي على الأرض وقبل أن تقلع من المدارج.

كانت هذه الثنائيات تعبر عن حجم الإستبداد السياسي في تلك البلاد، وعن وصول سياسة القمع إلى درجات غير مسبوقة، فقد كان وزراء الدعاية النازية يعبِّرون عن إرادة الزعيم رغماً عنهم، ولا يجرؤ أي منهم أن يحيد عن الخطاب الموجه إليه، فكانوا مجرد أبواق لدعاية إعلامية ممزوجة بالكراهية والتحريض والعنف، وتعبر عن واقع سياسي داخلي مرير، فالقمع وفرض رأي واحد فقط يثير الرعب في نفوس الآخرين.

تلك كانت أحد آفات الإستبداد السياسي في عقود خلت، ومهدت الطريق إلى إجتياح غربي للحضارات المجاورة، فقد أجاد الغرب في فرض مساحة مقننة في التعبير، وحاربوا في بلادهم كل الطرق التي تؤدي إلى النازية أو الأحادية المطلقة، ولهذا قاومت الولايات المتحدة المكارثية التي كادت أن تعصف بأقوى دولة في التاريخ الحديث، فالدول التي تحظى بتعدد الآراء وتنوع العقول وإستقلالها النسبي، قادرة أكثر في الإستمرار في خط الحكمة في السياسية.

السلطة العليا قدر لابد منه في المجتمعات البشرية، وضرورة ماسة لحفظ الأمن والوحدة والإستقرار في البلدان، لكن سلوكها في الحالتين السابق ذكرها خروج سافر عن التقليد الأمثل للسلطة الأعلى، وذلك عندما قرر الزعيم إنزالها إلى الشارع في مهمة تكميم الأفواه وحراسة العقول، فكانت النتيجة صمتاً إختيارياً للجميع في فصل السقوط الأخير.

ختاماً كان شعار جوبلز «اكذب حتى يصدقك الناس» خاطئاً بكل ما تعنيه الكلمة، فقد أثبت خطأه عبر التاريخ مراراً وتكراراً، والصحيح هو أن لا تكذب حتى يصدقك الناس، فالمصداقية في الخطاب السياسي والإقتصادي تحظى دوماً بالإحترام، مهما كانت مختلفة في الرأي أو الرؤية العامة.

الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي








تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع