ألمقابلة الشخصية للمتقدمين لوظيفة ما مهمة جدا للتأكد من مدى أهلية الشخص المتقدم في الحصول على هذه الوظيفة من خلال معرفة قوة شخصيته وقدرته على حسن التدبر والتصرف في المواقف الطارئة، وكذلك للتأكد من سماته الشخصية ألأخرى كحسن النطق والقدرة على التعبير الشفوي ومهارة إطلاق الأحكام وسرعة البديهة.
لا أحد يمانع في إجراء مثل هذه المقابلات للتأكد من هكذا امور هامة جدا تساعد في اختيار الشخص المناسب للوظيفة المناسبة.
لكن الطامة الكبرى تتجلى في سوء الأمانة لدى البعض من أعضاء لجان المقابلات الذين يخضعون في قراراتهم لكل عوامل الفساد التي يتم اللجوء اليها في مجتمعنا الأردني من واسطة ومحسوبية وعلاقات قربى، وتبادل المصالح من باب " نفع وانتفع".
وللأسف فأن المقابلات الشخصية المكملة للامتحانات التنافسية في اختيار الموظفين في القطاعين العام والخاص قد أصبح يشوبها أحيانا الفساد والشبهات، مما أفقدها المصداقية وعمل على إحباط المتقدمين للوظائف المختلفة، وأصبح هاجس المتقدم لها أن يبحث عن جهة ما تتوسط له لدى هذه اللجنة أو لدى البعض من أعضائها إن امكن.
وأنا هنا لا أتكلم عن مقابلات وزارة التربية والتعليم بالدرجة الأولى بل عن كافة المقابلات التي تجري في القطاعين العام والخاص حيث يدخل المزاج والعلاقات الشخصية كعامل مؤثر جدا في الكثير من قرارات هذه اللجان.
لا شك أن تقرير مصير ومستقبل شخص ما يبحث عن عيش كريم من خلال وظيفة ما أمانة في أعناق من يجرون مثل هذه المقابلات، ويقول الله تعالى في حفظ الأمانات: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ }.
وأنا هنا لا أعمم ولا أنكر أن هناك الكثيرون من أصحاب الضمائر الحية ممن يخافون الله ويضعون تقوى الله بين عيونهم، ولا يقبلون أبدا خيانة هذا الأمانة التي وضعت في أعناقهم. لكن هناك أيضا من يؤمنون اننا في عالم الغاب وأنك "إذا لم تكن ذئبا اكلتك الذئاب" حتى ولو من خلال ظلم الآخرين والسطو على حقوقهم.
وللتخفيف من أثر الفساد بين هذه اللجان ولنكن أكثر واقعية وأقرب الى الجانب العملي في هذا الشأن ، لابد للجهات المنظمة او المسؤولة عنها ألا تفشي أسماء أعضاء اللجان وأن تجبرهم على حلف اليمين للإخلاص وعدم التحيز، وتغليب العقل على العاطفة عند اتخاذ القرار، واعتبار العمل أمانة يسأل عنها الشخص أمام الله. ، ولابد أيضا من تخفيض العلامة المعطاة لمثل هذه المقابلات.
فالنفس البشرية أمارة بالسوء والخضوع للضغوط الاجتماعية وارد جدا، وبالتالي فلا مناص من عدم إعطاء مثل هذه المقابلات حصة الأسد من الدرجة الكلية تحقيقا للإنصاف والعدالة بين المتقدمين.