أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
العفو العام يشمل غرامات الإقامة وتصاريح العمل 3452 طنا من الخضار والفواكه بالاسواق المحلية القسام تستهدف ناقلة جند للاحتلال في رفح البنك الدولي: الصندوق الأردني للريادة دعم 124 شركة ووفّر 1700 وظيفة الأمن يُلقي القبض على سارق مركبتين في الزرقاء نتنياهو: مصممون على الانتصار المطلق انخفاض أسعار الذهب 30 قرشاً بالاردن الشواربة يحذر موظفي الأمانة من التدخل بالانتخابات غالانت: هذه الحرب ستستمر حتى تفكيك حماس تونس .. تسمم بمادة كحولية يودي بحياة 4 أشخاص الاثنين .. أجواء مائلة للبرودة مدعوون للتعيين بمؤسسات رسمية .. أسماء نيويورك تايمز: جدل حول سلطة يحيى السنوار في "حماس" إسقاط الودائع مقابل "رأس جميلة" و6 شركات .. هل ينقذ العرض السعودي اقتصاد مصر؟ توفر وظائف بالفئة الأولى في وزارة العمل .. تفاصيل إطلاق مبادرة "ماما لاتدخني" شركة ناقلة للنفط: كميات نفط متفق عليها مع العراق لم ننقلها لظروف لوجستية الأردن .. الحبس لـ(سيدة) قتلت طفلتها لرفضها تنظيف (الصالون) حجازي يحذر الحكومة من تزايد أعداد السكان مواطن يجهّز 103 نياق لنحرها ابتهاجا بزيارة الملك للزرقاء

السلك الأحمر

10-04-2011 05:16 PM

درجت الشعوب بكل بقاع الدنيا على وضع غطاء للرأس حماية له من حر الشمس أو برد الشتاء, فلا أكاد أعرف شعباً لم يضع الغطاء على راسه بمرحلة معينة من تاريخ حياته باستثناء العبيد طبعاً وذلك للنظرة الدونية لهم كونهم لا يستحقون (بنظر جلاديهم) أن يتقوا حر الشمس لأن النتيجة واحدة وهي الموت أو يكمل مشواره بالعبودية والأمران سيان عند الطرفين.  وتعددت أشكال هذا الغطاء للشعوب فمنها القبّعة بأشكالها المختلفة باختلاف درجة الحاجة لها حيث تختلف القبعة القطبية والدول الباردة عن قبعة الكاوبوي الأمريكي نفعنا الله ببركاته ومعونته. 

  و لم يشذ العرب عن هذه الشعوب فاتخذوا على مر العصور ما يناسب بيئتهم من أغطية متنوعة للرأس ولكنهم أضافوا لها بعداً اجتماعياً تلزم الفرد أن يلبس الغطاء على رأسه, وتعيب عليه عدم لبسه إذا خرج من البيت. ويلبس هذا الغطاء مع العقال الذي تقول بعض الروايات أن العرب اثناء خروجهم من الأندلس اتخذوه كخيط اسود حدادا على خروجهم من تلك لبلاد.  وهناك طريقة أخرى وهي أن يلبس الغطاء على الطريقة العمانية بما يسمى العمامة العمانية أو المصر.  وإذا أخذنا بالقول السابق أن العقال إنما ظهر بعد خروج العرب من الأندلس, يتضح لنا أن الأصل بطريقة لبس هذا الغطاء هو الطريقة العُمانية لأن العقال ظهر لاحقاً.  وبرز من هذه الأغطية الشماغ بألوانه المختلفة حيث أنه بالخليج لا يقتصر على الأحمر أو الأزرق, وبالمناسبة لا يطلق على الشماغ الفلسطيني الأسود رغم خطوطه السوداء إنما يقال الشماغ الأزرق, وذلك لارتباط السواد بالحزن. 

لكننا بالأردن جعلنا من الشماغ الأحمر رمزاً, والسبب يعود باعتقادي إلى أنه كان لباس فئة كبيرة من الجيش عرفت بالحرس الوطني قبل أن تتحول الى الجيش, وكذلك تلبسه قوات البادية. ولم اجد سبب آخر لاتخاذنا له رمزاً.  فنحن جميعا بالأردن كلنا أبناء جيش ولهذا نقل الآباء والأجداد الكثير من عادات الجيش للحياة المدنيّة أثناء الخدمة وبعد التقاعد ومنها الشماغ, وهذا أيضا يفسر سبب ولعنا بالأغاني العسكرية التي يُطلق عليها الوطنية. 

أما الشماغ الأزرق فقد كان لباس الثورة الفلسطينية قبل قيام الكيان الصهيوني إضافة إلى أنه كان لباس الفلاحين قبل الثورة.  ولهذا أصبحت قوات الانتداب والعصابات اليهودية تقتنص الثوار عند قيامهم بأحدى العمليات لسهولة التعرف عليهم من شماغهم الأزرق لأن أبناء المدينة كانوا يلبسون الطربوش كاهل الشام.  لذلك صدر أمر من قوات الثورة بإلزام أهل المدينة بخلع الطربوش ولبس الشماغ الأزرق , وهناك مقولة طريفة حول هذه القضية نترك المجال للإخوة من أهل المدينة بفلسطين ليخبرونا بها, أما نحن فلن نذكرها حتى لا حدا يزعل علينا.  كما كان للرئيس ياسر عرفان دوره البارز بنشر مفهوم الشماغ الأزرق كرمز فلسطيني بعد أن لبسه وعُرف به وجال الدنيا حاملا هم القضية. 

أما الحطة فهي نوع آخر من أغطية الرأس, وهي من اللون الأبيض. وهذه اشترك فيها العرب جميعهم فتجدها في بلاد الخليج كذلك,  فهي لباس الشِيخة لأنها (الخفيفة) لا تتحمل عناء العمل بما يصاحبه من عرق العامل أو أشياء أخرى لنصاعة بياضها. كذلك فإن الحطة هي لباس الصيف في حين أن الشماغ بالوانه المختلف هو لباس الشتاء, أو الأجواء المكيّفة.   واذكر أن لباس رأس العريس (أيام زمان طبعا) كان الحطة يسدل طرفاها على الجانبين طبعاً والعقال المرعز فوقها.  

 قرأت كما قرأ غيري مقال الأستاذ يوسف غيشان حول أصل الشماغ كما أنني سمعت بها من قبل. و بغض النظر عن مدى صحة مثل هذه الروايات فلا أتفق معه بضرورة عرضها بنفس الطريقة.  فمهما يكون اصلها الا أن الشماغ بلونيه أصبح رمزاً فلا يجوز أبدا أن نتناوله بهذا الأسلوب الساخر بحجة تأطير الأشياء.  أذكر نوعاً من القماش الرخيص اسمه (صوف ربيعي) ولا يتجاوز ثمن المتر منه النصف دينار , لكن اذا وضعنا قطعة سوداء وبيضاء وخضراء ويجمعهم مثلث أحمر  يصبح رمزاً يحمله كل عربي في قلبه, واذا توسط المثلث نجمة سباعية بيضاء يصبح رمزاً يرفرف فوق جبال عمان السبعة وهو العلم.  لا يجوز ابدا تناول القضايا الرمزية بهذه الطريقة. 

لهذا نجدنا بالأردن وفلسطين ومن شدة حبنا لهذه الأغطية أعطيناها العديد من الأسماء, فالشماغ هو أيضا السلك والكوفية, والحطة هي الشورة  والقضاضة والغُترة, ويطبق على العقال كلمة المرير.  وربما كذلك نكون الشعب الوحيد الذي غنى للشماغ والحطة: 

 هدبتلي شماغي الاحمر بيدها وغزلت علم (أغنية وطنية) 

يما فوق السيارة شفته بشماغه الأحمر, يزهي مثل النوارة شالع قلبي هالأسمر (أغنية عسكرية) 

يا بو الشماغ الاحمر دير الهدب ع ثمك واصبر تايجي الموسم ويصير ابوي عمك (أغنية ريفية بالأعراس) 

  ومن الملاحظ أن الشماغ حظي بأغاني العسكرية وحتى عندما حاولت المغنية أمل شبلي أن تجعل من الشماغ لوناً للحب فقالت فالسلك الحمر لبسه غوانا, إلا أنها (قلعت العين إن لدت تلاها) ولا أدري ما ذنب الذي (يلد تلاها) معجباً بشماغها.  

أما الشماغ الأزرق فقد غنت له فرقة تراثية فلسطينية أمام الرئيس عرفات وهو مبسوط أخر انبساط عندما كانت الصبايا تغني : علّى الكوفية وعلّي ولولح بيها.   

أما الحطة فكانت رمزاً للحب الشِيخة كما أسلفت ولقد غنت لها سميرة توفيق فقالت: يابو قضاضة بيضا غير عليّه لونه ويش اقول يايمه.   

ما يهمنا هو أن هذه الخصوصية للشماغ (هذا اللون يمثل هؤلاء وذاك يمثل أولئك) إنما تظهر في وقت الأزمات للأسف فتفرّق بدلا من أن تجمّع.  و قبل ذلك لم يكن هناك فرق أبدا.  لا أذكر أنني رأيت والدي أطال الله في عمره يلبس الشماغ الأحمر و إنما كان يلبس الشماغ الأزرق, ثم غيّر للحطة. و قد شاهدت السيد إسماعيل هنية في أكثر من مناسبة يلبس الشماغ الأحمر بعد استقل بغزة.  

لقد كان الشماغ على الدوام رمزاً وطنياً فلا يجوز لبسه على الخصور للدبكة والرقص,  أو تلبسه مغنية لتغني أغنية لا تمت إلى هذا الموضوع بصلة. ولا يجوز أن نلبسه بالمباريات من نوع المجاكرة لأن بهذا تفريق للأمة وكذلك فأنه ربما يتعرض للأهانه وعدم الاحترام وهذا لا يليق بهذا الرمز الوطني.

 

سمعت عن الأمام الغزالي وهو مصري انه ألغى صلاة العيد بأحدى محافظات مصر لأن المسلمين هناك اختلفوا أين يصلوها بالمسجد أو بمكان عام.  وعندما سألوه عن سبب إلغاء الصلاة قال صلاة العيد سنة ووحدة الأمة فرض, والفرض يتقدم على السنة. 

فإذا كان الشماغ سيستخدم هذا الاستخدام التفريقي فلا ضرورة له رغم حبي له لأني ألبسة بالمناسبات  وأحب أن أظهر فيه بكل مناسبة وخاصة بالاحتفالات.  فالشماغ ليس فرض ولا سنة بينما وحدة الأردن فرض عين. هذا (إذا) كانت المشكلة مشكلة الشماغ, لكن الخشية أن تكون المشكلة أكبر من الشماغ, ولكننا نحمّل الشماغ وزر كل مصيبة كما ينسب العرب جميعاً لأصحاب الشماغ (بلونيه) سبب عدم تفرغهم لتوفير رغد العيش لشعوبهم بأنهم يدعموا أصحاب الشماغ للصمود والتحرير. 

فيا أصحاب الشماغ اتحدوا ولا تتفرقوا. 

alkhatatbeh@hotmail.com   

alkhatatbah.maktooblog.com





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع