في تقرير صحفي قصير جدا وبعنوان " لسه في حمير في البلد " ترددت كثيرا قبل كتابة العنوان ونشر الصور المرافقة له من باب أن هناك أدب في الكتابة وفيما يقصد من وراءها بغية الابتعاد عن توجيه الاهانات للأشخاص ربما يفهمون محتوى التقرير بخلاف ما قصدت ، ولكنني في النهاية نشرت التقرير وانا اضع يدي على قلبي وكانت النتيجة أن التقرير فهم كما اردت ولم يتم تجييره لأية نية سيئة من قبل أحدهم .
ولكن حقيقة أن هناك " حمير " في البلد هي واقعة ولايمكن إنكارها وفقط من باب واحد وهو أن هذه الحمير لايمكنها أن تقوم بتغيير طريقها اليومي للحقل أو للزريبة التي تنام بها لأنها لاتملك عقلية التطور والمغامرة والايمان بأن التاريخ ينمو بشكل حلزوني ولايمكن أن تبقى النهاية هي واحدة في جميع دوراته الطبيعية وعلى كافة مستوياته الجغرافية أو الاجتماعية او الاقتصادية أو السياسية ولذلك تجده يسير بنفس الطريق رغم الكثير من التغيرات التي تصيبها.
وليس بعيدا عن " الحمير " يقال من الامثال التي يستند لها بعض الناس كي يتوهموا انهم قادرين من خلالها على تحليل الواقع واعطاء وجهة نظرهم فيه والخروج بحقائق " عرق الحياء ..طق " ، وشرح لهذا المثل يقال عندما يرتكب الانسان خطأ كبيرا وهو في موقع مسؤولية إما اجتماعية أو سياسية أو دينية ويؤدي هذا الخطأ الى عاصفة في المجتمع وتكون النهاية أن هذا الإنسان يعود للساحة الاجتماعية أو السياسية أو الدينية من باب أن المجتمع ينسى لأن أصله إنسان وهو خلق للنسيان ويقوم ونتيجة لموقعه الجديد في تفسير والحكم على الأمور وكأن شيئا لم يكن وكأن تاريخه السابق أصبح في غياهب النسيان ، ويستند بقوة نتيجة قرار وضعه في هذا المكان تم من قبل سلطات إما اجتماعية أو سياسية أو دينية عليا مما يعطيه الحق بممارسة هذا الدور الجديد ، وحقيقة ان الناس ينسون هي تناقض عقلية هؤلاء "الحمير" التي تقول انهم بشر وليس حمير كما يقال .